شهيد على أبواب القدس والأقصى والإجراءات الإسرائيلية تُنذر بالخطر
شيّع مئات الفلسطينيين في بلدة الرام في القدس أمس جثمان شهيد هو الأول الذي يسقط في الضفة الغربية منذ شهور. وكان الشهيد طلعت رامية استشهد خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة الرام، بوابة القدس من الشمال، جرت استنكاراً للإجراءات الإسرائيلية المتصاعدة في القدس والمسجد الأقصى.
وبحسب شهود، أطلق جندي إسرائيلي النار باتجاه رامية أثناء إطلاقه مفرقعات باتجاه أفراد الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى إصابته برصاصة استقرت في قلبه قبل أن يفارق الحياة بعد ساعات قليلة. وشاركت مجموعة من النساء في الجنازة، وهتفن: «عالمكشوف وعالمكشوف، صهيوني ما بدنا نشوف»، فيما أطلقت نساء الزغاريد حينما وصل المشيعون إلى منزل الشهيد.
ودان رئيس الوزراء سلام فياض بشدة ما أسماه «إمعان إسرائيل في استخدام العنف ضد الاحتجاجات السلمية لأبناء شعبنا، وإقدامها على جريمة قتل الشاب طلعت رامية».
وقال إن الجريمة جاءت بعد صمت العالم إزاء ما يجري من إجراءات إسرائيل التهويدية المتصاعدة في القدس.
وعبر فياض عن استنكاره لعدم تعامل المجتمع الدولي، خصوصاً اللجنة الرباعية الدولية، مع هذه المخاطر بالجدية المطلوبة، ولعدم تدخله الفعلي والجدي لإجبار إسرائيل على وقف اعتداءاتها. وقال: «بدلاً من ذلك، استمر تركيز هذه اللجنة على محاولات إحياء العملية السياسية على رغم إدراكها بعدم جدوى هذه المحاولات، خصوصاً في ظل عدم توافر عناصر نجاحها، وكذلك استمرت الرباعية في تجاهل دعواتنا إلى إلزام إسرائيل بوقف هذه الاعتداءات، كما إرهاب المستوطنين، ومساءلتها عنها».
وقال مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير أحمد قريع لـ «الحياة» إن ما تقوم به إسرائيل في القدس يهدد بوقوع انفجار لا أحد يعلم مداه وإلى أين سينتهي. وأضاف إن إجراءات التهويد تسارعت وباتت تهدد ساحات المسجد الأقصى المبارك، الأمر الذي يفجر الغضب والاحتجاجات.
وحذر قريع من أن استمرار الإجراءات التي تمس المسجد الأقصى ستقود إلى ردود فعل شعبية فلسطينية واسعة، موضحاً: «إجراءات التهويد تجري بتسارع، وهذا ملاحظ منذ أسابيع من خلال عمليات الاقتحام المنظم للمسجد الأقصى». وقال إن «إسرائيل تحاول خلق أمر واقع في المسجد الأقصى كما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل، والتي انتهت إلى سيطرة إسرائيل على ثلثي الحرم».
وكانت دعوات صادرة عن مجموعات يهودية متشددة الأسبوع الماضي للدخول إلى المسجد الأقصى والصلاة في باحاته، وتخصيص أيام لمجموعات نسوية يهودية للصلاة فيه، أثارت أكثر من جرس إنذار بين الفلسطينيين الذين ردوا عليها بدعوات لـ «شد الرحال إلى الأقصى» و «النفير» و «الرباط» في المسجد للدفاع عنه وحمايته.
ويشهد المسجد الأقصى الواقع في قلب البلدة القديمة من القدس شداً وجذباً بين المجموعات اليهودية الطامعة إلى إيجاد موطئ قدم لها فيه، معتقدة أنه أقيم على أنقاض «هيكل سليمان»، وبين الفلسطينيين الذي يرون فيه مسجداً إسلامياً خالصاً.
وشهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة مواجهات بين مجموعات يهودية حاولت دخول باحات المسجد والصلاة فيها، وبين مجموعات فلسطينية «رابطت» في المسجد ليلاً ونهاراً لمنعها من ذلك.
وقبل أيام دعت مجموعة دينية نسائية يهودية تطلق على نفسها اسم «ملتقى نساء من أجل الهيكل» أعضاءها إلى دخول الأقصى الثلثاء الماضي للصلاة فيه. وقالت على موقعها على الإنترنت إنها ستعمل على تخصيص يومين كل شهر للصلاة في ما سمته «جيل الهيكل»، وتعني المسجد الأقصى، داعية جميع اليهوديات المتدينات إلى المشاركة في هذه الصلوات. وقالت في بيانها الأخيرة إنها حصلت على موافقة الشرطة الإسرائيلية على الدخول إلى الموقع الثلثاء، وأن الحاخام آتي اليصور سيقود هذه الصلاة التي ستتمتع بحماية الشرطة. وردت قيادات مقدسية بدعوة النساء الفلسطينيات إلى «شد الرحال» إلى المسجد و «الرباط» فيه لمواجهة النساء اليهوديات.
ويخشى الفلسطينيون من قيام المجموعات اليهودية بفرض أمر واقع في المسجد شبيه بذلك الذي جرى في مقدسات أخرى مثل الحرم الإبراهيمي في الخليل الذي يسيطر اليهود على ثلثي مساحته، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم الذي يطلقون عليه «ٌقبة راحيل»، ومقام يوسف في نابلس.
وقال مدير الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عزام الخطيب لـ «الحياة»: «اليهود يعملون على فرض أمر واقع في المسجد الأقصى، ونحن لن نسمح لهم بذلك». وأضاف إن محاولات المجموعات اليهودية الدخول إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه زادت بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يثير القلق. وتبلغ مساحة المسجد الأقصى 144 دونماً، غالبيتها ساحات للصلاة. ويضم إلى جانب المسجد، قبة الصخرة المشرفة.
وكانت مجموعات يهودية سيطرت على مقدسات أخرى في الضفة الغربية بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 عبر سلسلة طويلة وتدريجية وبطيئة من إجراءات فرض الأمر الواقع. وأشهر هذه المساجد الحرم الإبراهيمي في الخليل الذي أخذت مجموعات يهودية تصلي فيه تحت حراسة الجيش بعد احتلال المدينة عام 1967، إلى إن قامت السلطات الإسرائيلية بتقسيمه إلى جزءين بعد المجزرة التي ارتكبها اليهودي المتطرف باروخ غولدشتاين التي راح ضحيتها 29 مصلياً مسلماً، واحد لليهود ويشكل 65 في المئة، والجزء الثاني للمسلمين.
محمد يونس
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد