ماذا لو انتقلت حرب سوريا إلى شوارع لندن؟
ماذا لو وقعت الأحداث التي تشهدها سوريا، في بلد آخر؟ ماذا لو انتقل ما تشهده المدن السوريّة، إلى لندن؟ في شريط إعلاني مُدّته 90 ثانية، بعنوان «كلّ يوم ثانية»، تتناول جمعية «انقذوا الأطفال» أثر الحرب على الأطفال، من خلال تصوير لحظات عابرة من يوميّات طفلة، قبل الحرب، وخلالها. يتخيّل صانعو الإعلان، كيف كانت ستكون حياة طفلة بريطانيّة في السّادسة من العمر تقريباً، لو شهدت ما تشهده أيّ طفلة سوريّة اليوم؟
يلاحق الشريط سنةً من حياة الطفلة. نقطة البداية، صورة للصغيرة، تحتفل بعيد ميلادها مع والديها وصديقاتها. تمرّ يومياتها على شكل لقطات قصيرة، مدّة الواحدة منها ثانية فقط. في لقطة تأكل البوظة، وفي لقطة أخرى تلهو بألعابها، أو تجلس مع والديها، وتخرج إلى الملاهي والملاعب، تغفو على المقعد الخلفيّ لسيارة، تأكل البوظة، أو تعزف الفلوت، أو تضع أحمر الشفاه، أو تمارس الرياضة، أو تركب مرجوحة.
يبدأ المشهد بالتغيّر في الجزء الثاني من الشريط، وتدخل أصوات التصعيد عبر صور لنشرات الأخبار في الخلفيّة، وسجالات سياسيّة، وعناوين تصعيدية على صفحات الجرائد الأولى. إنّها الحرب. أصوات طيران، ورصاص، وسيارات إسعاف. كلّ شيء هنا يبدأ بالتذكير بأشرطة أخرى شاهدناها بشكل متفرِّق على «يوتيوب»، لمحطّات عدّة من الحرب السورية. تسقط بجانب الطفلة قذيفة، تنجو بأعجوبة. تهرب مع أهلها من المنزل، لا تجد ماء أو دواء، وتبدأ ملامحها بالتبدّل. وفي لقطات أخرى، تظهر وهي تبكي، وتهرع مسرعةً هرباً من دوّي صوت الرّصاص في الخلفية، تضع على وجهها قناعاً كي لا تتنشّق الغازات السامّة، وتأكل تفاحة مهترئة. تنام طفلة الإعلان في المأوى وتهرب مع عائلتها قبل أن تفقد والدها. ثم يتمّ إجلاء العائلة من قبل الجيش، في محاكاة لإجلاء بعض المدنيين من مناطق محاصرة في سوريا، ويتمّ نقلها إلى مستشفى. وكما بدأ الإعلان، يُختتم بمشهد لعيد ميلادها، حيث تظهر والدتها وهي تحمل قالب حلوى صغيراً جداً مع شمعة واحدة، وتطلب منها أن تتمنى أمنية، بينما وجه الطفلة محطّم بفعل الخوف والحزن.
تمّ تنفيذ الإعلان بمبادرة من شركة «دونت بانيك» (أو «لا داعي للذعر» بالعربيّة)، ونُشر في الخامس من الجاري على حساب الجمعيّة على «يوتيوب»، أي قبل أيام على الذّكرى الثّالثة لاندلاع الأحداث في سوريا، «والتي تسبّبت بتدمير حياة 5 ملايين طفل، ممن هم بحاجة للمساعدة العاجلة، وتهجير أكثر من مليون طفل، وقتل حوالي 7 آلاف طفل بريء»، بحسب ما نشرت الجمعيّة على موقعها الإلكتروني.
شاهد الإعلان أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم خلال اليومين الماضيين، وتمّت إعادة نشره بكثافة أمس، خصوصاً في الدول العربيّة. كما أطلقت الجمعيّة بالتزامن معه وَسمَي «انقذوا أطفال سوريا» و«مع سوريا»، اللذين تم استخدامهما بكثافة عبر مواقع التّواصل الأخرى كـ«تويتر» و«فايسبوك».
يُختتم الإعلان بجملة تظهر على خلفيّة الشاشة البيضاء: «إن كان الأمر لا يحدث هنا، ذلك لا يعني أنّه لا يحدث أبداً». وقالت جاك لوندي، مديرة التّواصل والعلامة التّجاريّة في جمعيّة «انقذوا الأطفال»، في تصريحات إعلاميّة، أنّها تأمل «أن ينال الفيديو صدىً جيداً لدى الجمهور، خصوصاً من لا يعرفون الكثير عن سوريا، بالإضافة إلى تقديم منظور جديد لرؤية الآثار السّلبية والمدمّرة للصّراع الدائر في سوريا على الأطفال».
يدعو الإعلان إلى مساعدة أطفال سوريا، أو التفكير بمعاناتهم على الأقلّ، لكنه لا يوضح الكيفيّة التي تقترحها الجمعيّة للمساندة. الإعلان هزّ مشاعر كثيرين بالأمس، لكنّ بعض المعلّقين اعتبر أنّ المقارنة بين الطفلة البريطانيّة والطفلة السوريّة، تتضمّن شيئاً من الفوقيّة، وإقراراً بأنّ حياة فتاة لندنيّة وسعادتها، أهمّ من حياة طفلة دمشقيّة. اعتبر آخرون أنّ الشريط رسالة للتذكير بأنّ الحرب حطّمت حياة آلاف الأطفال خلال السنوات الماضية، وخطفت ألوان وجوههم.
دجى داوود
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد