اتفاق أوروبي حـول فرض الحظر على نفـط إيـران
أسعد الاتحاد الأوروبي واشنطن «كثيرا» أمس، عندما أعلن على لسان دبلوماسييه توصله إلى اتفاق مبدئي حول تطبيق الحظر على النفط الإيراني، في انتظار تحديد موعد للبدء بتطبيق العقوبات الجديدة المتوقع في نهاية كانون الثاني الحالي. في المقابل، أكدت إيران وجود أسواق بديلة عن السوق الأوروبية لنفطها، فيما جددت تهديداتها العسكرية لأميركا، محذرة إياها مرة أخرى من إعادة حاملة طائرات لها إلى مياه الخليج. اما الصين فأعربت عن رفضها للعقوبات «الأحادية» على ايران.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ان دول الاتحاد الاوروبي قد تتخذ قراراً بحظر شراء النفط الخام الإيراني خلال اجتماع لوزراء الخارجية في الثلاثين من كانون الثاني الحالي. وقال جوبيه في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره البرتغالي باولو بورتاس في لشبونة «آمل في هذه المناسبة، ان نتمكن من إقرار إجراء الحظر هذا على صادرات النفط الايرانية. إننا نعمل على هذا الموضوع والامور تسير في الاتجاه الصحيح». وأضاف جوبيه، الذي يقوم بزيارة رسمية الى البرتغال، «لا بد لنا من ان نطمئن بعض شركائنا الأوروبيين الذين يتمونون من النفط الايراني وتأمين حلول بديلة لهم. وهذه الحلول البديلة موجودة وأعتقد اننا سنتمكن من الوصول الى الهدف المنشود بحلول نهاية كانون الثاني الحالي».
وقال دبلوماسيون في الاتحاد الاوروبي إن حكومات الاتحاد توصلت الى اتفاق مبدئي لحظر استيراد النفط الخام الايراني لكنها لم تقرر بعد متى يبدأ تطبيق هذا الحظر. وأضافوا إن الاتفاق الذي دفعت الأنباء بشأنه أسعار الخام للارتفاع جاء عقب محادثات جرت أواخر كانون الأول الماضي بين مبعوثين للاتحاد، مشيرين إلى أن الاعتراضات على الفكرة لا سيما من اليونان اسقطت خلال المحادثات. وقال دبلوماسي في الاتحاد إنه «تم إحراز تقدم كبير بهذا الشأن ... مبدأ حظر النفط تمت الموافقة عليه ولم يعد موضع نقاش الآن».
وقال مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي غونتر اوتينغر إنه إذا تم حظر الواردات الايرانية، فيمكن شراء الامدادات من مناطق أخرى لا سيما السعودية، اكبر منتجي «اوبك».
ورحبت الولايات المتحدة «كثيراً» باتفاق الحكومات الاوروبية من حيث المبدأ على حظر استيراد النفط الايراني، ووصفته بأنه نبأ طيب للغاية سيضيق الخناق على ايران اقتصادياً. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في افادة صحافية إن «هذا هو نوع الخطوات الذي نود ان نراه من حلفائنا وشركائنا القريبين، ليس فحسب في أماكن مثل اوروبا وإنما من الدول في شتى انحاء العالم». وأضافت «نحن نعتقد ان هذا يتفق مع تضييق الخناق على ايران اقتصادياً».
وسيقوم وزير الخزانة الاميركي تيموثي غايتنر بزيارة الى الصين واليابان من العاشر الى الثاني عشر من كانون الثاني الحالي، حيث سيناقش خصوصاً مسألة العقوبات ضد البنك المركزي الايراني.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي رداً على سؤال حول قانون العقوبات الاميركية على ايران الذي وقعه اوباما السبت الماضي، إن «الصين تعارض غلبة قانون وطني على القواعد الدولية وفرض عقوبات احادية الجانب على دول اخرى». وتنص الاجراءات الجديدة على السماح للرئيس الاميركي بتجميد اصول كل هيئة مالية اجنبية تتعامل مع البنك المركزي الايراني في قطاع النفط.
في المقابل، قال مسؤول كبير في قطاع النفط الإيراني إن إيران لديها طرق بديلة لبيع نفطها إذا حظر الاتحاد الأوروبي استيراد الخام الإيراني، وإنها تعتزم تصدير نحو 2.3 مليون برميل يومياً هذا العام. وقال مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية محسن قمصري عبر الهاتف من طهران: «يمكننا استبدال بعض هؤلاء المشترين بسهولة شديدة». وأضاف إن جزءاً من الكميات التي ستتعرض للحظر - وليس كلها - قد يتجه إلى الصين ودول أخرى في آسيا وأفريقيا. ومن المستبعد أن تخزن إيران النفط الخام في ناقلات لأن هذا حل في الأجل القصير فقط. وقال قمصري إنه يتوقع أن تبقى الشحنات كما هي هذا العام من دون تغير. وأضاف «هناك طلب مرتفع للغاية من عملائنا لذلك توجد نفس الكمية (أكثر من 2.3 مليون برميل يومياً) في عقودنا».
وقال قمصري إن نحو 30 في المئة أو 700 ألف برميل يومياً من إمدادات النفط الإيراني تتجه غربي السويس. وتصدر إيران أكثر من نصف هذه الكمية إلى أوروبا ونحو 200 ألف برميل يومياً إلى تركيا والكمية المتبقية إلى أفريقيا. وتقدر وكالة الطاقة الدولية صادرات إيران إلى الاتحاد الأوروبي بنحو 450 ألف برميل يومياً.
وقالت وسائل إعلام إيرانية إن سعر صرف الريال الإيراني ارتفع بنحو 20 في المئة أمام الدولار أمس، بعد أن تدخل البنك المركزي لدعم عملة البلاد لتتعافى بعض الشيء من الخسائر الثقيلة التي منيت بها بعد فرض عقوبات أميركية جديدة. وهبط الريال إلى مستوى قياسي منخفض بعد أن وقع الرئيس أوباما قانون عقوبات جديدة على البنك المركزي الإيراني. وقالت صحيفة «جهاني اقتصاد» الإيرانية إن سعر صرف الدولار الذي بلغ نحو 18 ألف ريال أمس الاول انخفض إلى 14 ألف ريال. وقال محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهمني إن التقلبات في سوق الصرف الأجنبي هي «حرب نفسية» يشنها أعداء إيران بحسب ما أوردته صحيفة «كيهان». وأضاف بهمني «يحاول البنك المركزي استخدام أدوات مالية ونقدية جذابة ... لتشجيع الناس على ادّخار أموالهم في البنوك». وقال وزير الصناعة والمناجم والتجارة مهدي غضنفري «طلب من البنك المركزي ضخ مزيد من العملة الأجنبية في السوق عند الضرورة».
أما وزير الدفاع الايراني العميد احمد وحيدي فأكد انه «يجب ألا يتواجد الاميركيون في ممر الخليج»، واصفاً تواجد القوات الاجنبية في الخليج بانه «تواجد ضار ولا ينتج سوى إثارة التوتر في المنطقة». وقال وحيدي، على هامش اجتماع مجلس الوزراء، إن «امن مضيق هرمز هو من القضايا التي تتابعها ايران، وقد وفرت امن المضيق على الدوام طيلة الفترات الطويلة الماضية». وأضاف ان ايران «باعتبارها قوة مهمة في المنطقة، لها حق كبير تجاه مضيق هرمز، وستبادر الى توفير الامن والاستقرار بهذا المضيق، وستقوم بما يلزم في هذا المجال». وتابع قائلا «طبعاً يحاول العدو إثارة الأجواء تجاه هذه القضايا، ويسعى لتسويق اسلحته الى مختلف الدول بالمنطقة من خلال تهويل بعض المواضيع».
ورداً على سؤال حول طبيعة الاجراءات التي ستتخذها ايران، في حال تجاهل القطع البحرية الاميركية التحذير الايراني، قال العميد وحيدي «لقد قلنا لهم ان تواجد القوات الاجنبية في الخليج، تواجد غير مفيد بل هو ضار، وان تواجدهم لا ينتج سوى اثارة التوتر في المنطقة»، مضيفاً «لذلك نحن طلبنا منهم دوما ان لا يتواجدوا في هذا الممر المائي بالمنطقة». وأعلن أن مناورات حرس الثورة الاسلامية ستجري في المستقبل القريب.
من جانبه، حذر مساعد القيادة العامة للقوات المسلحة للشؤون الثقافية والاعلامية العميد سيد مسعود جزائري حاملة الطائرات الاميركية من العودة الى المنطقة. وأفادت وكالة «مهر» للأنباء إن جزائري اشار في تصريح لقناة «برس تي في» الى الانذار الاخير الذي وجهه الاسطول الايراني الى حاملة الطائرات الاميركية «جي سي ستينيز»، قائلا: «ليست لدينا اي ادّعاءات إضافية على الحقوق الدولية المعترف بها، وفي نفس الوقت فإننا سندافع عن حقوقنا بحزم، وعلى اميركا ان تدرك هذا الحزم».
وحول التغييرات في المعادلات الاقليمية في الفترة الحالية والتي ادت الى توجيه انذار الى البارجة الاميركية قال جزائري «إن التواجد الطويل للاميركيين في المنطقة ادى الى اتساع نطاق انعدام الأمن والاضطرابات، ومن المحتمل ان تتضاعف التوترات والصدامات، وعلى هذا الاساس ومن اجل تفادي اي وضع غير سار في المستقبل، يجب على اميركا مغادرة المنطقة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد