أزمة المنطقة لم تخرج عن السيطرة ولم تتخط السقوف المرسومة!
ما زالت مقررات القمة العربية ضد سوريا تتفاعل على الساحتين العربية والدولية. ففي وقت عقد فيه وزير الخارجية السورية وليد المعلم مؤتمرا صحافيا وصفته مصادر متابعة بالدبلوماسي غير العادي حذر فيه من مغبة محاصرة سوريا سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وأعلن خلاله أنّ الأزمة السورية أصبحت في بداية النهاية، انقسم المجتمع الدولي بين مؤيد لمقررات الجامعة كالادارة الأميركية، ومندفع للمزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية على غرار المجموعة الاوروبية، ورافض لها كوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف او الناطق باسم الخارجية الصينية، بما يؤسس إلى مشهد ينحو صوب المزيد من التعقيدات في ظل ثوابت باتت بمثابة قواعد وسقوف جديدة للعبة الدائرة في العالمين العربي والاسلامي.
وفي هذا السياق، يعتبر مصدر دبلوماسي أوروبي متابع أنّ الازمة بين المعسكرين، الرافض للمقررات والمندفع باتجاهها، لم تخرج عن السيطرة بعد ولم تتخطّ السقف المرسوم لها، بل بالعكس تماما فانها ما زالت تراوح في دائرة الضبط في ظل خشية دولية واقليمية من انزلاقات غير محسوبة او مرحب بها، ولا يحتمل نتائجها اي من كبار اللاعبين بمن فيهم الاتحاد الاوروبي المنصرف عمليا لترتيب بيته الاقتصادي الذي يعاني من ازمات قاتلة تهدد الاتحاد وسياساته النقدية والمالية، بحيث يتصدر هذا الملف الاولويات الاوروبية بشكل عام، وذلك بمعزل عن المواقف المعلنة والتهديدات المساقة، خصوصا أنّ أيّ تورط عسكري في سوريا لن توازيه أية مكاسب مباشرة على غرار تلك المكتسبة من ليبيا ونفطها وثرواتها التي ستتوزع بالتساوي بين الدول الاوروبية وكارتيل النفط الاميركي.
ويعرب المصدر الدبلوماسي عن خشيته من تصاعد المواقف الاعلامية والسياسية مع اقتراب موعد خروج القوات الاميركية من العراق. فادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما التي خاضت انتخاباتها تحت سقف هذا العنوان تحتاج إلى أجواء مماثلة لاشغال العالمين العربي والاسلامي عن تداعيات الانسحاب المفترض، بما معناه ان الانسحاب الاميركي سيتحقق في ظل موجة من الغبار السياسي والدبلوماسي تحجب الرؤية عن عيون عرب الخليج الذين يعربون بدورهم عن قلقهم من اخلاء الساحة العراقية لمصلحة ايران التي التقى قياديوها أمير دولة قطر في زيارة سرية أجراها الاخير لطهران بهدف الحصول على ضمانات تتعلق بمستقبل الدول الخليجية لاسيما تلك التي تضم اطرافا شيعية تتحرك بانتظام وبتواتر مع اجواء الانسحاب الاميركي.
ويلفت المصدر إلى أنّ واشنطن تضغط باتجاه ترتيبات معينة ومحددة مع ايران وسوريا تسبق عملية الانسحاب بما يضمن المصالح الاستراتيجية الاميركية والاسرائيلية والاوروبية على حد سواء، وهي بالتالي استعانت بحلفائها العرب لتحقيق هذا الهدف، وما الاسراع في تعجيل وتفعيل الضغوط، سوى لكسب الوقت الفاصل عن نهاية العام الجاري حيث ستدخل المنطقة العربية والخليج بنوع خاص في مرحلة جديدة عنوانها الانكفاء العسكري وفتح الامور على الاحتمالات كافة، وهذا ما يرعب عرب الاعتدال في ظل غليان متواصل يتدرج صعودا بانتظار ساعات الحسم لانطلاق الشرارة التي ستضم المنطقة إلى الربيع العربي الذي قد يتحول إلى خريف في حال استمر المسار على ما هو عليه.
وما يعزز هذا الاعتقاد بحسب الدبلوماسي عينه هو استحالة تدويل أزمة المنطقة، فالموقف الروسي يبدو جديا للغاية والصيني كذلك الامر، ما يعني سقوط اي من المشاريع التي قد تطرح على طاولة مجلس الامن. وهذه الحقيقة تدفع قادة الدول الاوروبية إلى تكرار مواقفهم المستبعدة لاي تدخل عسكري اجنبي في سوريا، ما دام هذا التدخل لا يحظى بتوافق دولي عام يأخذ على عاتقه اقتسام كلفة الحرب المالية والسياسية في الشرق الأوسط، فضلا عن سرعة الحراك السوري الذي تماهى بالكامل مع التحركات الروسية والصينية.
ويخلص الدبلوماسي إلى التحذير من تصاعد حدة الموقف طيلة فترة الاسابيع المتبقية من العام الجاري في المنطقة العربية وذلك في محاولة اخيرة لترتيب بعض الملفات التي تعني المجتمع الدولي قبل سواه.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد