عندما تنتصر أكاذيب إسرائيل على تلفزيونات الغرب

10-06-2011

عندما تنتصر أكاذيب إسرائيل على تلفزيونات الغرب

بلغت حرب البروباغاندا حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أشدها. في العام 2004، نشرت جامعة غلاسكو البريطانية دراسة شاملة حول التغطية التلفزيونية للانتفاضة الثانية، وأثرها على الرأي العام. قام فيها الباحثون، بينهم غريغ فيلو، بتحليل 200 برنامج تلفزيوني، وحاوروا أكثر من 800 شخص. وكانت النتيجة: «التقارير الإسرائيلية تهيمن على التغطيات».
منذ صدور هذه الدراسة، ولم تتوقف الاتصالات التي تلقاها غريغ فيلو، الذي أصدر مؤخراً مع مايك بيري كتاباً بعنوان «مزيد من الأخبار السيئة من إسرائيل»، الذي شارك في إعداد دراسة غلاسكو، وروى فيها صحافيون، وخاصة من هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، رووا لمعدي الدراسة عن الضغوط الكثيرة التي يعانون منها والتي تجبرهم على الحد من انتقادهم لإسرائيل. تحدثوا عن «خشيتهم من تلقي اتصالات من الإسرائيليين»، وهم يعنون السفارة الإسرائيلية أو «أعلى»، وعن أن مكتب «بي بي سي: في القدس المحتلة «يستند الى الأميركيين»، وأعربوا عن إحساسهم «بالذنب من الرقابة الذاتية» التي يفرضونها على أنفسهم... كل ذلك ولا تزال «بي بي سي» تصر على عدم نشر نتائج الدراسة.
وماذا فعل الإسرائيليون في هذا الوقت؟ لقد كثفوا جهودهم الإعلامية. وعندما خططت الدولة العبرية لعدوانها على غزة في كانون الأول 2008، أسست «إدارة المعلومات الوطنية»، فيما كانت تمنع المراسلين من الدخول إلى القطاع المحاصر. وفي العام 2010، عندما هاجمت اسطول الحرية، بثت صورا «أعدتها» وذيلتها بتعليقاتها الخاصة حول ما يفترض أنه حصل. هذه التقارير المضللة عرفت طريقها الى البرامج التلفزيونية الإخبارية. وحين دحضت الأمم المتحدة هذه التقارير، بالكاد حصلت على التغطية.
صممت الجهود الإسرائيلية في المجال الإعلامي لصياغة الرسائل المحددة التي يتعين تعميمها على المصادر الإخبارية، بحيث يكررها كل متحدث إسرائيلي. ووفقا للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، لقد قدّمت «الرسائل الأميركية» التي تم تحليلها بشكل مكثف من قبل «مشروع إسرائيل»، ومقره في الولايات المتحدة، «إسرائيل أدوات جديدة في المعركة من أجل كسب القلوب والعقول في العالم».
وفي تقرير يقع في أكثر من 100 صفحة، لا هو للنشر ولا للتوزيع، هناك قائمة من التصريحات الإسرائيلية المحتملة، وقد وزعت وفق خانتين «الكلمات التي تؤثر» و«الكلمات التي تنفر المستمع». وهناك أيضا قائمة بشأن ما يجب قوله وما يجب تجنبه: تفادى الدين، الرسائل الإسرائيلية يجب أن تركز على الأمن والسلام، التمييز جيدا بين الفلسطينيين وحركة حماس، ولا هَمَّ أن الفلسطينيين انتخبوا حماس ديموقراطيا.
تبدو الأخبار التي تبث على تلفزيونات الغرب منصاعة على نحو مذهل «لآداب» الإعلام هذا. والصحافيون امتثلوا، وهكذا باتت «حماس» هي التي تهاجم لا الفلسطينيين: «القصف يتواصل على أهداف حماس» (قناة بي بي سي1 - 31 كانون الأول 2008) و«العدوان على حماس يدخل أسبوعه الثاني» (بي بي سي1 - 3 كانون الثاني 2009).
الصور التي رشحت عن هذا العدوان كانت قاسية، لكن الرسائل الإسرائيلية كانت أقسى وأقسى. فالعدوان كان ضرورياً «للرد» على الصواريخ الفلسطينية!
في تحليل لأكثر من أربعة آلاف خبر بثت على التلفزيونات البريطانية، تبين للباحثين أن أياً منها لم تغط قتل الإسرائيليين لأكثر من ألف فلسطيني، بمن فيهم مئات الأطفال، خلال ثلاث سنوات قبل العدوان. التصريحات الإسرائيلية بشأن سبب العدوان، فاقت بثلاثة أضعاف تصريحات الفلسطينيين، التي اقتصرت (عمداً ربما) على تلك التي تتوعد إسرائيل بالثأر. أسباب النزاع كانت غائبة، فلا الفلسطينيون اقتلعوا من منازلهم، ولا سلبوا أرضهم ولا حوصروا حد الاختناق!
هكذا يلتزم الصحافيون بقيود التغطية الصارمة عندما يعلقون على صور «الضحايا المدنيين»، من دون كثير من البوح عن الأسباب التي تدفع الفلسطينيين الى القتال.


ترجمة جنى سكري- السفير
غريغ فيلو- (عن «الغارديان»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...