لغز المحامي العام في حماة عدنان بكور: قتلته التنسيقيات أم لا يزال حيا؟
قريباً يمضي عام على اختطاف المستشار عدنان بكور المحامي العام الأول في حماة، وما زال مصيره مجهولاً مثل كثير من المختطفين في عدة مناطق سورية، إلا أن قضية المستشار بكور تتمتع بأهمية خاصة كونها تحمل في تفاصيلها أدلة وقرائن تساعدنا على حل شيفرة كثير من الأحداث الغامضة التي تجري من حولنا هذه الأيام.
أفادت السلطات السورية أن بكور تعرض للخطف على يد مجموعة مسلحة، وعرضت الفضائية السورية شهادة سائقه التي تثبت هذه الرواية، كما حذرت في خطوة استباقية من احتمال أن يظهر المختطف في شريط فيديو يعلن فيه انشقاقه.... أما التنسيقيات فقد أعلنت أن المحامي العام في حماة هو أرفع موظف حكومي يعلن انشقاقه عن النظام، وعرضت إثباتاً لروايتها شريط فيديو يظهر فيه السيد عدنان بكور وهو يتلو بيان الانشقاق. فعادت الفضائية السورية مؤكدة أنها حذرت من هذا الاحتمال وأصرت على رواية الخطف. مما استدعى أن يظهر بكور في شريط ثانٍ ينفي فيه رواية الخطف التي تدعيها السلطات السورية ويؤكد على انشقاقه، وقال فيما قاله أن لديه وثائق هامة تدين الأجهزة الأمنية السورية وتثبت ارتكابها القتل والعنف ضد المتظاهرين السلميين كما قال.
بعد ذلك أعلنت التنسيقيات أن الجيش السوري قام بعملية فاشلة في جبل الزاوية لاستعادة المحامي العام، وأعلن الناطق باسم التنسيقيات بعد ذلك بأيام أنه تم نقل المحامي العام إلى جزيرة قبرص وأنه بخير وسوف يظهر على وسائل الإعلام قريباً ليقول ما بجعبته من روايات ووثائق تدين النظام السوري كما قال.
لكنَّ شيئاً من هذا لم يحدث، فلم يظهر المحامي العام رغم مرور عدة أشهر على وصوله إلى قبرص حسب الزعم، ولم نسمع عنه إلا تصريحاً وحيداً ورد على اسم من قيل أنه الناطق باسم المحامي العام دعا فيه سفارات العالم إلى الضغط على نظام الحكم في سوريا لحماية المدنيين. ثم اختفت أخبار الرجل تماماً، مما ترك الانطباع بأن ثمة لغزاً في قصته.
وأيَّاً كان اللغز في قصة اختفاء المحامي العام عدنان بكور، فإن الوقائع التي أوردناها سابقاً كافية في الواقع للقول أنها تشكل فضيحة كبيرة للتنسيقيات وتنسف مصداقيتها من الأساس. وذلك لأن عدم ظهور المحامي العام بعد نقله إلى قبرص كما زعمت تلك التنسيقيات يثبت من جهة رواية السلطات السورية حول خطفه من قبل مجموعة مسلحة، ويكذِّب من جهة أخرى رواية التنسيقيات حول الانشقاق، والأهم أنه يعطي انطباعاً عن وجود علاقة تنسيق بين المجموعات المسلحة وبين التنسيقيات وإلا كيف استطاعت التنسيقيات الحصول على شريط الفيديو وإرساله إلى وسائل الإعلام؟ ولماذا تسترت على خطف الرجل بالادعاء أمام الفضائيات برواية الانشقاق؟ أليس في هذا التصرف ما يثير شبهة التغطية على جرائم المجموعات المسلحة التي تحاول التنسيقيات إنكار وجودها أساساً؟
هذا ونشير إلى أنه لا يمكن الاحتجاج بالقول أن بكور لم يظهر أمام وسائل الإعلام خوفاً على حياته من انتقام السلطات السورية، لأن هذه الحجة ينقضها أمران الأول أن بكور حسب زعم التنسيقيات موجود خارج القطر وفي قبرص تحديداً مما يعني أنه خارج إطار قدرة النظام على إيذائه، والثاني أن هناك شخصيات أخرى يفترض أن مركزها يتطلب نوعاً من السرية ومع ذلك ظهرت وتظهر على وسائل الإعلام بشكل شبه منتظم ودوري مثل العقيد المنشق أسعد. ولا يعقل أن يكون ظهور المحامي العام أكثر خطراً من ظهور من يسمي نفسه قائد الجيش السوري الحر. ثم علينا ألا ننسى أن المحامي العام نفسه قال في شريط الفيديو الذي ظهر به أنه سيلجأ إلى وسائل الإعلام لنشر الوثائق والمعلومات التي يمتلكها حول قمع النظام وفضح ممارساته، ولا يمكننا إغفال ما كان يمكن أن يشكله ظهور بكور – لو تحقق- من مصلحة للتنسيقيات لا سيما لجهة نشر الوثائق التي تدين النظام أمام الرأي العام السوري وما قد يؤدي إليه ذلك من تأكيد لمصداقية التنسيقيات وضرب لمصداقية النظام. أما وأن الرجل لم يظهر ولم ينشر وثائقه فإن الأمر انقلب وأدى فيما أدى إليه إلى تأكيد مصداقية رواية السلطات السورية وضرب لمصداقية التنسيقيات بما يمكن وصفه من جديد بأنه فضيحة كبيرة بحق التنسيقيات.
يبقى أن نقول أن إقرار التنسيقيات بوجود السيد عدنان بكور المحامي العام في حوزتها، يجعلها شريكة للمجموعات المسلحة في عملية خطفه بعد أن ثبت عدم صحة انشقاقه ويحملها المسؤولية أمام السوريين عن سلامته، ويوجب عليها أن تفصح عن مصيره وهل هو على قيد الحياة أم تمت تصفيته كغيره من شخصيات علمية وعسكرية وأكاديمية قامت المجموعات المسلحة باغتيالها خلال الفترة السابقة.
عبد الله علي
المصدر: عربي برس
إضافة تعليق جديد