إسرائيل تحيي «قيادة العمق»: وحدة عسكرية لما وراء «الحدود»
في خطوة عسكرية ذات مغزى كبير أعادت إسرائيل إلى القاموس النظري تعبير «قيادة العمق»، وأحيت عملياً قيادة عسكرية للعمليات البعيدة. وكانت هذه القيادة قد ألغيت في إسرائيل في مطلع الثمانينيات بعد زوال الخطر العسكري الأكبر الذي كان يواجه إسرائيل من الجبهة الجنوبية، إثر إبرامها مع مصر معاهدة كامب ديفيد.
وقد أعلن عن إعادة تشكيل هذه القيادة رئيس الأركان الجنرال بني غينتس في خطوة فهم الجميع منها أنها تندرج في إطار الاستعدادات للحرب مع إيران. ويرأس القيادة الجديدة الجنرال شاي أفيتال الذي سبق له أن تولى في الماضي مهمات قيادية مختلفة ربطت في الغالب بين العمل الميداني والجهد الاستخباراتي.
وأشارت صحيفة «إسرائيل اليوم» إلى أن غينتس، يتحدث منذ زمن عن الحاجة الى تشكيل قيادة عمق متعددة الاذرع، تكون مكلفة بالاعمال في «الدوائر الأبعد». وأوضحت أنه هكذا مثلا ستكون القيادة الجديدة مسؤولة عن معالجة المهام المتعلقة بتهريب الوسائل القتالية الى لبنان وغزة، في مناطق بعيدة. كما ستكون القيادة مسؤولة عن مواضيع اخرى ومتنوعة في هذه المناطق.
وستتشكل قيادة العمق من نحو مئة كادر بالإجمال. وبحسب المخطط فإن اهتمام القيادة الجديدة يتركز في الحملات الخاصة والاكثر تعقيداً، التي سيكون لها فيها تفوق نسبي. وبموجب التخطيط فإن الوحدات الخاصة التي ستفعّلها القيادة لن تكون تحت قيادتها اليومية، بل ستخضع لها عند الحملات الخاصة، بمعنى أن القيادة لن تكون مسؤولة عن «بناء القوة» بل فقط عن تفعيلها.
وفي الجيش الإسرائيلي يشيرون الى أن كل حملة ستدرس بذاتها، واذا كانت هناك حاجة، فستخضع للقيادة الجديدة.
وكان تشكيل قيادة العمق قد تمت دراسته في الجيش الاسرائيلي في سياق دراسي طويل أجراه في الماضي كل من الجنرال عيدو نحوشتان، قائد سلاح الجو اليوم، الجنرال أفيف كوخافي، رئيس شعبة الاستخبارات اليوم وكذا الجنرال غادي آيزنكوت الذي كانت حتى قبل بضعة اشهر قائد المنطقة الشمالية.
وقد تم استدعاء الجنرال أفيتال إلى الخدمة الفعلية من الاحتياط بعد تسريحه لتولي القيادة. ويُشار إلى أن لأفيتال علاقة خاصة بوزير الدفاع إيهود باراك، حيث سبق له أن تولى قيادة «سييرت متكال» و«جيش الشمال» وسيغدو عضواً في هيئة الأركان العامة.
وأثار التعيين شكوكاً لأن أفيتال يعود للخدمة العسكرية بعدما سرح من الجيش وحاول الانضمام إلى الكنيست بترشحه للانتخابات ضمن حزب «كديما» في العام 2006.
وأفيتال من مواليد العام 1952، وتجند في الجيش الإسرائيلي في العام 1970، وخاض معارك في الجبهتين السورية والمصرية. لكن تخصصه الأكبر كان في «سييرت متكال» للعمليات الخاصة وتحديداً ضد المقاومة في فلسطين والأردن ولبنان. وقاد «سييرت متكال» في حرب لبنان الأولى قبل أن ينتقل لسلاح المدرعات.
وبحسب «معاريف» فإن «قيادة العمق» الجديدة ستكون مسؤولة عن معالجة المخاطر غير المدرجة في الحدود الاعتيادية لإسرائيل، وإنما في عمق أراضي «العدو». وستخضع القيادة الجديدة مباشرة لرئيس الأركان، وتختص بالسيطرة على العمليات البعيدة المدى.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أنشأ نوعاً من قيادة العمق في الماضي من عدد من أعضاء هيئة الأركان العامة وبصفة استشارية. ولكن تشكيل «قيادة العمق» حالياً ينطوي على رسالة قال مصدر عسكري رفيع المستوى أنها تتمثل في «أن القتال لا ينتهي عند الحدود وبعمق عشرات الكيلومترات، وإنما توجد أيضاً بعيداً عن العين وإلى هناك نذهب».
ولا يخفي المعلقون العسكريون في إسرائيل مغزى الإعلان عن إنشاء القيادة الجديدة في ظل الحديث عن احتمالات الهجوم العسكري على إيران. بل إن إحدى الصحف الإسرائيلية وصفت الجنرال أفيتال بأنه «قائد الجبهة الإيرانية». ويشيرون إلى أنها ستنال أهمية أكبر في السنوات المقبلة لأنها ستوزع المسؤولية بين الأذرع والأسلحة المختلفة في العمليات الخاصة في عمق أراضي العدو، كما ستتولى المسؤولية عن ترتيب أساليب عمل تلك العمليات.
حلمي موسى
جريدة السفير
إضافة تعليق جديد