سجالات بغداد ـ أربيل تستعر
طغى السجال بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئاسة إقليم كردستان على مجمل تفاصيل الأزمة في البلاد أمس، في مشهد استغله رئيس الإقليم مسعود البرزاني ليكرر أنّ «الشعب الكردي لن يطلب إجازة أحد في حق تقرير مصيره»، بينما أعلن وزراء أكراد تعليق حضورهم اجتماعات حكومة تسيير الأعمال احتجاجاً على تصريح للمالكي قال فيه إنّ اربيل أصبحت «مقراً» لـ«داعش والقاعدة والبعث».
في هذا الوقت، وفي حدث مرتبط بالمشهد الأمني في البلاد، اعتبر وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أنّ «الجهاديين» الذين استولوا على مناطق واسعة من العراق بقيادة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» يمثلون «خطرا داهما» وواضحا على الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة.
واعتبر رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، أمس، أنّ «الالتزام بالدستور يحمي وحدة أراضي العراق، وهناك العشرات من الأدلة التي تثبت خرق المسؤولين العراقيين للدستور العراقي»، مشدداً على أنّ «الشعب الكردي لن يطلب إجازة أحد في حق تقرير مصيره».
وأشار البرزاني، خلال لقائه ممثلي الدول الأجنبية في أربيل، إلى أنه بعد «إخفاق الجيش في مناطق عديدة من العراق، أصبح (رئيس الوزراء نوري) المالكي يخفي إخفاقاته باتهام إقليم كردستان ومن دون أي أدلة باحتواء الإرهابيين»، مشيراً إلى أنّ «مشاكل العراق ليست مشكلة شخص واحد وإنما هي مشكلة في النهج والإدارة الخاطئة في العمل».
وبشأن المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي، المرتبطة بمسألة المناطق المتنازع عليه، قال البرزاني إنّ «قوات البشمركة متمركزة في تلك المناطق لحماية أرض وعرض أهالي كردستان من أي هجوم للإرهابيين، ولن تنسحب البشمركة من تلك المناطق بأي شكل من الأشكال».
وفي سياق متصل، أعلن وزراء أكراد تعليق حضورهم اجتماعات حكومة تسيير الأعمال العراقية، حيث قال نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس، خلال مؤتمر صحافي في بغداد، «نرفض بشدة التصريحات التي ادلى بها السيد المالكي ونعدها موقفا فرديا ويصب في باب العداء بين مكونات الشعب العراقي وتهديده». وأعلن شاويس عن مقاطعة اجتماعات مجلس الوزراء للتعبير «عن احتجاجنا وعدم تحملنا مثل هذه التصرفات والتصريحات والمواقف. فهذه الممارسات والتصريحات أيا كان مصدرها، هي وسيلة لإخفاء الفشل الأمني وإلقاء اللوم على الآخرين».
لكن مسؤولا كرديا كبيرا، طلب عدم ذكر اسمه، أوضح لوكالة «رويترز» أنّ المسؤولين سيواصلون تسيير شؤون وزاراتهم وأنهم لم ينسحبوا من الحكومة.
وجدير بالذكر أنّ الرد الكردي الأول على الخطاب الأسبوعي الأخير للمالكي، جاء في بيان مساء أمس الأول، طالب عبره المتحدث باسم رئاسة اقليم كردستان اميد صباح، المالكي بالاعتذار من الشعب العراقي وترك منصبه بدلا من التغطية على «فشله السياسي والعسكري». وقال «سمعنا السيّد المالكي يكيل الاتهامات الباطلة لمدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان، وعندما ندقق في أقواله نستنتج أنّ الرجل قد أصيب بالهستيريا فعلا وفقد توازنه».
وفي حدث بدا أنه مرتبط إلى حد كبير بالأزمة بين بغداد وأربيل، قررت بغداد وقف خدمات الشحن الجوي الى كل من أربيل والسليمانية، بحسب ما أكده رئيس سلطة الطيران المدني العراقية ناصر بندر.
من جهتها، قالت مديرة مطار أربيل الدولي تلار فائق، «أبلغتنا بغداد بأنه تم إلغاء جميع الرحلات بدءا من (أمس) الخميس وحتى إشعار آخر». وأضافت أن المواد التي كانت تنقل عبر الشحن الجوي الى مطار اربيل مواد بناء ومستلزمات شركات النفط والأغذية.
وتتصاعد سريعاً حدة التوتر بين بغداد واربيل قبل ثلاثة أيام من الجلسة الثانية للبرلمان الجديد الذي فشل في جلسته الأولى في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، في حراك بات يهدد التوافق العام في البلاد.
في سياق منفصل، اعتبر وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أنّ «الجهاديين» الذين استولوا على مناطق واسعة من العراق يمثلون «خطرا داهما» وواضحا على الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة. وقال، خلال زيارة قاعدة بحرية في جورجيا في جنوب شرق الولايات المتحدة فجر أمس، «لن نخدعكم حيال هذا الأمر... ولا يجوز أن ينخدع احد في الكونغرس بهذا الخصوص. الجهاديون يشكلون خطرا على بلادنا». وأضاف «هم قوة متطورة ومتحركة ومنظمة وممولة بشكل جيد وقادرة»، مؤكداً أنهم يمثلون «تهديدا لحلفائنا في الشرق الأوسط وفي أوروبا». وتابع ان هذه المجموعة المتطرفة «قد لا تبدو تهديدا داهما للولايات المتحدة، لكنها فعلا تهديد للولايات المتحدة». وأضاف «انه تهديد... واضح لشركائنا في المنطقة... خطر داهم».
وفي تطورات عراقية ميدانية، قال مصدر أمني، مساء أمس، إنّ متشددين اقتحموا قاعدة عسكرية في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، مضيفاً أنّ هؤلاء خاضوا اشتباكات حتى دخلوا القاعدة التي تقع على مشارف بلدة المقدادية على بعد 80 كيلومترا شمال شرق بغداد. وكان الجانب الشمالي من البلدة تحت سيطرتهم بالفعل قبل اشتباكات الأمس. وشهدت المنطقة المحيطة بالمقدادية اشتباكات مستمرة في الأسابيع الأخيرة. وقال المصدر الأمني إن المتشددين كان بينهم مئات المقاتلين العرب من غير العراقيين المدججين بالسلاح وإن بعضهم كانوا يركبون دبابات. وأضاف المصدر أن مفاوضات تجري بشأن هدنة يشارك فيها شيوخ عشائر محليون.
من جهته، أكد مسؤول محلي أن المتشددين اقتحموا الموقع لكنه قال إنه سيتم صدهم. وأضاف «تمكنوا من السيطرة على جزء من القاعدة لكننا سنستعيده منهم».
محمد جمال
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد