الاكتئاب يؤدي إلى «شيخوخة» الخلايا
أظهرت دراسة حديثة لباحثين في قسم الطب النفسي في المركز الطبي التابع لجامعة «فو» في أمستردام، أن تعرض الأشخاص إلى أشكال حادة من الاكتئاب في مراحل حياتهم يساهم في إسراع «شيخوخة» الخلايا لديهم.
وبالرغم من أن العلماء يشكون دائماً بوجود ترابط بين «هرم» الخلايا والاكتئاب، إلا أنها المرة الأولى، التي يتم فيها تثبيت هذه النظرية علمياً على مستوى «الكرموزومات» في خلايا الحمض النووي.
ومن المتعارف عليه أن المكتئبين، أو الذين يتعرّضون إلى انهيار عصبي في حياتهم، يطوّرون أكثر من غيرهم أمراضاً مرتبطة بتقدم العمر كمرض السكري من الفئة الثانية أو مرض السرطان أو الخرف. ويزيد سلوكهم الصحي السيئ، كعدم ممارستهم للرياضة وإفراطهم في شرب الكحول وتناول الطعام، من إمكانية إصابتهم بهذه الأمراض. إلا أن الباحثين حاولوا دائماً إثبات حصول عملية بيولوجية متصلة بالاكتئاب. وهذا ما ساعدت عليه الدراسة الهولندية الحديثة.
فمن خلال دراسة طول «التيلومير»، وهو منطقة من تسلسل نووي كثير التكرار عند نهاية الكروموزومات تحميها من التدهور، توصل العلماء إلى نتيجة تفيد بأن الاكتئاب يسارع في عملية تدهورها. ويتقلص طول «التيلومير» في كل جيل يمر على الخلية الجسدية ويؤدي إلى انقسامها، وهذا الطول يعكس تحديداً العمر، الذي وصلت إليه الخلية.
وقارن الفريق العلمي هياكل الخلايا لدى 2407 أشخاص بعضهم يعاني من الاكتئاب. ووجدت الدراسة أن «التيلومرات» لدى من عانوا الاكتئاب أقصر بحوالي 84 زوجاً من قاعدة الحمض النووي مقارنة بمن لم يعانوا الاكتئاب من قبل.
وقال العلماء إن هذا الفارق يشير إلى شيخوخة مبكرة في الخلايا تقدر بأربع إلى ست سنوات، وقد تصل إلى عشر سنوات، إذا كان الاكتئاب حاداً أو استمر لفترة طويلة.
وبحسب الباحث في معهد العلوم الجينية الإنسانية في مونبيليه جيروم دوجاردان فإن الدراسة اقتصرت على خلايا الدم، ولم تشمل الخلايا الجسدية. ولذلك فمن الصعب معرفة إذا كانت الخلايا والأعضاء جميعها تتعرض للشيخوخة المبكرة الناجمة عن الاكتئاب.
إلا أن المعطيات المتوفرة من الدراسة تفتح المجال أمام محاولة إيجاد الحلول وإعادة عمر الخلايا إلى الوراء. وكانت دراسة سابقة أجراها باحثون أميركيون في ولاية كاليفورنيا أكدت أن تيلوميرات مجموعة من الأشخاص عانوا من الاكتئاب وقرروا تغيير نمط حياتهم خلال خمس سنوات، كانت أطول من تيلوميرات العينة التي فضّلت البقاء على حالها.
وفي الانتظار، تسعى شركات أميركية خاصة لإيجاد العلاجات التي تساعد على تطويل التيلوميرات بهدف عرض عقاقير «لإعادة الشباب» في الأسواق.
(عن «لو فيغارو»)
إضافة تعليق جديد