نيويورك: تأييد للتسوية السورية ورفض إيراني للقاء مع واشنطن
التفاوض، العمل الديبلوماسي والحل السياسي، هي المصطلحات التي تناوب على استخدامها بعض قادة العالم في اليوم الاول من اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، ومن بينهم الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي لم يتمكن في الوقت ذاته من تجنب الشهية الاميركية المعتادة للتلويح بخيار القوة، واختار منطقة «الشرق الاوسط» ليوجه تهديده هذا اليها.
لكن الكلام السلمي كان اللغة السائدة، باستثناء الخطابين القطري والتركي عندما كانا يتطرقان الى تناول الأزمة في سوريا بنوع من التحريض الواضح، والتي وصفها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بأنها التحدي الاكبر الذي يواجه العالم في الوقت الحالي.
وبعدما ارتفعت الآمال والتوقعات عالية بشأن احتمال التلاقي الاميركي ــ الايراني، راحت التسريبات، ثم مجريات اليوم النيويوركي الاول، تقلص الامال تدريجيا بشأن مدى الانفتاح الاميركي ــ الايراني المتبادل، وحجمه، حيث لم يحصل اللقاء الذي كان متوقعا بين اوباما والرئيس الايراني حسن روحاني، وليتبين لاحقا بحسب مسؤول في البيت الابيض، ان الاميركيين هم من طلب عقد لقاء ثنائي، وأن الايرانيين، وجدوا ان دونه تعقيدات كثيرة، فرفضوا في الوقت الراهن.
لكن ذلك لم يمنع الاميركيين والايرانيين من تبادل الكلام المعسول من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة. اوباما متفائل باللهجة الايرانية الجديدة وباحتمالات الخيار الديبلوماسي ومستعد للخوض فيه، بما قد «يفتح الباب امام علاقة مختلفة قائمة على المصالح والاحترام المتبادل»، والايرانيون يؤكدون على استعدادهم لتبديد الهواجس النووية حول برنامجهم السلمي، وإنما من خلال الاحترام وبعيدا عن لغة التهديد بالقوة والضغوط.
الا ان كل الاحتمالات تبقى واردة في كواليس الامم المتحدة وأروقتها، بما في ذلك احتمال «المصافحة» بين اوباما وروحاني مثلما جرى في اللقاء المتفق عليه بين الرئيس الايراني ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند حيث تبادلا المصافحة الاولى من نوعها منذ العام 2005. وفي ظل هذه الاجواء التفاؤلية، كان الاسرائيليون يجددون التشويش بالقول إن المواقف الايرانية الجديدة تمثل «لعبة خداع».
وبدا أن الرئيس الأميركي، وبالإضافة إلى تركيزه على الملفات الأساسية ومنها الازمة السورية والعلاقات مع إيران، أعطى في خطابه حيزاً كبيراً للشرق الأوسط، حيث حذر من أن الولايات المتحدة تبقى مستعدة للجوء إلى القوة في حال تهددت مصالحها في الشرق الأوسط، ورفض أي تخل أميركي في المنطقة، معتبراً أن هذا الأمر سيؤدي إلى «فراغ لا يستطيع أي بلد آخر أن يملأه».
وجدد تمسكه بروايته حول استخدام السلطات السورية للكيميائي، وأجرى مرافعة دفاع عن قراره التلويح بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا قائلا إنه اتخذ انطلاقا من «مصالحنا القومية ومصالح العالم». لكن اوباما اشار الى انه ناقش الازمة السورية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين طوال عام، وان واشنطن كانت تؤيد دائما التسوية الديبلوماسية للازمة السورية، مشيرا الى ان الولايات المتحدة ترفض تحويل سوريا الى ملاذ للارهابيين.
أما الرئيس الإيراني، فأشار في خطابه إلى كلام نظيره الاميركي، معتبراً أن إيران جاهزة لوضع إطار عمل مع الولايات المتحدة «إذا ما أبدى الأميركيون إرادة سياسية، وتوقفوا عن الاستماع إلى جماعات الضغط المؤيدة للحرب». وندد روحاني بلجوء اطراف دولية الى عسكرة الازمة السورية، مطالبا بتمرير مشروع ضد الارهاب والتطرف في العالم، داعيا الى العمل على مكافحة الارهاب في سوريا بالتوازي مع نزع السلاح الكيميائي فيها.
وافتتح الأمين العام العام للأمم المتحدة بان كي مون الجلسة أمس، حيث تطرق في كلمته إلى الأزمة السورية، معتبراً أنها أكبر التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن، مشددا على ضرورة انتهاج الحل السياسي والذهاب الى مؤتمر جنيف.
وتوالى على المنبر رؤساء الدول المشاركة في الجمعية العامة، حيث بدأت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، التي ركزت على عملية التجسس العالمي، ملمحة بوضوح الى الولايات المتحدة وجاء بعدها الرئيس الأميركي، ثم الرئيس التركي عبدالله غول، تلاه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وملك الأردن عبدالله الثاني، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وصولاً إلى الرئيس الإيراني.
وقال المسؤول في البيت الأبيض «قلنا علناً وفي المجالس الخاصة أيضاً، للإيرانيين إننا كنا منفتحين على فكرة محادثات على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، محادثات غير رسمية وليس لقاء ثنائياً. وتبين أن تحقيق ذلك سيكون معقداً للغاية في الوقت الراهن بالنسبة إلى الإيرانيين».
وكان مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية قال أمس، إن أوباما ووزير خارجيته جون كيري «يدعمان منذ فترة طويلة جهداً لإدخال إيران في مفاوضات مباشرة، بما فيها مباحثات ثنائية بالتنسيق مع مجموعة الـ5+1، ويعتقدان أن احتمال انفتاح مع القيادة الإيرانية الجديدة يستحق الاختبار».
وأضاف المسؤول أن أوباما طلب من كيري «المساعدة في لعب دور قيادي، بينما نحدد الطريق إلى الأمام»، لافتاً إلى أن «الأفعال تتحدث أكثر من الكلمات، والخطوات التي سيتخذها الإيرانيون في الأسابيع المقبلة لإظهار أنهم جديون، ستحدد الى أي مدى ستنجح هذه الجهود والوقت الذي ستأخذه».
وأوضح المسؤول أنه «بينما لا نتوقع أن أيا من المسائل سيتم حلها لاحقاً هذا الأسبوع خلال اجتماع مجموعة الدول الست، إننا متفائلون بأنه سيكون بوسعنا رسم خريطة طريق مستقبلية»، مضيفاً «لقد كانت لنا عدة اتصالات مع إيران، ونتطلع الى أن يجتمع المدراء السياسيون في موعد سيحدد في تشرين الأول المقبل لمباحثات جوهرية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد