توثيق الحياة البرية في سورية عبر 500 ساعة وثائقية
استطاع الباحث البيئي إياد السليم من منطقة الشيخ بدر بمحافظة طرطوس والحاصل على شهادة الهندسة من جامعة لندن تصوير وتوثيق الحياة البرية السورية بما يقارب 500 ساعة جاهزة للعرض عن مختلف أنواع البراري السورية التي تتميز بالغنى والتنوع وذلك عبر عدسة تصوير اخترعها الباحث بنفسه تعطي وضوحا كاملا إضافة إلى ما يعرف بالفريم او ايقاع كامل لتصوير هذه الحياة وروائعها.
ويتابع السليم نشاطه بكل كفاءة وجهد شخصي لتوثيق الحياة البرية في سورية بعمل مهم من خلال مكتشفاته المميزة إضافة إلى محاولته لاطلاق فضائية متخصصة للحياة البيئية في سورية باللغتين العربية والإنكليزية.
وفي حديث لنشرة سانا الشبابية أكد السليم انه أثناء سني دراسته في لندن كان يزور سورية لفترات قصيرة يقوم خلالها بممارسة شغفه وهوياته ومتعته في توثيق الحياة البرية وحبه لبلده جعله ينهي دراسته بدرجة مميزة حاملا إلى بلده خبرته مبينا ان سورية تمتلك العديد من الميزات البيئية ففي الدول الأوروبية يمكن ان تمشي مئات الكيلو مترات وكانك في نفس الموقع بينما في سورية فعندما تنتقل وتقوم بالجولات تشعر كأنك في عالم اخر نظرا التضاريس الموجود والتي تحتاج إلى دراسة بيئية عميقة ورغم صغر مساحة سورية الا انها يمكن ان توصف بانها عالم مصغر فيه مقومات بيئية كبيرة ومتنوعة من البحرية والساحلية والجبلية وشبه الصحراوية وحتى شبه الاستوائية على ضفاف الفرات.
وقال.. إنه منذ صغره يعشق فن التصوير والرسم وقد حقق مراتب عليا في عدة مسابقات عالمية وكان يسلط الضوء في موهبته على الطبيعة الجميلة فيلتقط الصور الخاصة بالطبيعة الساحلية التي نشأ وترعرع فيها مشيرا الى ان له باع طويل في توثيق الحياة البرية السورية منذ المرحلة الثانوية وكان يقوم بجولاته برفقة بعض اصدقائه مصطحبا معه ادوات بسيطة من اجل التسجيل والقياس والتصوير كما انه صور الكثير من أفلام الحياة البرية بواسطة كاميرات خاصة بهذا العمل وضمن أساليب عمل مبتكرة كوضع وتثبيت كاميرات ضمن أوكار بعض الزواحف أو على أغصان الأشجار أو بمواجهة زهرة تنمو إضافة إلى بث تلفزيوني من منطقة لمنطقة أخرى.
ولفت إلى ان الزمن الحالي ودخول التكنولوجيا الى حياتنا فانه اصبح بالامكان استخدام أدوات أكثر دقة وتنزيل البوم من الصور مع شرح محتويات الصور على الإنترنت حتى يتمكن اكبر عدد ممكن من الناس في جميع انحاء العالم من رؤية مكتشفاته لافتا إلى ان ما دفعه لبدء تجربته البحثية في الحياة البرية في سورية بعد عودته من لندن هو عدم وجود أي مراجع علمية تتحدث عن بيئتنا السورية بشكل عام حتى ولو كان مختصرا او جزئيا علما انه خلال فترة دراسته في لندن اطلع على الكثير من المراجع والكتب التي تعنى بالحياة البرية لكل دولة ضمن أهم وأشهر المكتبات العالمية وطرق التعامل معها وكيف يمكن توثيقها ضمن أسس علمية لا تقبل الشك.
وأشار إلى ان نشاطه لم يقتصر على الساحل فقط انما قام بجولات إلى العديد من المحافظات السورية ومنها محافظة دير الزور حيث قام بجولة اليها لمشاهدة ما يسمى أسد الفرات النادر مصطحبا معه ادوات عبارة عن مجسمات طبيعية تتداخل مع الطبيعة لإشعار الحيوان الذي ستتم مراقبته بأن كل شيء طبيعي وعادي من ضمن حياته البرية المعتادة إضافة إلى كاميرات المراقبة والتصوير ذات الدقة العالية وكانت تجربة ناجحة ومميزة اضيفت إلى عمله البحثي الاستكشافي.
وقال.. إنني من خلال عملي الدؤوب في مجال الاستشكاف والتوثيق للحياة البرية في سورية تمكنت من توثيق المغاور الموجودة في بلدنا فاكتشفت عشرات المغاور منها ثلاث مغاور تعد من اجمل المغاور في العالم وضعت سورية على خارطة العالم منها مغارة جوعيت في الشيخ بدر حيث كان يظن الناس سابقا انها تبلغ من العمق 90 مترا وتنتهي ببحيرة ماء الا انه بعد الغوص فيها لمدة ست ساعات ونصف الساعة تم اكتشاف انها حتى الآن يصل عمقها إلى 3 آلاف متر وفيها تشكيلات مغاورية في روعة الجمال لا توجد في اي مغارة وفي حد قوله انها من الممكن ان تدخل في عجائب الدنيا السبع لجمالها وروعتها وستكون مقصدا سياحيا مهما في المستقبل مشيرا إلى انه سيقوم خلال الصيف القادم بمتابعة العمل بها لمعرفة مدى عمقها الحقيقي.
وأشار إلى انه ينسيق مع الجهات المعنية للقيام بمدخل مريح للسائح والمهتم بالمغاور وتوسيع المدخل الرئيسي لها لافتا إلى انه يملك ارشيفا كاملا من الحياة السورية يقوم بإضافة المكتشفات الجديدة إليه في كل فترة سيضع سورية في مراحل متقدمة بهذا المجال خاصة ان العديد من الاشخاص من معظم دول العالم خاصة الأجنبية اعترفوا له بأن سورية ستسبق دول العالم وسيحاولون الاستفادة من هذه التجربة لافتا الى انه عندما يقوم بارشفة النبات يبدأ بالبحث عنه في مختلف المصادر والمراجع العربية والعالمية والمواقع الإلكترونية لمعرفة ماذا يتوافر عنه من معلومات أو لمعرفة إن كان مكتشفا سابقا أم لا وهذا ما يجعله متأكدا من فكرة تصنيفه أو لا علما ان طبيعتنا يوجد فيها مخزون هائل من النباتات والأعشاب البرية غير المكتشفة أو المعروفة عالميا.
ومن الحيوانات التي تم اكتشفها مؤخرا هي أفعى بوا غريبة الشكل والحركات وذلك بالقرب من شاطئ البحر في منطقة عمريت بطرطوس وهي عبارة عن سحلية نادرة الوجود جدا عديمة الأرجل حتى يظنها الناس انها أفعى وهي تسمى عالميا أفعى بوا الرمل كما أن لها عينين صغيرتين وعدة أنياب منها اثنان كنابي الأفاعي فيما شكل حراشفها يتراوح بين شكل حراشف الأفاعي والسحالي وبعد الدراسة والبحث أطلق عليها اسم أفعى بوا الرمل السورية وذلك لبعض الاختلاف بينها وبين قرائنها القلائل المعروفين عالميا وكذلك فإن هذه البوا إذا ما أزعجت احدا أفرزت من مؤخرتها سائلا كريه الرائحة لإبعاد من يحاول مضايقتها أو افتراسها وهذا ما فعلته عند اقتراب فريق التصوير منها خلال تصويره فيلما وثائقيا عنها مشيرا الى انه قد يكون لدينا نوع صحراوي من بوا الرمال ولكنه لم يرصد إلى الآن وهذا ما نسعى لاكتشافه حاليا.
ولفت إلى الطير الذي تم اكتشافه مؤخرا في قرية السللورية التابعة لمنطقة بانياس والذي يسمى بطير الأم وهو طائر نادر جدا يبني عشه على شكل جرة الشرب الفخارية الصغيرة الكوزية ويوجد في أودية جبالنا الساحلية الكثيفة والأحراج والذي يميز هذا الطير انه يقوم لأشهر في بناء هذه الجرة العش جالبا حبيبات الطين الصغيرة فيضعها على بنية العش ثم يطرق بمنقاره في مكانها الصحيح بهندسة غريزية رائعة كما يجلب الحشرات ويهرسها ويخلطها مع الطين كمادة صمغية تعطي صلابة كبيرة لبنية العش وتعطي زخرفة جميلة فيه وهو من الطيور الذكية النشيطة ودائمة الحركة وفوق هذا يشغل الدنيا من حوله بزقزقته وصياحه فصوته أكبر من حجمه غير أن مأساة هذا الطائر أنه نادر جدا ولسوء حظه أن مناطق تكاثره تقع في وديان رعي قطعان الماعز إذ يقوم الرعاة بكسر أعشاشه كتسلية أو لأخذ فراخه فلا ناصح ولا مرشد يوعيهم إلى أهمية هذا الطائر الجميل مقترحا تفعيل دور الوحدات الإرشادية وربطها بوزارتي البيئة والزراعة لتقوم بعمل مزدوج لحماية الكائنات النادرة في بلدنا.
واكتشف السليم نوعا من ازهار الاوركيد السورية الفريد من نوعه وغير المصنف عالميا يزهر في منتصف شهر شباط أي قبل إزهار الأنواع الأساسية الأخرى وقد وجد بالقرب من مجرى نهر الغمقة شرق مدينة طرطوس لون زهرته أخضر مصفر وكأنه لون فوسفوري شكلها بشكل إنسان أطلق عليه اسم سيريان لينكس اوركيد أي أوكيد الوشق السوري علما انه يوجد نوعان قريبان له معروفان عالميا موجود منهما في البيئة السورية هما أوكيد القرد وأوركيد الإنسان مضيفا ان هذا النوع الجديد الذي تم اكتشافه بحاجة لدراسة أوسع لمعرفة الحشرات التي يستهدفها لافتا إلى انه من مفاخر سورية بيئيا غناها بأنواع أزهار الأوركيد البرية ومن هنا تكمن ضرورة إنشاء بنك بذور لأنواع نباتاتنا البرية لضمان عدم انقراضها.
ولفت الى انه يعمل على توثيق النباتات المكتشفة بشكل علمي في صفحات الحياة البرية حيث يوجد لديه ألبوم كامل من الصور لزهرة البيوني وجميعها من أرض الواقع وهي موثقة ومأرشفة بطريقة جيدة ومناسبة للمتصفح كما ان هذه الزهرة غير مصنفة عالميا إضافة إلى زهرة الأوكد أو العنطريف التي وجدها في البيئة الطبيعية لبعض المناطق في المحافظة خاصة قرية بملكة بجانب مدينة طرطوس وهي أيضا غير مصنفة عالميا إضافة إلى توثيق نحو 130 نوعا من الفطر من بيئتنا البرية بعمل وجهد فردي ومنها نحو ثلاثين صنفا غير معروفة عالميا لذلك عمد إلى تصنيفها وفق طعمها ونكهتها ودرجة سميتها وتسميتها وأرشفتها بطريقة تضمن حق الاكتشاف له ولبلده مستقبلا.
وأشار إلى ان الجمعية السورية للبيئة والتراث تعمل حاليا على اصدار قوانين بيئية جديدة من خلال اصدار قانون لحماية المغاور الطبيعية اسوة بقانون حماية الاثار حيث تم تشكيل لجنة لترميم المغاور والتي تعد سابقة عالمية من نوعها والتي تشكل لأول مرة في العالم في سورية مهمتها ترميم المغاور واعادة لزق التشكيلات الطبيعية المتساقطة بسبب العوامل الطبيعية والعوامل البشرية من المغاور ومنها مغارة جوعيت، كما يعمل على اقامة محاضرات وندوات لزيادة الوعي البيئي بين المواطنين وتحديدا فئة الشباب والتعريف بحياتهم البرية المتنوعة واهمية حمايتها وعدم العبث بها.
وقام الباحث البيئي السليم بانشاء نحو سبع عشرة صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي عنوانها الرئيسي الحياة البرية السورية تهدف إلى الوصول لأكبر عدد من المتصفحين وهذه الصفحات منظمة ومبوبة بشكل مناسب ومتناسق فيما بينها وكأنها صفحة واحدة متشعبة حيث يمكن ولوج المتصفح إلى جميع الصفحات التي يرغب بقراءة مضمونها بقليل من التقنية والجهد.
عادل عيسى- ديمة الشيخ
إضافة تعليق جديد