الكهرباء: توقف ثلاث محطات رئيسية خفض تغذية المنطقة الجنوبية إلى الربع
أوضح مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء أن الأزمة الحالية والحرب الشرسة والهمجية التي تشنها القوى المعادية وقوى الظلام والفكر الرجعي ألقت بظلالها على كل مكونات الدولة السورية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والصناعية إضافة للبنى التحتية، وكان لقطاع الكهرباء النصيب الأكبر من الاعتداءات الإرهابية
لأنه القطاع الأهم في دعم مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية «ولذلك فهو يتعرض منذ بداية الأزمة بمختلف منشآته من محطات توليد ومحطات تحويل وشبكات نقل وتوزيع إلى اعتداء تلو الآخر».
وأكد المصدر أن وزارة الكهرباء بكل مؤسساتها وعامليها ودون كلل أو ملل تبادر إلى معالجة الأعطال الناجمة عن هذه الاعتداءات قدر الإمكان بهدف الحفاظ على استمرارية التغذية الكهربائية وإيصالها إلى المواطنين في كل المحافظات دون استثناء، دون أن نغفل خسائر الوزارة التي تجاوزت 200 مليار ليرة سورية، إضافة إلى الخسائر البشرية التي لا تقدر بثمن، حيث استشهد أكثر من 150 عاملاً أثناء قيامهم بواجبهم في إصلاح الأعطال.
ولفت المصدر إلى أنه في مرحلة من مراحل الأزمة الحالية بدأت المجموعات الإرهابية التي يقودها الخارج المعادي لسورية باستهداف المنشآت النفطية التي تؤمن الوقود اللازم لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، وقامت منذ أكثر من سنتين بضرب السكك الحديدية التي تنقل الفيول إلى محطات التوليد ما أثر في عملها، فانخفض إنتاج الطاقة الكهربائية في تلك المحطات، وبادرت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة النفط إلى إيجاد بدائل لنقل الفيول إلى المحطات عن طريق الصهاريج وهذه البدائل كلفت وزارة الكهرباء مبالغ وتكاليف إضافية تجاوزت 3 مليارات ليرة سورية لتحفيز سائقي الصهاريج على نقل الفيول إلى محطات التوليد بهدف الحفاظ على استمرارية توليد الطاقة الكهربائية وبالتالي استمرارية التغذية الكهربائية للمواطنين.
وتبذل الحكومة مساعي كبيرة لتأمين الموارد اللازمة ضمن الأولويات المتاحة لاستيراد النفط اللازم لسد العجز الحاصل في كميات الوقود المتاحة إذ تصل الحاجة اليومية إلى استيراد ما بين 15 و20 ألف طن مكافئ نفطي.
وعن الوقود اللازم لعمل المحطات تحدث المصدر عن أن قيمة كل من «غاز - فيول - مازوت» تبلغ بين 9 و12 مليون دولار أميركي، ما يعادل 1530 و2040 مليون ليرة سورية، وهو ما يبين حجم المبالغ المطلوبة يومياً في حال تم استيراد الوقود، وهذا بحد ذاته تحدٍّ كبير في ضوء محدودية الموارد ودعم قطاع الكهرباء .
وبيّن المصدر أنه في ضوء التحدي الكبير الذي أبرزه عمال وزارة الكهرباء وإصرارهم على إصلاح الأعطال التي تصيب المنشآت الكهربائية بعد كل اعتداء بهدف الحفاظ على استمرارية التغذية الكهربائية، بادرت المجموعات الإرهابية مؤخراً (قبل أربعة أشهر) إلى تصعيد استهدافها لقطاع الكهرباء عن طريق استهداف أنابيب نقل الغاز إلى محطات التوليد، فانخفض إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل كبير، ولاسيما المغذي للمنطقة الجنوبية (دمشق - ريف دمشق - درعا - السويداء - القنيطرة) وتوقفت ثلاث محطات توليد رئيسية في المنطقة الجنوبية عن العمل رغم جاهزيتها التامة لإنتاج الكهرباء، والتي وصلت إلى 1500 - 1600 ميغا واط في حين أن الطلب على الطاقة الحالي يبلغ نحو 6000 ميغا واط، بمعنى أن الطاقة المولدة المتاحة لا تتجاوز نسبتها 25% من إجمالي الطلب على الطاقة، وهذا ما اضطر وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها إلى تطبيق برنامج تقنين كهربائي على كل محافظات القطر، وذلك للمحافظة على وثوقية الشبكة الكهربائية واستقرارها وتجنباً لانهيارها.
وبناءً على ذلك، وفي ضوء محدودية كميات الطاقة الكهربائية المولدة، يتم يومياً عقد اجتماع يضم فعاليات مؤسسات الوزارة (توليد - نقل - توزيع)، يتم خلاله تحديد كميات الوقود المتوافرة من فيول وغاز، ويوضع برنامج لتشغيل محطات التوليد وتحديد كميات الطاقة الكهربائية الممكن توليدها استناداً لكميات الوقود المتوافرة.
وأضاف: بعد تحديد كميات الطاقة الكهربائية المتوقعة، يتم توزيعها على كل محافظات القطر، آخذين بعين الاعتبار مجموعة من النقاط وهي: استهلاك المحافظة، طبيعة أحمال المحافظة، التجمعات السكانية في كل محافظة والتي تشكلت في ضوء الأزمة، إضافة إلى اعتبارات أخرى.
واستناداً إلى كميات الطاقة المخصصة لكل محافظة، تقوم الشركة العامة للكهرباء في المحافظة المعنية بوضع برنامج تقنين يتناسب مع هذه الكميات المخصصة للمحافظة، حيث يحقق برنامج التقنين هذا العدالة بين كل مناطق المحافظة قدر الإمكان، وبطبيعة الحال يؤخذ بعين الاعتبار بعض الحالات الاستثنائية لتأمين تغذية كهربائية مستمرة لبعض المنشآت المهمة والحيوية والخدمية في المحافظة (المشافي - مخابز - مطاحن - مضخات آبار مياه.... الخ).
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه عند تأمين تغذية كهربائية مستمرة لبعض المنشآت الحيوية التي لا يمكن تغذيتها بشكل منفرد، فإنه قد يتواجد بعض الأبنية والمساكن التي تتغذى من الخطوط المغذية لهذه المنشآت، وبالتالي فإن هذه الأبنية ستتغذى بشكل مستمر بالطاقة الكهربائية وتعفى من برامج التقنين شأنها شأن المنشآت الحيوية التي تتغذى من نفس الخطوط، علماً بأن هذه الحالات قليلة جداً، وتسعى وزارة الكهرباء بشكل دائم نحو فصل وعزل تغذية المنشآت الحيوية قدر الإمكان ووفق الإمكانات الفنية المتاحة.
وقال المصدر: الجدير ذكره، أن برامج التقنين هذه قد تتعرض للتغيير في كل لحظة، بسبب تعرض أي جزء من المنظومة الكهربائية لأعطال إما لأسباب فنية أو بسبب اعتداءات المجموعات المسلحة وهذا سيؤدي حتماً إلى زيادة ساعات التقنين أو انخفاضها، أي إنه في ظل هذه الظروف التشغيلية للمنظومة الكهربائية يتعذر تثبيت برنامج تقنين، لأنه متغير تبعاً للحالة الفنية للمنظومة الكهربائية.
وطلب المصدر من جميع المواطنين أن يكونوا على ثقة تامة بأن وزارة الكهرباء والعاملين فيها أكثر ما يؤلمهم ويجعلهم قلقين هو انقطاع التغذية الكهربائية واللجوء إلى التقنين الخارج عن إرادتهم وأن أكثر ما يسعدهم هو إعادة التغذية الكهربائية «ورؤية سورية بكل جغرافيتها منارة كما عهدناها دائماً»، ولعل فرحة عمال الكهرباء لا توصف عند إصلاح كل عطل على الرغم من المعاناة والتعب والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل.
إن هذا الإحساس والشعور بالواجب هو ما يدفع وزارة الكهرباء بكل عامليها إلى بذل المزيد من الجهود لإصلاح كل الأعطال التي أصابت الشبكة وإعادة التغذية الكهربائية واستمراريتها إلى سابق عهدها، وهنا لا بد أن نطمئن الإخوة المواطنين أن واقع المنظومة الكهربائية جيد على الرغم من كل التخريب الذي طالها حيث بالإمكان إيصال الطاقة الكهربائية من خلالها إلى جميع المواطنين على امتداد الجغرافية السورية مع تحسن واردات الوقود. وإن هذا الواقع والحرب الكونية التي فرضت على سورية، تفرض علينا جميعاً كمواطنين سوريين بأن نتكيف مع هذا الواقع، وهذا منطقي ومطلوب، فمعظم الشعوب التي تعرضت لكوارث وحروب أقل وطأة من الحرب التي تتعرض لها سورية عانت فقدان مكونات المعيشة اليومية (نقص في المواد الغذائية - نقص في المياه - نقص في الكهرباء) ومع ذلك استطاعت التكيف مع هذه الظروف وتجاوزت أزماتها وهذا ما نأمله من إخوتنا المواطنين، ونحن على ثقة تامة بوعيهم في تفهم هذا الواقع والتعايش معه إلى أن يتحقق النصر القريب إن شاء الله.
وختم المصدر بالقول: هناك تنسيق دائم لوزارة الكهرباء مع وزارة النفط ووزارة الدفاع والجهات المختصة والمجتمع المحلي لتحسين واقع واردات الوقود من غاز وفيول، وهذا يأتي من خلال إعادة تشغيل بعض الآبار التي خربتها المجموعات الإرهابية، والاعتداءات على خطوط الغاز في منطقة القلمون والمناطق الشرقية والشمالية الشرقية، ونأمل أن يكون ذلك بالقريب العاجل. وفي ظروف الحرب لا يمكن وضع برنامج زمني يحدد إنجاز العمل لأن هناك متغيرات لحظية بشكل دائم.
حسان هاشم
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد