توقعات بتلاشي الاتحاد الأوروبي
يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون الأميركية تشارلز كوبتشان إن الاتحاد الأوروبي آخذ بالتلاشي بشكل تدريجي، مضيفا "إننا قد ننظر يوما حولنا عبر الأطلسي لندرك أن مشروع الدمج الأوروبي الذي آمنا به على مدار نصف القرن الماضي قد اختفى".
ويوضح كوبتشان، وهو باحث مقيم بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية ومؤلف كتاب "كيف يصبح الأعداء أصدقاء" بالقول إن الاتحاد الأوروبي لن يشهد موتا مفاجئا، ولكنه يتآكل بشكل بطيء عبر ازدياد ظاهرة القومية وعوامل أخرى أبرزها اقتصادية والتي قد تودي بالاتحاد رويدا رويدا حتى تقضي عليه.
ويمضي الكاتب بالقول إن الأزمة المالية عصفت بالعديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، في ظل ارتفاع مديونياتها المحلية وعدم وضوح الرؤية إزاء ما أسماه اعتلال صحة البنوك المركزية للقارة، مما ينذر بمزيد من المشاكل والأزمات المستقبلية.
وقال كوبتشان إن الأزمة المالية وتداعياتها على دول الاتحاد الأوروبي قد تهون وتبدو عاملا ضعيفا أمام ما وصفه بالعلة أو الطامة الكبرى المتمثلة في ما تشهده دول الاتحاد من ميل إلى العنصرية والقومية والأممية الضيقة.
وأضاف الكاتب في مقال نشرته له صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن عواصم الدول الأوروبية من لندن إلى برلين إلى وارسو كلها تشهد ما وصفها بحالة من الانكفاء على الذات على المستوى السياسي، وأن البعض بدأ يشتاق إلى الماضي أو السيادة التي كان يتمتع بها على المستوى القُطري قبل أن يضحي بها من أجل فكرة الاتحاد أو ما أسماه المثل الأعلى الجماعي.
وبالنسبة للكثير من الأوروبيين، فإنهم لم يعودوا يقلقون كثيرا إزاء الصالح العام للاتحاد، بل صاروا يتساءلون عما يمكن للاتحاد أن يقدمه لهم؟ وبعضهم بدأ يتساءل في ما إذا كانت فكرة الاتحاد تستحق كل هذا العناء؟
وقال الكاتب إنه إذا استمر الأوروبيون في نهجهم السياسي والاقتصادي على هذا المنوال، فإنهم سرعان ما يخسرون اتحادهم ويتسببون في تلاشي ما وصفه بأكبر وأهم إنجازات أوروبا بالقرن العشرين أو الإنجازات المتمثلة في أوروبا متحدة متصالحة مع الذات وتسعى لأن تصبح قوة مشتركة عظمى.
وبينما أشار كوبتشان إلى أمثلة متعددة بشأن ما وصفه الانكفاء السياسي على الذات الذي بات يشكل ظاهرة عند معظم دول الاتحاد، أوضح أن الناخبين الهولنديين والفرنسيين سبق لهم عام 2005 أن صوتوا ضد اتفاقية الدستور الأوروبي، وأن انتخابات مايو/ أيار 2010 بالمملكة المتحدة جاءت بائتلاف يسيطر عليه حزب المحافظين أو من وصفهم بكونهم معروفين بخوفهم من فكرة الاتحاد الأوروبي برمته.
وفي حين أشار الكاتب إلى ما وصفه بشعور إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإحباط إزاء الفاعلية السياسية الأوروبية الآخذة بالتضاؤل على المستوى الدولي وبالتقوقع والانكماش على الذات، أضاف أن أوروبا لم تعد مهتمة بالتنافس العسكري على المستوى الدولي وأن السياسات الأوروبية ماضية لأن تصبح أقل أوروبية وأكثر محلية وضيقة للدرجة التي باتت تهدد الاتحاد الأوروبي في أن يصبح اتحادا بالاسم فقط.
وخلص كوبتشان بالقول إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى جيل جديد من القادة يأخذون بيده للحياة، خشية أن يمضي فيموت بشكل بطيء، وإن أولئك القادة غير موجودين على الساحة في الوقت الراهن.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن واشنطن بوست
إضافة تعليق جديد