ارتفاع معدلات الطلاق في دول مجلس التعاون الخليجي
أظهرت الاحصاءات الأخيرة أن معدلات الطلاق الإجمالية كنسبة مئوية من جميع حالات الزواج في دول الخليج بلغت 20٪ في المملكة العربية السعودية عام 2008 ، 24 ٪ في البحرين 2007 ، 25.62 ٪ في دولة الإمارات العربية المتحدة 2008، و 34.76 ٪ في قطر 2009 ، و 37.13 ٪ في الكويت 2007 .وهنا تعلّق الدكتورة منى صلاح الدين المنجد المستشارة في مركز الفكر: "تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الطلاق تكاد تتساوى مع نسبة الزواج في الفئة العمرية 20-29 سنة، وبلغت معدلات الطلاق حدها الأقصى في الفئة العمرية 30-39 سنة، مما يشير إلى أن الأزواج الشباب هم غالباً أكثر عرضة للطلاق في السنوات الأولى من الزواج". ما هو سبب هذا الارتفاع المقلق وكيف يمكن وقفه؟
سببا الطلاق: الحياة العصرية والتقاليد
شهدت الفترة منذ اكتشاف النفط قبل 78 سنة تراكما للثروات الضخمة، انتشار التصنيع، تحولا متسارعا نقل البدو من حياتهم المستقرة إلى حياة المدن، تطورا في البنية التحتية، توسعا في التعليم، كما ظهرت القنوات الفضائية والانترت. وأدت كل هذه التحولات المتسارعة إلى تغيرات رئيسية في المنطقة مما أثر على المعايير الاجتماعية والشخصية والسلوكية لسكان منطقة دول الخليج. وأوجد ذلك قوتين متباينتين في بلدان مجلس التعاون الخليجي: الحياة العصرية والتقاليد.
تقول الدكتورة المنجد: "للأسف، تشير الدلائل إلى أن الحياة العصرية، بما في ذلك الإنتقال من مرحلة البداوة الى الحياة المدنية، أضعفت من شأن بعض القيم والسلوكيات التقليدية التي كانت تضمن تماسك العائلات، ففرضت الحياة العصرية موجبات جديدة على المتزوجين. وفي الوقت نفسه، تقوّض بعض التقاليد والممارسات الاجتماعية الموروثة ربما بُنية الزواج في بيئة الخليج المتجهة نحو التحديث و مواكبة العصر". ويعد تعليم المرأة ومشاركتها الاقتصادية في القوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي من أكبر المحفزات للتغيير في المجتمعات الخليجية. ولقد وفرت فرص التعليم المتقدمة و المشاركة في سوق العمل للنساء قدرة على التنقل لم تكن متوافرة في الماضي واتاحت لهن فرصة الاستقلال الإجتماعي والمالي والنفسي. وتضافرت كل هذه العوامل لتؤدي إلى ارتفاع دراماتيكي لمعدلات الطلاق.
خطوات نحو الحل
على الرغم من أن الطلاق قد يكون أمرا جيدا لإنهاء بعض الزيجات السيئة، فإنه يمكن أن يكون مضرّاً بكيان العائلة والمجتمع عموما. و يزداد الوعي حاليا في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لانتشار ظاهرة الطلاق وآثارها السلبية. فقد فاتخذت عدد من دول مجلس التعاون الخليجي منفردةً خطوات قانونية واجتماعية عدة لوقف ارتفاع معدلات الطلاق، مثل تطبيق قوانين جديدة من شأنها منع الزوج من لفظ كلمة "طلاق" بشكل متهور، وتنظيم برامج مختلفة لزيادة الوعي للآثار السلبية التب تنجم عن الطلاق.
تجدر الإشارة إلى أن النساء يتأثرن سلبا بالطلاق أكثر من الرجال. والواقع أن وضع المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال عرضة للتمييز السلبي في قضايا الطلاق، وذلك لعدم وجود آليات تتحقق من تنفيذ القوانين المعنية بحقوق المرأة الشرعية. ويُذكر في هذا السياق أن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت أيضا اتخاذ خطوات تضمن المزيد من الحماية للنساء في سياق الطلاق. ومن المرجح أن يساهم تعيين النساء في السلك القضائي والقانوني كقضاة ومحامين أخيرا في تفسير قانون الأسرة بشكل يراعي المرأة أكثر. وشهدت البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر تعيين أولى القاضيات في منطقة مجلس التعاون الخليجي. وبدأت المملكة العربية السعودية وقطر والكويت اتخاذ خطوات مختلفة لمساعدة النساء عبر إعطائهن بعض الحقوق المالية وحقوق الحضانة.
توصيات
تُعتبر الخطوات المذكورة آنفاً مفيدة ولكن يمكن القيام بالمزيد. وهنا، تستطيع الحكومات إجراء المزيد من البحوث حول ظاهرة الطلاق في كل من بلدان مجلس التعاون الخليجي، على أن تشمل البحوث إنشاء قواعد بيانات إحصائية عن مختلف الفئات الاجتماعية، فضلا عن اجراء مسوحات ميدانية في اوساط القضاة والرجال والنساء الذين مروا بتجارب طلاق، ومعلمي المدارس والعاملين في مجال الصحة العقلية، بالإضافة الى المرشدين الاجتماعيين في المواضيع ذات الصلة.
بعض الحلول قد تشمل أيضا انشاء مراكز استشارية للمتزوجين لتوفير المشورة قبل الزواج وبعده وقبل حدوث الطلاق وبعده. وستساهم هذه المراكز في تشجيع الحوار بين أفراد الأسرة وتنظّم دورات تدريبية لتوعية المقبلين على الزواج. وتختم الدكتورة المنجد: "يمكن التركيز أيضاً على تعزيز الحماية القانونية للنساء والأطفال وفرض تطبيق قوانين الحفاظ على حقوق المرأة المطلّقة. وينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي أن تجعل قوانينها الوطنية متوافقة مع التزاماتها الدولية في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين".
الجمل
إضافة تعليق جديد