الأطلسي يكثّف غاراته ولا يعرف مكان القذافي
كثفت طائرات حلف الأطلسي أمس، غاراتها على مواقع عسكرية تابعة لمناصري معمر القذافي، في مدينتي سرت وسبها، فيما سمح الجمود الميداني على جبهة المواجهة في بني وليد بفرار مزيد من سكان المدينة التي تعيش ظروفاً إنسانية صعبة. وأعلن الحلف أنه لا يعلم ما إذا كان القذافي لا يزال في ليبيا، فيما ذكر نجله الساعدي أنه موجود في النيجر «في مهمة إنسانية» لتفقد أوضاع اللاجئين الليبيين هناك.
وأعلن الحلف الأطلسي أنه قام بقصف منظومة رادار، و8 منظومات صاروخية أرض ـ جو، و5 بطاريات صواريخ أرض ـ جو، و3 آليات عسكرية قرب مدينة سرت مسقط رأس القذافي. كما أكد استهدافه لـ6 دبابات وآليتين قتاليتين مدرعتين في سبها.
وبعد مواجهات دامية الاحد الماضي في بني وليد، يتردد القادة العسكريون في شن الهجوم المعلن عن هذه المدينة المترامية. وواصلت عائلات مقيمة في بني وليد مغادرة المدينة هرباً من المعارك بين قوات القذافي والثوار الذين استقدموا أسلحة جديدة في محاولة للتغلب على المقاومة العنيفة التي يواجهونها خلال محاولتهم دخول المدينة.
واعلن مسؤول التفاوض عن جانب الثوار عبد الله كنشيل أن «هناك نقاشاً مع كتائب القذافي يجري عبر وسطاء ويهدف الى دفع تلك القوات لتسليم أسلحتها». لكنه شدّد على ان «لا نتيجة حتى الآن لهذا النقاش اذ تصرّ الكتائب على القتال وقد قامت مساء امس (الاثنين) بقصف مناطق سكنية في المدينة». وتابع قائلاً إن «القرار متروك للقادة العسكريين على الأرض للتعامل مع هذا الوضع».
وقال المقاتل ابراهيم بشير علي (25 عاماً) الذي يشرف مع مقاتلين آخرين على حاجز يبعد كيلومترات قليلة عن مدخل المدينة وتتمركز عنده مجموعة من الصحافيين إن «عشرات السيارات تعبر منذ الصباح هرباً من المدينة». وأضاف إن «العائلات التي تغادر تخضع للتفتيش خوفاً من وجود مندسّين فيها ثم تكمل طريقها باتجاه مناطق أخرى». وقال عبد المطلب (42 عاماً) العائد من المدينة مع ثلاثة من أقربائه إن «الوضع مستقر حالياً وهادئ في بني وليد لكن السكان يشعرون بالخوف».
واوضح عبد المطلب الذي يسكن عند اطراف المدينة ان «اذاعة الكذب والفتنة والعمالة تبث تهديدات منذ الصباح ضد اهالي المدينة بسبب محاولة الثوار دخولها، ما دفع المقاتلين الى التراجع عن تمركزهم عند أطرافها خوفاً على حياة السكان». وذكر ان «اصوات تبادل اطلاق النار تسمع بين الحين والآخر، الا انه لا معارك كبيرة حتى الآن». وتبث اذاعة موالية للقذافي في بني وليد التي يسكنها حوالى 150 الف نسمة نداءات متكررة الى المواطنين من اجل البقاء في منازلهم و«القتال حتى الموت». ويتحدث المذيع عن أن «الموت حق أينما كنتم». ويقول «لا بد ان ندافع عن شرف وكرامة بني وليد». ويتابع «تلك العصابات التي تهلل للناتو (حلف شمال الاطلسي) حين يُضرَب اخوتنا لا بدّ من مواجهتهم». ويحرض ابناء قبيلة الورفلة النافذة بشكل خاص علـى مواجـهة الثـوار
بالقول «هم يشتمون الورفلة فكيف تقبلون بذلك؟ هل من المعقول أن ترضوا بالإهانة؟ لا بد أن تبقوا هنا».
وكان الثوار يجرّبون في منطقة يتمركزون فيها على بعد كليومترات قليلة من مدخل المدينة، اسلحة جديدة تشمل مضادات الدروع والمدفعية الخفيفة. وقال قائد ميداني للثوار رفض الكشف عن اسمه «استقدمنا اسلحة جديدة والمقاتلون يتدفقون من مناطق أخرى أيضاً».
وفي السياق، صرّح الساعدي القذافي لقناة «سي ان ان» الأميركية بانه في النيجر «في مهمة إنسانية» لتفقد أوضاع الليبيين الفارين إلى هناك. وأكد إنه يرغب في التفاوض مع المجلس الانتقالي، وذلك بعدما أكدت مصادر من النيجر وصوله برفقة ثمانية من المسؤولين إلى البلاد. ونقلت «سي ان ان» عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند قولها «إن المسؤولين في النيجر على وشك، أو ربما قاموا بالفعل، بجلب الساعدي إلى العاصمة نيامي لاحتجازه».
وقال المتحدث باسم الاطلسي العقيد رولاند لافوي: «لنكون صرحاء، نحن لا نعرف ما إذا كان (معمر القذافي) غادر البلاد أم لا». وأضاف: «لم يظهر علانية في البلاد لفترة. من المؤكد أن هذا يثير تساؤلات حول مكانه، ولكن ليس لدينا أي معلومات مؤكدة عن مكانه في هذه المرحلة»، فيما قال وزير خارجية مالي سومايلو بوباي مايغا إنه في حال طلب القذافي اللجوء السياسي الى مالي فإن بلاده ستدرس طلبه، كما جاء في مقابلة نشرتها صحيفة «الشروق» الجزائرية. وأعلنت حكومة جنوب افريقيا ان مفوضية الاتحاد الافريقي حول ليبيا ستجتمع اليوم في بريتوريا لبحث التطورات الأخيرة في هذا البلد.
وفي المقابل، قال مسؤولون حكوميون إن كندا حصلت على موافقة الأمم المتحدة للإفراج عن 2,2 مليار دولار من الأموال الليبية لأغراض المساعدات الانسانية وانها استأنفت عمل بعثتها الدبلوماسية في طرابلس. وقال وزير خارجية كندا جون بيرد للصحافيين ان الأموال المفرج عنها ستستخدم في إعادة بناء البنية التحتية ودفع رواتب رجال الشرطة والمعلمين والخدمات الاساسية الأخرى. وفي الوقت نفسه قالت مجموعة «إس. إن. سي. لافالين» الكندية العملاقة للأعمال الهندسية انها ما زالت تراقب الوضع قبل العودة لاستئناف العمل في مشروعاتها في ليبيا ومن بينها سجن وخط مياه ومطار.
وقال بيرد «ما زال الأمن يمثل تحدياً على الأرض ومع ذلك فالحياة تعود تدريجياً الى طبيعتها في طرابلس». وقال المتحدث باسم بيرد إن البعثة الدبلوماسية الكندية تعمل من مكان موقت في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على تجديد السفارة وتجهيز إجراءات الأمن بها. وتأمل أوتاوا أن تساعد هذه الخطوة الشركات الكندية في الحصول على بعض العقود المربحة المتوقعة في مجال إعادة الاعمار. وقال بيرد «من المهم للغاية أن يكون لك وجود دبلوماسي هناك. مع وجود حكومة جديدة من المهم أيضاً ان تكون هناك عمليات تجارية لمساعدة الشركات الكندية الموجودة بالفعل ويمكن أن تساعد الحكومة الليبية خلال الأسابيع والسنوات القليلة المقبلة».
من جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن بلاده سترسل سفيرها إلى ليبيا في أقرب وقت، موضحاً أن ذلك استجابة لطلب المجلس الانتقالي الليبي بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي رداً على سؤال حول موعد إيفاد السفير الإيراني إلى ليبيا قال: «إننا سنبعث سفيرنا إلى هناك في أسرع وقت ممكن». وأضاف إن إيران ضمن البلدان التي أبقت سفارتها تعمل في ليبيا «ولم نغلق سفارتنا هناك طيلة فترة الأزمة».
وحول الدعوة التي وجّهها رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل إلى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي لزيارة ليبيا، قال مهمانبرست: «ننتظر استقرار الأوضاع في ليبيا وتشكيل الحكومة المنبثقة عن إرادة أبناء الشعب الليبي لتكون هناك زيارات متبادلة بين المسؤولين في البلدين».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد