تناقض إسرائيلي إزاء الموقف الأميركي: خيبة رسمية والمعارضة تهاجم نتنياهو
أثارت شهادة وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمام مجلس الشيوخ، أمس الأول، حول مسؤولية إسرائيل عن تفجير المفاوضات ردود فعل متضاربة في إسرائيل. فبعد المحاولة الأولية من جانب المتحدثين بلسان حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للإيحاء بأن شيئا لن يتغير وأن الفلسطينيين مسؤولين عن تفجير المفاوضات، عاد بعضهم إلى إبداء الخيبة من تصريحات كيري واعتبارها "ضارة بالمحادثات". ومع ذلك من المقرر أن يعقد اليوم في القدس الاجتماع الرابع بين طواقم المفاوضات في محاولة للخروج من الأزمة برغم بدء إسرائيل إجراءاتها العقابية ضد السلطة.
وكان كيري قد أبلغ لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي أن إسرائيل تخلّفت عن موعد متفق عليه لإجراء تحرير لدفعة الأسرى الرابعة، وحين ما بدا أن هناك صفقة وشيكة أعلنت عن عطاء استيطاني فجّر الموقف. وبعد شهادته في مجلس الشيوخ اجتمع في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ومع نائب الرئيس جو بايدن وأطلعهما على الأزمة في "محادثات السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقد أدلى ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمس بأول تعقيب شبه رسمي، حيث اقتبست صحيفة "نيويوك تايمز" عن مسؤول رفيع المستوى في الديوان قوله بأنه "خائب جدا" من أقوال كيري. وأضاف هذا المصدر أن "ملاحظات كيري ستضر بالاتصالات وستصلّب المواقف الفلسطينية". وأعاد التشديد على أن كيري يعلم أن "الفلسطينيين هم من رفضوا استمرار المحادثات المباشرة في تشرين أول، وقالوا لا لاتفاقية الإطار التي عرضها، ورفضوا حتى البحث في الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وقالوا لا للقاء مع كيري نفسه".
وأضاف المصدر الإسرائيلي، الذي لم يكشف عن اسمه، أنه "بموازاة ذلك، في إطار التفاهمات التي سبقت المحادثات، لم تنتهك إسرائيل أي قيد على البناء. لذلك فإن الزعم الفلسطيني بأن البناء في القدس يخالف التفاهمات، يتناقض مع الوقائع. وطواقم المفاوضات الأميركية والفلسطينية تعرف أن إسرائيل لم تعد بأي شيء في هذا الشأن". ومع ذلك، شدّد المصدر الإسرائيلي على أن تل أبيب معنية باستمرار الاتصالات وستعمل من أجل حل الأزمة الحالية، مهددا في الوقت ذاته بأن الإجراءات الفلسطينية من طرف واحد سيُرد عليها بإجراءات إسرائيلية من طرف واحد.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد اعتبرت كلام كيري غير مفاجئ لأحد وأنه كشف ما يعرفه كثيرون عن الإحباط الذي يسود الكثير من المسؤولين الأميركيين تجاه العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وكتب المراسل السياسي لـ"هآرتس" باراك رابيد أنّ ما "أثار العاصفة هو واقع أن كيري قال بصوت عال ما يفكر فيه". وأثارت تصريحات كيري ردود فعل متناقضة في الساحة السياسية الإسرائيلية حيث، قال وزير الاقتصاد نفتالي بينت إنّ "إسرائيل لن تعتذر أبدا على البناء في القدس. سمعت أنهم وصفوا البناء في القدس كـ"بووم". لسنوات طويلة حاولوا بالبومات والتفجيرات منعنا من أن نعيش في العاصمة الخالدة للشعب اليهودي. هذا لن يحصل. البناء في القدس ليس بوما، بل صهيونيا".
أما رئيسة "ميرتس" زهافا غالئون فرأت في المقابل أنّ "الأقوال الخطيرة لكيري هي دليل آخر على أن ليس للائتلاف اليميني ـ المتطرف لنتنياهو ـ بينت ـ لبيد مصلحة في الوصول إلى اتفاق، بل تسويف المفاوضات وتعريض المصالح الوجودية لإسرائيل للخطر. وبدلا من اتخاذ قرارات شجاعة، حتى عشية تفجير المفاوضات واصلوا في هذه الحكومة السيئة توجيه اصبع وسطى إلى الأميركيين وإقرار بناء آخر خلف الخط الأخضر".
وتم يوم أمس تسجيل تصعيد في تبادل الاتهامات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقد أعطى نتنياهو تعليمات للوزارات بالامتناع التام عن عقد اللقاءات مع الفلسطينيين وأمر بوقف أوجه التعاون المدني والاقتصادي معهم. ولكن هذه التعليمات لا تشمل نشاط طاقم المفاوضات الإسرائيلي مع السلطة برئاسة وزيرة العدل تسيبي ليفني كما لا يشمل التنسيق الأمني والمدني القائمين عبر منسق الأنشطة الإسرائيلية في المناطق المحتلة.
واعترض وزير حماية البيئة عمير بيرتس، وهو من حزب "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، على تعليمات نتنياهو بوقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني. وفي رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة أعرب عن معارضته لهذه التعليمات وقال "بحسب رأيي، أضرار هذه التعليمات أكبر من فوائدها، خصوصا في هذه الأيام التي تحاول فيها وزيرة العدل مواصلة الاتصالات مع الفلسطينيين باسمك وباسم الحكومة بأسرها". وأضاف بيرتس "أطلب منك أن تجري نقاشا حول الأمر في الحكومة لعرض مزايا وعيوب هذا القرار".
وبرغم أن بيرتس هو الوزير الوحيد حتى الآن الذي أعرب عن اعتراضه على قرار وقف التعامل مع الفلسطينيين، إلا أن ذلك لا يمنع وجود وزراء آخرين لا يريدون المشاركة في حملة تصعيد الأزمة. وغير معروف حتى الآن موقف وزير المالية زعيم "هناك مستقبل" يائير لبيد الذي يعتبر تعامل وزارته هو الأهم مع السلطة حيث يجبي الضرائب والجمارك عن البضائع بدلا عنها.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد