المعارضة السورية تطالب بالتدخل الدولي

بعد سلسلة من الشعارات المثيرة للجدل وحتى الشك في هوية المعارضة السورية ونواياها السياسية، أطلقت ما يدعى ب «الهيئة العامة للثورة السورية» شعار «جمعة الحماية الدولية»، الذي لا يدع مجالا لأي التباس في طلب استدعاء تدخل دولي في الأزمة السورية الداخلية التي كانت المعارضة نفسها تصر أكثر من النظام على اعتبارها صراعا داخليا، لا يحتمل اي انتهاك لقواعده السلمية ولا أي استدعاء للخارج، لا سيما في ضوء التجربة الليبية الدموية.
في هذا الوقت أعربت موسكو أمس، عن اقتناعها بأن التوصل إلى «تسوية سياسية» في سوريا ما زال ممكنا، وبأن الرئيس بشار الأسد يتمتع بـ«فرصة للتحديث» إذا أصبحت «الطبقة الحاكمة أكثر انفتاحا»، معتبرة أن في صفوف المعارضة من «يمكن وصفهم بالإرهابيين»، وهو ما يبدو انه اقسى إدانة روسية لحركة الاحتجاج السورية.

وقال الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف خلال مقابلة مع قناة «يورونيوز»: «أعتقد أنه اذا قررنا توجيه رسالة قاسية الى سوريا، سيتعين علينا ان نقوم بالامر نفسه حيال المعارضة. ان الذين يرددون شعارات مناهضة للحكومة هم أناس متنوعون. ان البعض منهم، هم بوضوح، متطرفون. حتى ان بالإمكان وصف آخرين بأنهم إرهابيون».
وأكد الرئيس الروسي «صحيح، نعترف بأن مشاكل تحصل في سوريا. اننا نعي الاستخدام غير المتكافئ للقوة، وندرك العدد الكبير من الضحايا، وهذا امر نشجبه». وأضاف ميدفيديف «اننا على استعداد لدعم مختلف التوجهات، لكن ينبغي الا تكون قائمة على إدانة أحادية لأعمال الحكومة والرئيس بشار الاسد. ان مصلحة روسيا من اجل مثل هذا الحل تكمن ايضا في ان سوريا بلد صديق نقيم معه علاقات اقتصادية وسياسية جمة».
من جهته، قال مبعوث الكرملين إلى المنطقة ميخائيل مارغيلوف للصحافيين في مؤتمر بمدينة ياروسلافل الروسية إن «احتمالات التوصل الى تسوية سياسية (في سوريا) لا تزال ممكنة. نحاول التقريب بين الحكومة والمعارضة. ما زلنا نأمل في امكانية إقامة آلية من نوع ما للجمع بينهما.» وأضاف مارغيلوف الذي يرأس أيضا لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي «بشار الأسد زعيم علماني.. انه شاب متعلم جيدا وواسع الأفق. نعتقد ان لديه فرصة للتحديث في بلاده اذا أصبحت الطبقة الحاكمة في سوريا أكثر انفتاحا وأكثر قبولا للأفكار الجديدة وأكثر تفاعلا في التعامل مع قطاعات السوريين الأخرى».
وقال مارغيلوف إن روسيا مستعدة لإجراء محادثات مع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن بشأن مشروع قرار خاص بسوريا لكنه أوضح ان ذلك لن يكون حول التخلي عن جهودها لحشد التأييد لمسودة القرار التي وضعتها موسكو. وتفضل الدول الغربية قرارا دوليا يفرض عقوبات على سوريا، فيما قال مارغيلوف «أعددنا مسودتنا الخاصة للقرار الذي أرى انه يقدم خارطة طريق حقيقية جيدة لتسوية سياسية من نوع ما. لا يزال لدينا وقت لمناقشات مع زملائنا الغربيين حول القرار الذي سيكون أفضل».
وحين سئل بشأن ما اذا كانت روسيا قد تؤيد مشروع القرار الغربي قال «نريد الحصول على مزيد من التأييد لمشروع القرار الخاص بنا». وأضاف مارغيلوف ان «الغرب ربما كان ساذجا في ما يتعلق ببعض قراراته أثناء الربيع العربي، لوجود خطر من وصول متشددين اسلاميين للسلطة عاجلا أو آجلا». وأضاف انه سيشارك في محادثات في موسكو الاثنين المقبل مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قبل ان يغادر في جولة يزور خلالها لبنان والنيجر ومالي والصومال والمغرب. وبعد ذلك سيتوجه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث ستجرى محادثات مع الزعماء الجدد في ليبيا.
ويجتمع مارغيلوف مع شخصيات من المعارضة السورية في موسكو اليوم ويجري محادثات مع مستشارة الأسد بثينة شعبان الاثنين المقبل قبل ان يبدأ جولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا الأسبوع المقبل تتضمن محادثات بشأن سوريا.

وناشدت «الهيئة العامة للثورة السورية» المجتمع الدولي إرسال مراقبين في مجال حقوق الإنسان للمساعدة في وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين في سوريا. وقالت الهيئة إن زيادة عدد القتلى بين المتظاهرين في الآونة الاخيرة ومنذ بدء الاحتجاجات قبل قرابة ستة أشهر أقنعت العديد من السوريين بالحاجة الى طلب مساعدة من الخارج. وقال المتحدث باسم الهيئة أحمد الخطيب إن الدعوة لتدخل خارجي قضية حساسة قد يستخدمها النظام لاتهام معارضيه بالخيانة. وأضاف أن المعارضين السوريين يطالبون بإرسال مراقبين دوليين كخطوة أولى. وأوضح أنه إذا رفض النظام فإنه سيفتح الباب أمام تحركات أخرى مثل فرض منطقة حظر طيران أو حظر استخدام الدبابات.
يأتي ذلك فيما دعا المعارضون الى التظاهر اليوم تحت تسمية «جمعة الحماية الدولية». وطالب الناشطون على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بحماية دولية ونشروا على صورة الدعوة «اين المجتمع الدولي مما يحصل؟». وأضافوا «نطالب بدخول مراقبين دوليين، نطالب بدخول وسائل الاعلام، نطالب بحماية المدنيين».
وقال وزير الدفاع السوري العماد داود راجحة خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية إن «أصحاب المشاريع المشبوهة والمخططات المعادية ماضون في سياساتهم الاستعمارية الرامية إلى تفتيت دول المنطقة وشرذمة شعوبها بهدف نهب ثرواتها والسيطرة على مقدراتها عبر تعميم الفوضى وعدم الاستقرار وباستخدام شعارات براقة تدعو لحرية كاذبة وديموقراطية مزعومة مستخدمين في سبيل ذلك أساليب وأدوات رخيصة تسهل عليهم تنفيذ مآربهم الدنيئة»، لافتاً إلى أن «استهداف سوريا في هذا الإطار يأتي كونها ممثلة للنهج القومي العروبي المقاوم الذي يقف في وجه أطماعهم ومشاريعهم في المنطقة».
وأضاف راجحة أن «صمود سوريا لا تكسره مؤامرة ولا تضعفه ضغوط وذلك بسبب تماسك الشعب السوري وتلاحمه مع قيادته ووعيه لما يحاك ضد وطنه وأمته من مؤامرات مشيراً إلى أن الحملة المسعورة التي يقودها أعداء الأمة تعكس بشكل واضح فشلهم وتخبطهم جراء عجزهم عن تحقيق ما يرمون إليه وخاصة استخدامهم أساليب التضليل الرخيصة عبر فبركة الوقائع والأحداث الكاذبة التي تقوم بها فضائيات التحريض وتحريك مجموعات إرهابية إجرامية وظيفتها ترويع السكان الآمنين وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وقتل الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن والجيش».
ولفت العماد راجحة إلى أنه «بالرغم من استمرار المحاولات السياسية والدبلوماسية اليائسة بهدف استصدار قرار إدانة ضد سوريا عبر مجلس الأمن أو غيره من المؤسسات الدولية فإن سوريا ماضية ببرنامج الإصلاح الوطني الشامل انطلاقاً من كونه يعبر عن حاجة المجتمع وليس استجابة لضغوط فرضت من الخارج».
وناقشت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في محافظة درعا خلال اجتماعها الاستعدادات والإجراءات الواجب اتخاذها للبدء في جلسات الحوار الوطني بمحاورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية والتي ستنطلق يوم الأحد المقبل وتستمر حتى 18 أيلول الحالي بحسب وكالة «سانا». كما عقدت اللجنة التحضيرية لجلسات الحوار الوطني لجامعة دمشق اجتماعاً ضم أعضاء اللجنة الفرعية للمحور الاقتصادي تم خلاله توزيع المواضيع التي ستناقش في جلسات الحوار.

وكالات