الفرنسيات ضحايا عنف الرجال وقصور القانون
أصيب المجتمع الفرنسي بصدمة حقيقية وهو يطالع حصيلة رسمية عن الاعتداءات على النساء في فرنسا.
وتبين وفقاً لدراسة صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي، أن واحدة من بين كل عشر فرنسيات تعرضت لاعتداء جنسي مرة في حياتها، وأن الأغلبية الساحقة من الاعتداءات البدنية والجنسية تتم داخل الأسر وليس خارجها.
ورصدت دراسة وزارة التضامن الاجتماعي أن شرب الخمر كان سببا في ربع حالات الاعتداء على النساء. وأشارت إلى أن السبب الأول وراء ذلك هو الانفصال ثم المشاجرات ثم الغيرة الزوجية.
كما وقعت 113 حالة قتل بين الأزواج والعشاق خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، 83% منها من النساء.
وقد أظهرت الدراسة أن امرأة واحدة تتعرض للقتل كل يومين ونصف على يد مطلقها أو عشيقها السابق.
وأضافت أن نسبة 31% من الاعتداءات تحدث جراء الانفصال عن الرجال. واتضح أنه منذ صدور قانون الرابع من أبريل/نيسان الماضي، المنظم للعلاقة بين الرجل والمرأة، سواء منهم المطلقين أو الأزواج أو العشاق، شهدت حالات الاعتداء على النساء ارتفاعاً ملحوظاً.
وعلقت جيرمن فاتين نائبة رئيس الاتحاد الوطني للتضامن مع المرأة على هذه النتائج قائلة "لابد من اتباع سياسة قوية وواضحة يتبنى خلالها الجميع خطاباً واحداً يعتبر العنف ضد المرأة شأناً عاماً وجريمة يعاقب عليها القانون، ولا يمكن تبريرها بأي حال".
وقالت فاتين إن "القانون الفرنسي يتميز بأنه مكتمل على صعيد العنف ضد الآخر بصفة عامة بما في ذلك المرأة، ويلزم الآن تحقيق التناغم المطلوب بين التشريعات القائمة في هذا المجال، بحيث يتم تطبيقها على النساء ضحايا العنف دون أي هوادة".
وأدرجت الدراسة إجبار الأزواج لزوجاتهم على المعاشرة الزوجية ضمن قائمة الاعتداءات الجنسية، وتوقفت عند ما اعتبرته تخلفاً فرنسياً بالمقارنة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي في مجال تفعيل سبل حماية المرأة من جرائم العنف.
وعددت في هذا الصدد مناهج التربية والتعليم، وتأهيل المتخصصين في مجال حماية المرأة، وتطبيق القانون، ومساعدة الضحايا، ومتابعة حالات الاعتداء مع عدم الاكتفاء بالمتابعة الوقتية.
وتقبع فرنسا في هذا المجال في مؤخرة الترتيب الذي يضم دولاً سبقتها بفارق كبير، مثل السويد وإسبانيا وهولندا وألمانيا. وتوفر كل دولة من الدول الأربع سبل الحماية للمرأة من عنف الأزواج بما يعادل أربعة أمثال ما توفره فرنسا.
أما أيرلندا فتوفر من هذه الوسائل خمسة أمثال ما توفره فرنسا. وفي الدانمارك تعتبر هذه الاعتداءات جنحة حتى لو لم تقم الزوجة بالإبلاغ عنها.
وبينما توفر إسبانيا 293 مقراً لإقامة ضحايا عنف الأزواج، توفر إيطاليا 400 مقر، مقابل 33 مقراً فقط في فرنسا، رغم أن وزير الداخلية نيكولا ساركوزي كان قد أصدر قراراً بمنح الجنسية الفرنسية للشابة المغاربية شهرزاد بلعيني، التي تعرضت في وقت سابق لحرق جزئي في وجهها جراء اعتداء شاب عليها بمادة كيماوية، بعدما رفضت الزواج منه.
وقالت جيرمن فاتين إن على الجميع تحمل مسؤولياتهم، بمن فيهم مرتكب الجريمة تجاه المشكلة وانعكاساتها خاصة على الأطفال لأنها تحمل إضافة إلى البعد الزوجي بعداً أسرياً اجتماعياً يتعلق بالأبناء".
وواصلت قائلة "لابد من تغيير النظرة السائدة إلى مشكلة العنف ضد المرأة الفرنسية، وتعميق الشعور بخطورتها على الأسرة وعلى المجتمع قاطبة".
وأشارت في هذا السياق إلى بعض المشاكل التي قد تسفر عن اندلاع العنف بين الزوجين، "مثل تغيير وضع أحدهما ودخوله سوق البطالة بعد افتقاد الوظيفة، ومن ثم مصدر الإنفاق على الأسرة".
وذهبت الدراسة إلى أن الأرقام المعلنة لا تمثل بالضرورة الرقم الحقيقي للنساء من ضحايا العنف، حيث تفضل الكثيرات منهن عدم الإبلاغ عما وقع في حقها من اعتداء، خوفاً من نتائج الإقدام على هذه الخطوة.
ورأت فاتين أنه "من الضروري توفير الحماية اللازمة للضحية عند قيامها بالإبلاغ، بشكل ما يسمح بكسر الصمت الذي يلتزم به عدد من الضحايا خوفاً من التبعات المترتبة على ذلك، مثل افتقاد المأوى أو الحماية البدنية من الزوج المعتدي".
سيد حمدي
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد