التريمسة: تجاذب غربي ـ روسي وروايات متضاربة
تحول قتلى قرية التريمسة في ريف حماه أمس، إلى عنوان جديد للاستقطاب الدولي بين الغرب وحلفائه العرب من جهة، وبين روسيا من جهة اخرى، في ظل المشاورات الجارية في نيويورك حول مشروع قرار جديد من مجلس الأمن الدولي. وفيما أدانت موسكو «الجريمة» داعية إلى فتح تحقيق، وموجهة أصابع الاتهام إلى «قوى تسعى لزرع بذور الحقد الطائفي»، دعت فرنسا مجلس الأمن إلى «تحمل مسؤولياته»، واتهمت أميركا النظام بالقتل «المتعمد للمدنيين».
وأعرب المبعوث الدولي والعربي كوفي انان عن «صدمته وروعه» للتقارير حول التريمسة. وتحدث عن «معارك عنيفة وعدد كبير من الضحايا واستخدام مؤكد لأسلحة ثقيلة مثل المدفعية والدبابات والمروحيات». وقال انان في رسالة إلى مجلس الأمن «مما يدعو للأسى .. لدينا الآن دليل قاتم آخر على استمرار الاستهانة بقرارات المجلس»، مشيراً إلى أنه حث المجلس يوم الأربعاء الماضي على أن يبعث برسالة مفادها أن عدم الامتثال ستكون له عواقب.
من جهتها، عبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن «غضبها الشديد» بشأن تقارير عن هجوم للحكومة السورية في منطقة حماة وحثت مجلس الأمن الدولي على أن يوضح لدمشق أنه ستكون هناك عواقب. وقالت كلينتون إن الروايات بشأن هجوم الحكومة على قرية التريمسة تقدم «دليلاً قاطعاً على أن النظام قتل مدنيين أبرياء عمداً».
وأضافت كلينتون في بيان «ندعو لوقف فوري لإطلاق النار داخل حماه وحولها للسماح لبعثة المراقبة الدولية بدخول التريمسة. سيتم تحديد ومحاسبة مرتكبي تلك الفظائع».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي ان «هذه الجريمة الجديدة، اذا تأكدت تظهر مرة اخرى هروب قاتل الى الأمام يقوم به نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد ويظهر ضرورة القيام بتحرك قوي في مجلس الامن الدولي». وقال «بالطبع على بشار الأسد الرحيل لكي يمكن بدء انتقال سياسي».
وقال فاليرو إن «تشديد الحزم ينبغي ان يمر من الآن فصاعداً عبر التهديد بعقوبات من مجلس الأمن...حان الوقت ليتحمل الكل مسؤولياته، فرنسا تتحمل مسؤولياتها». ورفضت روسيا أمس الاول، مشروع قرار في مجلس الامن الدولي قدمه الغربيون وينص على فرض عقوبات على الحكومة ان لم توقف استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المعارضة.
وأشار فاليرو الى ان «المباحثات تتواصل اليوم (الجمعة) حول هذا النص والذي نرغب في ان ينال تأييد غالبية كبرى من اعضاء مجلس الامن».
في المقابل، قال المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاتشيفيتش في بيان «ندين بشدة هذه الجريمة الدامية». وأضاف إن روسيا «تشدد» على ضرورة إجراء تحقيق في هذه المجزرة وتعرب عن «تضامنها الصادق» مع الشعب السوري. وتابع المتحدث قائلا «ليس لدينا ادنى شك في ان (المجزرة تصب) في مصلحة قوى لا تسعى الى السلام، لكنها تسعى الى زرع بذور الحقد الطائفي والحرب الأهلية على الارض السورية، وتستخف بمآسي ومعاناة الشعب السوري». كما جدد المتحدث دعوة موسكو «لكل اطراف النزاع» الى «وقف فوري لإطلاق النار».
من جهة أخرى، أكد الرئيس المصري محمد مرسي ونظيره التونسي المنصف المرزوقي، الذي بدأ زيارة لمصر أمس، دعمهما للشعب السوري، مؤكدين رفضهما تدخلاً عسكرياً خارجياً ضد سوريا. وقال مرسي «نحن مع الشعب السوري في كفاحه، وكذلك ضد التدخل العسكري الأجنبي في سوريا. ويجب أن نتخذ خطوات لحقن دماء الشعب السوري»، الأمر الذي كرره المرزوقي قائلاً «نحن مع الشعب السوري في كفاحه وثورته وضد التدخل العسكري في الشأن السوري، وسنواصل الضغط من أجل حل سياسي للأزمة السورية»، محذراً من أن أي تدخل عسكري لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة.
وحمّل «المجلس الوطني السوري» مسؤولية «المجزرة» للنظام السوري ولروسيا، التي اعتبر أنها أصبحت جزءاً من الأزمة في سوريا. وأفاد المجلس بأن عدد الذين سقطوا في التريمسة يصل إلى 305 قتلى ومئات الجرحى. وطالب سيدا مجلس الأمن بعقد اجتماع عاجل لحماية الشعب السوري، مشدداً على أن «حماية السوريين لا تحتاج إلى أي شرعية تستند إليها».
وأشار سيدا إلى أن «كوفي أنان بدأ يبتعد عن المهمة التي أوكلت إليه»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «الروس لا يزالون متمسكين بموقفهم».
في المقابل، قال عضو في شبكة «شام» الإخبارية المعارضة يدعى جعفر إن «عدد الشهداء المدنيين لا يتجاوز سبعة بحسب التعداد الذي وصلنا حتى الآن»، مشيراً الى انهم قتلوا في القصف. وأضاف «بقية الشهداء من الجيش الحر». وروى جعفر أن «رتلا من الجيش النظامي كان متوجهاً الى ريف حماه، عندما ضربه الجيش الحر وأخذ غنائم». وأضاف ان الجيش النظامي «هاجم على الأثر الجيش الحر المتمركز في التريمسة بمساعدة القرى المجاورة، وصمد الجيش الحر قرابة ساعة، قبل ان يتمكن الجيش النظامي من السيطرة على التريمسة وقتل افراد من الجيش الحر».
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية عن مصدر إعلامي لم تسمه «إن قنوات الإعلام الدموي بالشراكة مع المجموعات الإرهابية المسلحة ارتكبت مجزرة بحق أهالي قرية التريمسة في ريف حماه في محاولة لتأليب الرأي العام ضد سوريا وشعبها واستجرار التدخل الخارجي عشية اجتماع لمجلس الأمن الدولي». وأضاف المصدر للوكالة ان «قنوات الإعلام الدموي استنفرت أدواتها من مجلس اسطنبول للمتاجرة بدماء السوريين الأبرياء الذين قضوا بنيران المجموعات الارهابية المسلحة في القرية». لكن مصدراً عسكرياً سورياً عاد وأعلن حسبما نقلت وكالة «سانا» الرسمية، ان القوات المسلحة السورية قتلت «عددا كبيرا من الارهابيين» في التريمسة حيث نفذت «عملية نوعية» لم تؤد الى وقوع ضحايا بين المدنيين.
ولم تتمكن بعثة المراقبين الدوليين من الوصول إلى القرية أمس، لكنها أشارت إلى أنها راقبت عمليات عسكرية كثيفة في المنطقة، تقودها القوات الجوية السورية، باستخدام صواريخ ومروحيات وأسلحة ثقيلة أخرى.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد