الولايات المتحدة تقتل سفيرها
الجمل- قسم الترجمة- ترجمة: رندة القاسم:
(لقد التقيت بهؤلاء المقاتلين الشجعان، و هم ليسوا من القاعدة، على العكس، إنهم أبطال ليبيون وطنيون يريدون تحرير أمتهم. يجب أن نساعدهم للقيام بذلك)، و الكلام للسيناتور جون ماك كين في بينغازي ، ليبيا نيسان 2011.
و أبطال ماك كين الليبيون قتلوا سفير الولايات المتحدة جون كريستوفير ستيفنز في المدينة ذاتها التي قال فيها ماك كين كلماته السابقة. إذ أدى هجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الشرقية (و التي لم تكن فقط مركز الدمار العنيف في العام الماضي و تحطيم سيادة ليبيا، بل أيضا مركزا للإرهاب العالمي على مدار عقد من الزمن) إلى موت السفير ستيفنز و ثلاثة آخرين.
و قالت وسائل الإعلام الغربية أن سبب العنف فيلم معادي للإسلام أنتج في الولايات المتحدة. و لكن في الواقع، يبدو بأن الهجمات المتشابهة على كل من السفارتين الأميركيتين في ليبيا و القاهرة في الذكرى الحادية عشر للحادي عشر من أيلول تستخدم الفيلم الدعائي ل Clarion Fund كحجة كاذبة لعنف خطط له مطولا.
Clarion Fund منظمة غير ربحية مؤيدة لإسرائيل أسست عام 2006 في نيويورك لتوعية الأميركيين بقضايا الأمن القومي،و تقوم عادة بدعاية مناهضة للمسلمين، مثل فيلم Iranium الوثائقي الذي أنتج عام 2011 حول البرنامج النووي الإيراني، و الهدف الحفاظ على إستراتيجية التوتر باستخدام الخوف و الغضب اللذين يقودان إلى فجوة بين الحضارة الغربية و الإسلام لتعزيز حروب ربحية عالمية دائمة.
مما لاشك فيه أن مركز مكافحة الإرهاب التابع لأكاديمية West Point العسكرية في نيويورك(CTC) لاحظ بأن بنغازي و مدينة درنة المجاورة تلعبان دورا كبيرا جدا في توفير المقاتلين الأجانب لشن إرهاب ضد شعبي العراق و أفغانستان، إذ أحضر جنود مشاة لدعم الحرب الطائفية التقسيمية و المدمرة التي تقوض المقاومة السنية-الشيعية ضد الجنود الغربيين الغزاة.
الرجال الذين كان ماك كين يدافع عنهم ليسوا سوى ميليشيات و إرهابيي الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة (LIFG) المرتبطة مباشرة بالقاعدة، وفقا لتقرير West Point، و المدرجة حتى اليوم في قائمة الإدارة الأميركية و الحكومة البريطانية و الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية. و ماك كين لم يدعم منظمة إرهابية بالكلام فقط، بل طالب أيضا بدعم مادي يتضمن أسلحة و أموال و تدريب و دعم جوي في انتهاك لقانون يمنع توفير الدعم المادي أو المصادر لمنظمات مصنفة إرهابية.
هؤلاء الإرهابيون ذاتهم هم الآن الحكام الفعليون لجزء كبير من ليبيا، و يقودون أيضا فرق الموت في سوريه و الميليشيات المسلحة في مالي، و هو تمدد أضحى ممكنا بجهود الديمقراطيين و الجمهوريين و كذلك المحافظين الجدد من حقبة بوش الذين يقومون في وقت واحد بقيادة بروبوغندا معادية للإسلام و المناداة بتسليح أكثر الجماعات المتطرفة المتعصبة الراديكالية، بما فيها مجموعات مرتبطة بالقاعدة.
و لم يتبين بأن السياسة الأميركية غير داعمة للديمقراطية و ناشرة متعمدة لعدم الاستقرار و العنف و الإرهاب فحسب، بل أيضا أن الميليشيات ذاتها التي تقف وراء موت سفير الولايات المتحدة هي حرفيا من يقود جهود الولايات المتحدة لأجل إحلال نفس العنف و عدم الاستقرار و الفوضى في سورية.
في تقرير لها تحت عنوان (مقاتلون ليبيون ينضمون للثورة السورية)، ذكرت رويترز بأن (مهدي الحراتي) ، قائد ميليشيا قوي من جبال ليبيا الغربية، و هو في الواقع مقاتل في الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة، "يقود الآن وحدة في سورية، مؤلفة بشكل أساسي من السوريين و لكن تضم بعض المقاتلين الأجانب بما فيهم عشرين عضوا هاما من وحدته الليبية الثائرة".و تابعت رويترز الشرح فقالت: (الليبيون المساعدون للثوار السوريين يضمون اختصاصيين في الاتصالات و القضايا الإنسانية و اللوجستية و الأسلحة الثقيلة و يديرون قواعد تدريب تعلم اللياقة و تكتيكات أرض المعركة).و سلمت رويترز بأن المعركة الجارية لا علاقة لها بالديمقراطية، بل هي حملة طائفية صرفة تهدف إلى إبعاد الأقليات السورية المتهمة ب"اضطهاد" المسلمين السنة.
و أنهت رويترز تقريرها الدعائي بلقطة لإرهابي ليبي يتوعد قائلا: (سينتشر القتال عبر المنطقة طالما أن الغرب لا يقوم بالمزيد لتعجيل سقوط الأسد).و هو موضوع النقاش المأخوذ مباشرة من أروقة خلايا التفكير (think-tanks) الأميركية العاملة بتمويل المؤسسات الرأسمالية.و في الواقع قامت خلية التفكير The Foreign Policy Initiative مؤخرا بنشر تصريح موقع من قبل المحافظين الجدد من حقبة بوش جاء فيه:
(إن مصالح الأمن القومي الأميركي تتداخل مع مصير الشعب السوري و المنطقة الأوسع. بالطبع العنف المتصاعد اليوم في سورية يهدد بالتأثير المباشر على الجيران بما فيهم تركيا و لبنان و الأردن و العراق و إسرائيل، و يمكن أن يكون مدخلا تستغله مجموعات إرهابية مثل القاعدة).
إضافة إلى نصير "الحرب على الإرهاب" جون ماك كين، تعمل القاعدة و الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة و مؤسسة المحافظين الجدد الأميركية جنبا الى جنب ، و بتناقض مباشر مع بروبوغندا "الحرب على الإرهاب التي امتدت لعقد.
ومن المهم ذكر أن الموقعين على التصريح كانوا من بين مهندسي الحرب المخادعة على الارهاب التي يعتبر ماك كين من مؤيديها المتحمسين جدا. و من بين الموقعين رضوان زياده عضو في المجلس الوطني السوري واحد من عدة وكلاء تطمح الولايات المتحدة بوصولهم إلى السلطة في سورية.
و مع انكشاف أن "العملية الديمقراطية " في ليبيا ليست سوى تغطية لقيام الناتو بخلق ملجأ آمن لإرهابيي القاعدة باتساع دولة لكي ينتشروا فيما بعد ضد أعداء الغرب السياسيين عبر العالم العربي و ما ورائه، سيكون من الصعوبة بمكان بل من المستحيل الاستمرار بدعم هذا "التغيير" نفسه في سوريه. فليبيا عبر التدخل المباشر للناتو اجتاحها الإرهابيون. و الحكومة السورية تبذل كل جهدها لتحول دون تعرض شعبها لاجتياح مشابه.
و رغم قيام الولايات المتحدة بدفن سفيرها ، المقتول على يد ألوية الإرهاب التي قامت هي نفسها بتسليحها و إقحامها في السلطة عبر تدخل عسكري مقنَع و مباشر، في دولة هي الآن مدمرة بالقتال الطائفي و القبلي، فإنها مصرة على تكرار "نجاحها" في سورية.
روسيا و الصين و ايران و أعداد متزايدة من الدول تعارض هذه الحملة من الإرهاب المتجاوز للحدود القومية ، و مع تمكن موت السفير من فضح الحقيقة العارية ل "مقاتلي الحرية" وكلاء أميركا، فان قائمة المعارضة الدولية ستكبر، مخلفة فقط الأكثر صفاقة و عمالة للدفاع عن سياسة أميركا الخارجية التوسعية و الدموية.
بقلم توني كارتالوتشي
عن Land Destroyer
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد