تونس: إغلاق المقاهي والمطاعم في رمضان ومنع الخمرة على متن الطائرات
توجّهت وحدة أمنية صباح الجمعة الماضية، أول أيام شهر رمضان، إلى حي النصر في محافظة أريانة في إقليم العاصمة التونسية، وأغلقت مجموعة من المقاهي والمطاعم وأخرجت المواطنين الذين كان من بينهم أجانب. حادثة غريبة على تونس، أكّد حصولها عدد من أصحاب المحال في حي النصر الراقي، الذي تتكاثر فيه المجاميع الصحية الخاصة وعيادات أشهر الأطباء التونسيين، وأغلب سكانه من الأجانب الذين يعملون في إطار السلك الدبلوماسي أو التعاون الدولي.
وقد أثار هذا الإجراء انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن سعي الحكومة المؤقتة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية مع شريكيها في الائتلاف إلى فرض نمط معين من الحياة على المواطنين وتحويل أجهزة الأمن إلى شرطة دينية.
وفي الوقت الذي تناقلت فيه الشبكات الاجتماعية أشرطة فيديو تروي شهادات مواطنين وأصحاب محال حقيقة ما حدث، ووسط دعوات إلى ضرورة التكاتف من أجل الدفاع عن الحريات الفردية، ومن بينها حرية الإفطار والصوم، نفى محافظ أريانة أن يكون قد أصدر أي تعليمات بإغلاق مقاه أو محال، وهو ما يتناقض مع ما أعلنه أعوان الأمن من أنهم بصدد تنفيذ تعليمات المحافظ.
وأكد المحافظ أنه دعا إلى تطبيق منشور وزارة الداخلية بضرورة التقيد بتنظيم العمل في رمضان، وأبرز شروطه التستر على المفطرين بتثبيت ستائر والاكتفاء بالفضاءات الداخلية فقط، مع الإغلاق النسبي للأبواب احتراماً للصائمين وعدم استفزاز مشاعرهم.
تصريح محافظ أكّده المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، مشيراً في بيان صحافي إلى أن الوزارة حافظت على نفس الصيغة القديمة للمنشور الذي توزعه على المحافظين منذ سنوات بشأن تنظيم العمل في المحال العمومية التي تفتح أبوابها للمفطرين في رمضان، وذلك بالتنصيص على وضع الستائر وإغلاق الأبواب، وأن ما تم تداوله عبر الشبكات الاجتماعية والصحف هو من باب التهويل والإشاعة التي لا تستند إلى أي معطى حقيقي.
رغم إجبار المقاهي والمطاعم في حي النصر على الإغلاق، لكنها عادت وفتحت أبوابها صباح السبت من جديد، وهو ما يطرح تساؤلاً حول تحرك الأمن يوم الجمعة وتراجع الوزارة يوم السبت؛ فبقدر ما أحدث بيان الداخلية ارتياحاً في الشارع التونسي، وخصوصاً في أوساط النخب، لأنه يؤكد التزام الداخلية بضمان أسس النظام الجمهوري الذي يكفل الحريات لكل المواطنين مهما كانت معتقداتهم الدينية، أثار تساؤلات حول تحرك الوحدة الأمنية، وإن كان اجتهاداً ذاتياً نتيجة فهم خاطئ لفحوى منشور الداخلية، أم أن الداخلية تراجعت عن القرار بعد ردّ الفعل الواسع الذي أحدثه قرار الإغلاق عبر الشبكات الاجتماعية والصحف الإلكترونية؟ خصوصاً وما يمكن أن تمثله من إحراج لحركة «النهضة» الحاكمة، التي التزمت بالدفاع عن النظام الجمهوري واحترام الحريات وحقوق المرأة والإعلام.
وفي سابقة أخرى هي الأولى من نوعها أيضاً، قررت شركة الخطوط الجوية التونسية منع تقديم الكحول خلال جميع رحلاتها طيلة شهر رمضان.
وأكدت سلافة مقدم، المكلفة بالإعلام في شركة الخطوط الجوية التونسية، أن القرار بدأ تنفيذه مع أول يوم في شهر رمضان. وقالت إنه «لأول مرة تتخذ الخطوط التونسية قراراً بمنع الكحول على خطوطها، وذلك منذ أول يوم في شهر رمضان، حيث كانت في السابق تمنع تقديم الكحول خلال الرحلات المتجهة نحو السعودية ورحلات العمرة فقط». وأوضحت أن «هذا القرار يشمل الجميع، بما فيهم السياح الذين عليهم مراعاة أن تونس دولة إسلامية».
مهما تكن خلفيات هذه الحوادث، فإن شهر رمضان يمثل اختباراً جدياً لقدرة «النهضة» على إقناع قواعدها بالالتزام بأسس الحياة المدنية والتخلي عن الطبيعة العقائدية للحركة، وهو ما فشل مؤتمرها الأخير في حسمه. ويبدو أن نمط العيش، الذي تربى عليه التونسيون طيلة عقود، سيكون عقبة حقيقية أمام «النهضة» في تنفيذ مشروعها العقائدي.
ولعل حسم الصراع داخل الحركة بين الشق السياسي المدني والشق الدعوي العقائدي سيحدد إلى مدى بعيد مستقبل هذه الحركة في الشارع التونسي غير المستعد للتخلي عن اقتناعاته ومبادئه.
إلى ذلك، غادر غازي الباجي تونس كلاجئ إلى رومانيا، بعدما حُكم عليه وعلى صديق له بالسجن سبع سنوات ونصف السنة وغرامة مالية قدرها 1200 دينار تونسي من محكمة في ولاية المهدية، بسبب نشره لصور كاريكاتورية تجسّد الرسول محمد على موقع «فايسبوك». وقد تمكّن الباجي من الحصول على حق اللجوء في رومانيا ليكون بذلك أول تونسي لاجئ بعد الثورة بتهمة «الإلحاد»، وذلك بعد أن تمكن من الهرب من تونس إلى الجزائر، ومنها إلى تركيا، حيث عبر خلسة إلى الأراضي اليونانية.
نور الدين بالطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد