هل يدمر "داعش" سد الموصل؟
لم يعد خافياً ارتباط تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش" بالحكومة التركية.
الجغرافيا لا تكذب ولا يمكن تزويرها. المعارضة التركية تتحدّث عن ذلك علناً. تركيا هي القاعدة اللوجستية لـ"جيش داعش". هي التي توفر الأسلحة والذخائر والوقود والآليات والتموين والخدمات الطبية. أجهزة الاتصالات في "داعش" متطورة جداً، بحيث لا تتمكن سوريا، والأرجح إيران وروسيا، من اعتراضها أو التشويش عليها، بل على العكس سجلت حوادث تشويش من التنظيم على الاتصالات العراقية.
سلوك "داعش" سجل أقصى درجات الوحشية. إعدامات فورية، وتفجير مراقد مقدسة، وطرد المسيحيين والأكراد من الموصل، وسبي نساء إيزيديات ومسيحيات، وهناك أنباء عن بيعهن في سوق نخاسة، وتدمير كنائس وحسينيات وقتل رجال دين مسلمين سنة ووجهاء عشائر غير موالين.
خاض "داعش" حرباً قاسية، ولا يزال مع شقيقته في الايديولوجيا "جبهة النصرة"، أدّت إلى سقوط سبعة آلاف قتيل. لم يتعب "داعش". القاعدة اللوجستية التركية تعوّض بسرعة. المال على الأرجح خليجي، فالخليج له شبهة قوية لتمويل هذه الحركات، ويدخل في هذا السياق ما يصدر عن وزارة الخزانة الأميركية، بين وقت وآخر، من وضع شخصيات خليجية على اللائحة السوداء، وآخرهم ثلاثة كويتيين.
لكن الخبر الأخطر هو سيطرة "داعش" على سد الموصل على نهر دجلة، والذي كان يُعرف باسم سد صدام حسين، وهو رابع أكبر سد في الشرق الأوسط.
ويعاني السد من مشكلة بنيوية، فقد تمّ بناؤه على ارض طينية، وهو بحاجة إلى تدعيم بالباطون أو الخرسانة من اجل الصمود. ومنذ الاحتلال الأميركي والحكومات المتعاقبة لم تعر اهتماماً لهذا السد.
اليوم السد تحت سيطرة "داعش". ويلوح خطر كبير من إقدامه على تدمير السد أو التسبب بانهياره، وهو أمر سيؤدي إلى إغراق مدينة الموصل وإحداث كارثة إنسانية وبيئية كبرى، وربما تصل المياه إلى تكريت وسامراء وبغداد والكوت والعمارة.
وينبع نهر دجلة من جبال الامانوس في تركيا، ويعبر سوريا قرب القامشلي مسافة 50 كيلومتراً ليدخل العراق. وبعد أن يعبر الموصل، يصب فيه نهرا الزاب الكبير والزاب الصغير وديالى.
وربما تلجأ تركيا إلى تدبير تقول إنه وقائي لتفادي الإغراق، حيث تقوم بحبس المياه في السد الذي تقيمه على النهر داخل الأراضي التركية في إطار مشروع جنوبي الأناضول، من أجل التخفيف من الإغراق، فتؤدي إلى تجفيف هذه المدن. وكانت تركيا أعربت عن حاجتها لزيادة حصتها من المياه، وهناك خلاف تركي مع سوريا والعراق حول توزيع مياه نهري دجلة والفرات. وربما استغلت تركيا ذلك لزيادة حصتها على حساب تجفيف أو إغراق العراق.
إذا حصل ذلك، واحتمالاته تبدو عالية، فإننا مقبلون على كارثة في العراق هي الأشدّ بعد اجتياح المغول بقيادة هولاكو.
إلياس فرحات
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد