مصارف أوروبا تحتاج إلى 100 مليار يورو للخروج من الركود
لا تزال منطقة الأورو تحت تأثير ازمة الديون والمعالجات المنتظرة بدءا من اليونان وصولا الى ايطاليا التي توجب الحاجة إلى اتخاذ تدابير هيكلية للخروج من الركود. وليس بعيدا، تبقى المصارف الاوروبية ضمن دائرة المراقبة في انتظار ترجمة التنسيق الذي دعت اليه باريس امس لرسملة المصارف، الامر الذي يصطدم بخلافات في وجهات النظر يفترض حلها قبل القمة المقررة منتصف الجاري.
ووفق مصادر ديبلوماسية، تحوّل المشكلة من اليونان الى المصارف راهنا ليتركز الهدف الاوروبي على التوصل الى "توافق" حول الموضوع في قمة قادة دول الاتحاد الاوروبي ومن ثم قمة قادة دول منطقة الأورو في 17 الجاري و18 منه في بروكسل.
وامس، أعلنت وزارة المال الفرنسية ان باريس تؤيد تنسيقا اوروبيا لاعادة رسملة المصارف الاوروبية بغية تحديد قيمة رأس المال اللازم والجدول الزمني لبلوغه والادوات المطلوبة للتنفيذ. واشارت الى ان المصارف الفرنسية الكبرى وضعت خططا لتعجيل عملية تطبيق هذه المعايير الرامية الى تعزيز قدراتها المالية، موضحة ان باريس وبرلين متفقتان على ان "مصادر الرسملة يجب ان تكون خاصة"، وان "اللجوء الى الرساميل العامة يجب أن يكون آخر الدواء".
وتقول مصادر متابعة ان المبالغ اللازم ضخها لزيادة رساميل المصارف الاوروبية "هي أقرب الى 100 مليار" أورو منه الى 200 مليار كان صندوق النقد تحدث عنها هذا الاسبوع. ولا بد من اجراء تقويم للحاجات قبل القمة الاوروبية، وهو من مهمة السلطة الاوروبية للرقابة المصرفية "ايبا" التي طلب منها ان تلحظ التداعيات الهائلة للدين اليوناني على المصارف. وبعد رفض لمطالبه، استنادا الى نتائج اختبار المقاومة في تموز الذي اظهر صلابة المصارف، عاد الاوروبيون الى الرضوخ تدريجا لنداءات الصندوق الذي يطالبهم منذ اواخر آب بتعزيز دفاعات مصارفهم ازاء خطر تفشي عدوى ازمة الدين على نطاق واسع.
الا ان وضع القطاع ما انفك يتدهور من حينه، بدليل استمرار تدهور اسهم المصارف الاوروبية، فيما وضع المصرف المركزي الاوروبي نفسه في منأى عن موجة الهلع بابقائه مضخة السيولة مفتوحة. وادت ازمة مصرف "دكسيا" الفرنسي - البلجيكي الذي بدأ تفكيكه، الى صب الزيت على نار تعجيل الاجراءات الرامية لتعزيز حصانة المصارف الاوروبية.
ويفترض ان توافق بروكسل الاثنين على اقتراح لوضع اطار عمل اوروبي مشترك في هذا الصدد، على ان يحال لاحقا على العواصم لدرسه قبل بحثه في القمة الاوروبية. لكن خلافات في وجهات النظر لا تزال تباعد بين الاوروبيين. وسيتمكن صندوق الدعم الاوروبي الجاري من تعزيزه حاليا من اقراض الدول الاوروبية لتمكينها من ضخ السيولة في مصارفها لاعادة رسملتها. لكن الصندوق يعمل بفضل ضمانات دول بينها المانيا، هي المساهم الاكبر والذي تشاطرها اياه المفوضية الاوروبية. ومن المقرر ان يطرح الموضوع في اجتماع بين المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاحد في برلين.
وبالنسبة الى فرنسا، يكمن الخطر الاكبر في ان اضطرارها الى ضخ المال قد يعرضها للخطر تصنيفها الائتماني الممتاز حاليا AAA والذي يتيح لها الافادة في عمليات الاقتراض من الاسواق بمعدلات فائدة منخفضة نسبيا. كذلك، فان مساعدة المصارف الخاصة من اموال المكلف الفرنسي قبل اشهر من الانتخابات الرئاسية، هو رهان سياسي محفوف بالأخطار.
وثمة موضوع خلافي آخر بين الاوروبيين يتمحور على هوية المصارف التي ستجري اعادة رسملتها. ففي حين يدفع بعضهم باتجاه اقرار خطة شاملة، يريد آخرون أن تشمل العملية "المصارف التي تعاني مشكلات" بغية عدم التسبب باضطرابات جديدة في اسواق المال.
المصدر: و ص ف
إضافة تعليق جديد