مواجهة سعودية إيرانية اليوم في مكة حول سوريا
تنطلق القمة الإسلامية الطارئة في مكة اليوم، وعلى رأس جدول اعمالها ملف سوريا، بعد اجتماع لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس، أقرّ توصية بتعليق عضوية سوريا في المنظمة، ودعا فيه الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلي جميع الأطراف إلى الإقرار بأن «سياسة الأرض المحروقة لم تكن يوما ضمانة استقرار».
أما إيران فأعربت عن معارضتها تعليق عضوية سوريا في المنظمة الإسلامية، معتبرة أن الاجراء لن يساهم في حلّ الازمة، ما ينذر بخلافات ستشهدها القمة خلال يومي أعمالها. وأعلنت دمشق أنها ترحب بمقررات اجتماع طهران التشاوري الدولي الأسبوع الماضي، كما جددت ترحيبها بالحوار مع المعارضة شرط أن يكون بإشراف الرئيس السوري بشار الأسد.
وأعربت أميركا عن أنها «لا تستبعد أي خيار» لها في سوريا، فيما أشار البنتاغون إلى «تصاعد» في استخدام النظام السوري لسلاح الجو ضد معارضيه، وأكد على ضرورة وقف ذلك.
وتكثفت المواجهات الميدانية بين المعارضة المسلحة والقوات النظامية، في حلب حيث اقتحم الجيش حي سيف الدولة، وفي دير الزور حيث سقطت طائرة مقاتلة . وأشار رئيس بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا الجنرال بابكر غاي إلى تصاعد العنف، في حين بدأت الدفعات الاولى من المراقبين بمغادرة البلاد.
ويناقش قادة الدول الإسلامية في قصر الصفا في مكة، على امتداد يومين، ملفات العالم الإسلامي وبشكل أساسي الأزمة السورية. وقال الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلي ردا على سؤال للصحافيين حول ما اذا كان اجتماع وزراء خارجية الدول ال57 الاعضاء في المنظمة (التي يسيطر عليها السعوديون) قد اوصى بتعليق عضوية سوريا: «نعم». واضاف «تم اعتماد (مشروع) القرار بالتوافق بالغالبية المطلقة» للمشاركين في الاجتماع، لافتا الى انه «سوف يتم البت في هذا القرار من قبل القادة» في القمة.
وأكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي أن «على الجميع أن يعرف أن سياسة الأرض المحروقة لم تكن يوما ضمانة استقرار، أو صمام أمان، بل صدعا في جسد الوطن». وبينما أعرب إحسان أوغلي عن أسفه لدخول سوريا في نفق مظلم لا تُعرف نهايته، شدد على أن «هذا ما يمكن اعتباره نتيجة متوقعة للتجاهل الذي قوبلت به مطالب الشعب، وتطلعاته المشروعة».
واعلن وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي أن بلاده «تعارض بوضوح تعليق عضوية اي دولة او منظمة». واضاف الوزير الايراني «إن تعليق العضوية لا يعني التحرك نحو حل الأزمة». ولفت الى أن «كل دولة اسلامية خاصة الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي يجب أن تتعاون لحل هذه الازمة بطريقة تساعد على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة». ويشار إلى أن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يشارك في القمة، في خامس زيارة له إلى السعودية منذ توليه رئاسة ايران.
وعلم أن بلبلة حصلت خلال الجلسة الختامية لاجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية، وذلك بعدما طلب نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز رفع الجلسة والتصويت على البيان الختامي، بالرغم من أن 13 مشاركاً كانوا قد طلبوا القاء كلمات.
وفي مقابل إصرار رئيس الجلسة على تلاوة البيان الختامي، أصر وزير الخارجية اللبناني على الكلام، حيث أكد تحفظ لبنان على البند المتعلق بسوريا لأنه يتناقض مع سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة اللبنانية إزاء الأزمة السورية، وتمنى لو أن البيان تضمن توصيات بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل بسبب استمرارها في سياساتها العدوانية والاستيطانية وتحديها للقرارات الدولية ذات الصلة. ويذكر أن من بين الذين طلبوا الكلام مندوب فلسطين.
وأعلن السفير السوري في طهران حامد حسن أن الحكومة السورية ترحب بالحوار مع المعارضة شرط أن يكون بإشراف الرئيس السوري بشار الأسد. وقال حسن في اجتماع عقد برعاية مؤسسة التعبئة في الإذاعة والتلفزيون وتحت عنوان «سوريا، ملحمة المقاومة والصمود»، أن «الحكومة السورية ترحب بالمحادثات البنّاءة والحوار المنطقي مع المجموعات المعارضة في سوريا»، وقال إن «الشرط الأساسي لهذه المحادثات هو أن تكون بإشراف رئيس الجمهورية». وتابع قائلا إن «سوريا كانت سبّاقة دوماً في مجال تطبيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحزبية واليوم عازمة أيضاً علي إجراء الإصلاحات المناسبة في شتي المجالات».
ورحبت وزارة الخارجية السورية بالبيان الصادر عن اجتماع طهران التشاوري الذي عقد في التاسع من آب الحالي متقدمة بالشكر لايران وجميع الدول المشاركة في الاجتماع على «الجهود المبذولة لمساعدة سوريا على تجاوز ازمتها استناداً لمبدأ الدفاع عن الحق بوجه الباطل ودعم المطالب المشروعة للشعب السوري عبر الحوار الوطني السلمي وضمن المناخ الهادئ بعيداً عن أي تدخل اجنبي بالشأن السوري».
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان أن بثينة شعبان ستبدأ زيارة للصين اليوم وستلتقي مع وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي. وأضافت الوزارة إن الصين تفكر أيضا في دعوة عدد من أعضاء المعارضة السورية لزيارة البلاد. وقال المتحدث باسم الوزارة الصينية تشين غانغ على موقعها على الانترنت «لتعزيز الحل السياسي للمشكلة الصينية تحرص الصين دوما على احداث توازن في عملها بين الحكومة السورية والمعارضة».
وخلال حديثه لصحافيين في واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جورج ليتل ردا على سؤال حول استخدام النظام السوري المتزايد لسلاح الجو: «رأينا تصاعداُ مقلقاً ومزرياً للهجمات من الهواء من قبل النظام السوري»، وأضاف «هذا مقال آخر على تصرفاتهم اللاأخلاقية. على ذلك أن يتوقف، كما هي حال العنف الذي يواصلون استخدامه ضد شعبهم».
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان «الرئيس وفريقه لا يستبعدون اي فرضية في وقت نحاول ايجاد حل لانتقال سياسي (في سوريا) مع جميع شركائنا والشعب السوري». لكن كارني لم يتطرق في شكل واضح الى اعلان منطقة حظر جوي، مشددا على ان المقاربة الحالية للولايات المتحدة التي تقوم على مساعدة المعارضين بوسائل غير عسكرية وفرض عقوبات اقتصادية تشكل ضغطا على نظام الاسد. واضاف «ندرس كل الخيارات الممكنة وسنواصل القيام بذلك».
من جهته، وفي كلمة ألقاها على مأدبة إفطار في اسطنبول مساء الأول، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إن البعض يطلب من تركيا عدم الاهتمام بالمشاكل الخارجية والالتفات إلى المشاكل الداخلية قائلا: «دعك من دمشق والتفت إلى شمدينلي (شرق تركيا)، دعك من أراكان والتفت إلى هاكاري (شرق تركيا)، دعك من غزة وسراييفو وكابول والتفت إلى المحافظات التركية»، وأضاف: «وأنا أقول نحن نلتفت إلى الجانبين. نحن أمة تعلم أن أمن شمدينلي (شرق تركيا) يبدأ من دمشق، وسلامة هاكاري هي من سلامة أراكان، ورفاهية بقية المحافظات التركية تنسجم ورفاهية غزة وسراييفو وكابول».
من جانبه، قال رئيس فريق المراقبين الدوليين بابكر غاي بعدما التقى مجموعة العمل من الحكومة السورية، «من الواضح أن العنف يتزايد في أجزاء كثيرة من سوريا. استخدام الحكومة الاسلحة الثقيلة من دون تمييز والهجمات المستهدفة التي تشنها المعارضة في المراكز الحضارية توقع خسائر كبيرة بين المدنيين الأبرياء.» وقال غاي إن فريقا من المراقبين اجتمع مع المعارضة خارج البلاد. كما حث الطرفين على احترام القوانين الانسانية الدولية. واضاف «لم يجعل اي من الطرفين من احتياجات المدنيين اولوية».
وقال غاي «نحتاج الى عدد أقل لمراقبة العنف. لهذا قلّصنا قوتنا في البلاد لكن حتى اللحظة الاخيرة لايزال هناك 100 مراقب علاوة على زملائنا المدنيين الذين سيعملون حتى اللحظة الأخيرة».
وأكد مصدر في بعثة المراقبين لقناة «روسيا اليوم» أن الدفعة الأولى من المراقبين الدوليين غادرت سوريا أمس. وأوضح المصدر أن 21 مراقبا عسكريا غادروا البلاد ضمن الدفعة الأولى، مشيرا الى أن اجمالي عدد المراقبين الذي سيغادرون سوريا خلال الايام المقبلة يصل الى 47 مراقبا، مع بقاء عدد قليل من المراقبين المدنيين، قبل انتهاء تفويض البعثة في 20 آب الحالي.
إضافة تعليق جديد