ثلاثون عاماً والتلوث يزداد شباباً

ما الذي جرى ويجري بخصوص محطات معالجة مصبّات الصرف الصحي سواء التي خصصت لها مبالغ من الموازنة المستقلة للمحافظة أم التي خصصت لها مبالغ من الحكومة في موازنة وزارة الإسكان والتعمير ؟

ولماذا لم يتم الإنجاز النهائي حتى الآن لأي محطة معالجة صغيرة أو متوسطة أو كبيرة باستثناء محطة صغيرة في خربة المعزة مضى على المباشرة بها عدة سنوات وأخرى صغيرة في تعنيتا ما زالت أوضاعها غير مستقرة؟‏

ثم هل يعقل وهل يجوز أن تعجز الجهات المحلية في طرطوس عن البت النهائي بموقع محطة معالجة الدريكيش في (بيت خميس) علماً أن المحطة واردة في خطة وزارة الإسكان منذ /4/ سنوات ؟‏

والموقع صدر فيه قرار استملاك منذ زمن ثم تمَّ الاعتراض عليه وبقي كل هذه السنوات دون قرار لا بالموقع المستملك ولا بموقع بديل.. ودون أي تدخل أو أي عمل لحلول إسعافية لنهر مياه الصرف الصحي الذي يصب في الموقع والذي حوّل المنطقة إلى بؤرة تلوث كبيرة وخطيرة جداً ما أدى إلى إغلاق منشآت سياحية كانت موجودة فيها وإلى هجر الناس لأراضيهم الزراعية بسبب الروائح التي لا تطاق... الخ؟‏

إن أي تدقيق أو تحقيق موضوعي بملف محطات معالجة الصرف الصحي سيؤدي إلى نتيجة أساسية مفادها أن متابعات المحافظة واهتماماتها في هذا المجال ضعيفة وغير منتجة ولا تتناسب مع الوعود التي سمعناها منذ بداية 2009 وحتى الآن وقبل ذلك بسنوات أيضاً!! وفي هذا المجال سنتوقف عند قضية الصرف الصحي لمدينة طرطوس، هذه القضية التي مضى عليها /30/ عاماً دون أن تعالج حتى تاريخه، علماً أن الدولة أنفقت عليها مئات الملايين من الليرات السورية وقسم كبير منها يدخل في باب هدر المال العام إضافة لهدر الزمن..‏

وضمن هذا الإطار ما زالت المحطات التي ستضخ مياه الصرف الصحي إلى موقع محطة المعالجة الرئيسية شمال المدينة متعثرة.. كما أن خط الضخ الرئيسي من موقع مشوار حتى محطة المعالجة والذي نفذ منذ عشرين عاماً من (الانترنت) قد تخرّب نهائياً قبل وضعه بالخدمة ما اضطر وزارة الإسكان لاستبداله منذ سنوات ومع ذلك ما زال دون استثمار!!‏

خط مفيض‏

أما بالنسبة لخط مفيض الصرف الصحي على شاطئ البحر لمدينة طرطوس: كانت وما زالت الروائح الكريهة الصادرة عن مياه الصرف الصحي التي تصب على شاطئ مدينة طرطوس مباشرة حديث كل أبناء طرطوس.. وأيضاً حديث كل من حضر وشارك في مهرجانات صيف طرطوس 2010..‏

ولا سيما أن المنصة الرئيسية لحفل افتتاح المهرجانات ولحفلاته الغنائية والفنية وضعت (بكل أسف) عند المكان الذي تصب فيه كل مجارير المدينة التي تم تجميعها بهدف إنشاء خط مفيض لها داخل البحر بعمق يزيد عن /3250/ متراً.. وهذا المفيض سيستخدم ريثما يتم الانتهاء من محطة ضخ مياه الصرف الصحي التي بوشر بها عام 1980 قرب مطعم المشوار (أمام المسرح القومي) وريثما تعمل محطة المعالجة الرئيسية التي باشرت بها الشركة الإيرانية شمال مدينة طرطوس (بعد عشر سنوات من الانتظار والتقصير في معالجة خلافات سابقة مع شركة أخرى) كما سيتم استخدامه عند حصول أي عطل فني في محطة الضخ عند تشغيلها.‏

كما أن هذه الروائح الكريهة التي لا تطاق حديث كل أبناء المدينة الذين (يتمشون) على مشروع الكورنيش الجديد ( المميز ) بشكل يومي.. وحديث زوار هذا المشروع الجميل الذي كلف الدولة نحو /1.5/ مليار ليرة سورية وكان لزيارة السيد الرئيس بشار الأسد له في 19/9/2005 الأثر الكبير في دعمه وإنجازه.‏

خلافات‏

المهم الآن أن مشروع خط مفيض الصرف الصحي الذي تمت دراسته منذ /3/ سنوات وبات جاهزاً للتنفيذ لم يتم التعاقد عليه حتى الآن من المحافظة أو وزارة الإسكان والتعمير، وكلما سألنا عن وضعه يقال: إن الخلافات بين وزارة الإسكان والتعمير وبين شركات القطاع العام مازالت قائمة حول الأسعار، فبعد أن تم استبعاد فرع السدود من التعاقد لطلبه أسعاراً مرتفعة كما قيل يتم منذ فترة عقد الاجتماعات مع شركة البناء والتعمير للاتفاق على أسعار العقد دون جدوى حتى تاريخه.‏

السؤال: إلى متى سيبقى هذا الواقع المؤلم ومتى سنجد الجهة الحريصة والمتابعة وصولاً إلى تحويل الأقوال والتصريحات والخطط إلى واقع على الأرض؟‏

-مدير عام الشركة العامة للصرف الصحي في محافظة طرطوس المهندس مازن غنوم أجاب عن تساؤلاتنا المتعلقة بهذه القضايا..فبالنسبة لمحطة معالجة مدينة الدريكيش قال: يوجد اعتراض على الموقع المحدد لمحطة المعالجة وذلك بسبب قربه من موقع ديني ( مزار ) ومن أجل مراعاة الواقع الاجتماعي وحرصاً من الوزارة والجهات المعنية بالمحافظة تم تكليف الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية فرع المنطقة الساحلية لإعداد دراسة متكاملة وقد تم توقيع العقد من أجل إعداد الدراسة بالعقد رقم 65/25/4/6 تاريخ 20/5/2010 وتم إعطاء أمر المباشرة بتاريخ 26/5/2010.‏

وبالنسبة لواقع محطات الضخ قال: سيتم إيصال جميع المياه المالحة لمدينة طرطوس إلى محطة المعالجة المركزية عبر ثلاث محطات ضخ وهي (الغمقة -مشوار - العجمي).‏

1- واقع محطة ضخ الغمقة: تم تعديل الموقع المقترح لها وذلك بسبب ظهور الآثار وقد تم تحديد الموقع الجديد بجانب نادي الضباط على الكتف الجنوبي لنهر الغمقة وذلك بموجب عقد مع الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية وتم إعداد الدراسة اللازمة لهذه المحطة (أعمال مدنية + تجهيزات).. تم الإعلان عن تنفيذها وآخر موعد كان لتقديم العروض هو 10/8 سوف تتم المباشرة بالتنفيذ (أعمال مدنية + تجهيزات) في حال نجاح الإعلان مباشرة مع الإشارة إلى أن هذه المحطة تقوم بضخ مياه الصرف الصحي من جنوب نهر الغمقة عبر خط الإسالة المنفذ من الوزارة إلى محطة ضخ مشوار.‏

2- محطة ضخ مشوار: تقوم هذه المحطة بضخ المياه المالحة إلى محطة المعالجة عبر خط الضخ.. الأعمال المدنية لهذه المحطة منفذة بحاجة إلى إعادة تأهيل..‏

التجهيزات الكهربائية والميكانيكية: تم التعاقد على توريد التجهيزات الكهربائية والميكانيكية مع شركة لوسنت الكورية الجنوبية وفق العقد رقم 8/25/4/6 تاريخ 17/2/2010 وسوف يتم إعطاء أمر المباشرة خلال الأسبوع القادم وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات العقدية ولا سيما فتح الاعتماد المستندي.‏

بحاجة لتأهيل جديد‏

خط ضخ مشوار: منفذ حيث تم التعاقد مع الشركة العامة للمشروعات المائية فرع طرطوس بموجب العقد رقم 22/25/4/6 تاريخ29/3/2006 بقيمة إجمالية /33.586.650/ل.س وتم استلامه وهو جاهز للاستثمار طبعاً بعد تجربته.‏

تمت مخاطبة بلدية طرطوس من قبل الشركة من أجل إعادة تأهيل المبنى وسوف يتم ذلك بالتوازي.‏

3- محطة ضخ العجمي: ستقوم بضخ المياه المالحة الناتجة عن القسم الشرقي والشمالي للمدينة إلى محطة المعالجة، تم التعاقد على تنفيذ الأعمال المدنية لهذه المحطة مع الشركة العامة للمشروعات المائية فرع طرطوس بموجب العقد رقم 162/25/4/6 بقيمة /8263325/ل.س وتم الانتهاء من تنفيذ الأعمال المدنية.‏

التجهيزات الكهربائية والميكانيكية: تم التعاقد على توريد التجهيزات الكهربائية والميكانيكية مع شركة لوسنت الكورية الجنوبية بموجب العقد رقم 8/25/4/6 تاريخ 17/2/2010 وسوف يتم إعطاء أمر المباشرة خلال الأسبوع القادم وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات العقدية ولا سيما فتح اعتماد مستندي.‏

بدأت الإجراءات‏

ويضيف المهندس غنوم: من الملاحظ الأهمية التي توليها وزارة الإسكان والتعمير من أجل رفع التلوث عن الساحل وخاصة ساحل مدينة طرطوس حيث بالإضافة للإجراءات السابقة لا بد من التأكيد على الإنطلاق والمباشرة بالعمل في محطة معالجة طرطوس المركزية التي تم التعاقد على تنفيذها مع شركة طهران ميراب الإيرانية حيث تم تسليم موقع العمل وبدأت الشركة بالإجراءات اللازمة للانطلاق بالعمل من حيث تجهيز الموقع العام وتأمين الآليات اللازمة وكذلك قامت الوزارة بتوقيع عقد تدقيق الدراسة المعدة والمقدمة من قبل شركة طهران ميراب الإيرانية حيث تقوم الشركة المنفذة بتقديم المخططات والدراسة للجهة المدققة وسيتم المباشرة بالتنفيذ بعد اعتمادها من قبل الجهة المدققة وكذلك تم تشكيل فريق للإشراف من قبل شركة الدراسات وشكل السيد وزير الإسكان والتعمير فريقاً للمتابعة يكون جهة الوصل بين المتعهد والإشراف لحل جميع الإشكالات بالتالي نرى جميع هذه الإجراءات يتم تنفيذها بالتوازي وتصب جميعها بحل ورفع التلوث الحاصل من مياه الصرف الصحي وإن شاء الله خلال فترة قريبة نرى النتائج الإيجابية لذلك.‏

حل إسعافي‏

أما بالنسبة لخط المفيض فيقول: هو فكرة حل إسعافي حالياً حتى يتم الانتهاء من تنفيذ محطة المعالجة والإسهام في رفع التلوث الحاصل جراء مجاري مدينة طرطوس وكذلك الإقلال من الروائح حيث تم التعاقد بالتراضي مع الشركة العامة للمشروعات المائية فرع السدود لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق على الأسعار لذلك قامت الوزارة بالتعاقد بالتراضي لتنفيذه مع الشركة العامة للبناء والتعمير وقد تم تشكيل لجنة للاتفاق على الأسعار وسوف تباشر اللجنة عملها فور تقديم الشركة عرضها حيث قامت الشركة بمخاطبة الجهة صاحبة المشروع ( مدينة طرطوس ) حول إمكانية تغيير في نوع البوري الوارد في الدراسة المقدمة وبدورها قامت الجهة صاحبة المشروع بمخاطبة الجهة الدارسة لبيان الرأي الفني في ذلك والموضوع متابع من قبل الشركة العامة للصرف الصحي.‏

ويختم مدير عام الشركة إجاباته بالقول: لا بد من الإشارة إلى أن الوزارة قامت بالمشروعات التالية وجميعها منفذة ضمن مدينة طرطوس:‏

-مشروع الصرف المطري للكورنيش البحري بقيمة /37.358.100/ل.س.‏

- مشروع الصرف الصحي مشوار /33.586.650/ل.س.‏

- محطة ضخ العجمي /8.362.325/ل.س.‏

- وتمت المباشرة لتنفيذ محطة طرطوس المركزية بقيمة مليار و/100/ مليون ل.س.‏

تعقيب وملاحظات‏

بعد هذه الإجابات لا بد من القول إن وزارة الإسكان والتعمير تولي محطات المعالجة بمحافظة طرطوس في الفترة الأخيرة اهتماماً جيداً لكن مع ذلك نؤكد على ما ورد في بداية هذه المادة الصحفية ونضيف تعقيباً على ما ورد في إجابات مدير عام شركة الصرف الصحي ما يلي:‏

إن الاعتراض على موقع محطة معالجة الدريكيش المستملك مضى عليه نحو /4/ سنوات وكان يجب أن يبت بالاعتراض سلباً أو إيجاباً خلال ستة أشهر على الأكثر لا أن تبقى الأمور معلقة كل هذه السنوات ولا سيما وأن الواقع الناجم عن مياه الصرف الصحي مأساوي من جميع الجوانب.. ثم لماذا تأخرنا في التعاقد مع شركة الدراسات لإعداد دراسة جديدة لموقع المحطة الأنسب؟ وهل حددنا لها مدة لإنجاز الدراسة؟‏

بداية المشكلة بشأن محطة ضخ الغمقة لم تكن بسبب الآثار أبداً إنما لحصول خلافات مع المتعهد الأساسي الذي كانت الوزارة متعاقدة معه على التنفيذ.. وبسبب الخلافات الحادة واللجوء إلى القضاء تأخر العمل ثم توقف وبعد ذلك دخل موضوع الآثار على الخط منذ أكثر من سنتين دون أن يعالج إلا في وقت متأخر.. ونعتقد أن عدم إعلان تنفيذ المحطة وتجهيزاتها سيؤخر البدء بالعمل فترة جديدة لانعرف مدتها.‏

محطة ضخ مشوار نفذت أعمالها المدنية منذ سنوات عديدة وبسبب عدم تجهيزها واستثمارها (استثمارها مرتبط بإنجاز محطة المعالجة الرئيسية للمدينة) باتت بحاجة إلى تأهيل ولا ندري كم سيستغرق هذا التأهيل والتجهيز من زمن ومال!!‏

خط المفيض تأخر كثيراً وهو مهم وضروري جداً ويبدو أنه سيسجل تأخيراً جديداً في ضوء ما جرى وفي ضوء عدم الاتفاق على الأسعار وكنت أتمنى أن يتضمن الرد بعض المعلومات عن هذا المشروع.‏

هدر في الزمن والمال‏

وأخيراً ثمة موضوعات وقضايا أخرى تتعلق بتعثر مشروعات الصرف الصحي في محافظة طرطوس وبهدر الزمن والمال العام في الكثير من مكوناتها (خطوط- مجمعات- محطات ضخ- محطات معالجة...) كما تتعلق بالتلوث الخطير الذي تسببه عشرات مصبات الصرف الصحي المنتهية بشكل عشوائي إلى بحيرات السدود والأنهار والأراضي والحراج والبحر.... (أكثر من /400/ مصب).. ورغم أننا كتبنا عنها مرات عديدة في أعداد سابقة.. فإننا سنعود إليها في أعداد لاحقة لنضع القراء الأعزاء (مواطنين ومسؤولين) بما نفذ وما لم ينفذ من المشروعات والمحطات التي وضعت بالخطط السنوية أو الخمسية وأسباب عدم التنفيذ.‏

هيثم يحيى محمد

المصدر: الثورة