تركيا ستخفض قواتها في العراق... ولن تسحبها
«سنتخذ خطوات تصعيدية جديدة ضد تركيا»، «قواتنا متواجدة منذ عام في العراق... ولن نسحبها»، ظلّ الطرفان العراقي والتركي متمسكين بتلك التصريحات والمواقف القديمة الجديدة، خلال الساعات الماضية، بالرغم من أن ما خلف الكواليس يشير إلى أن العلاقات الثنائية على وشك الدخول في نفق مظلم سيكلّف الجانبين الكثير، وخصوصاً بعد توجيه رئيس الوزراء حيدر العبادي وزارة الخارجية بتقديم شكوى رسمية ضد تركيا لدى مجلس الأمن.
وذكر بيان رسمي للمكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء أن العبادي أوعز لوزارة الخارجية بـ»الطلب من مجلس الأمن الدولي تحمل مسؤولياته، وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والعمل على حماية العراق وأمنه وسيادته وسلامة ووحدة أراضيه التي انتهكتها القوات التركية، وأن يأمر تركيا بسحب قواتها فوراً، وأن يضمن بكافة الوسائل المتاحة، الانسحاب الفوري غير المشروط إلى الحدود الدولية المعترف بها بين البلدين، وعدم تكرار تلك التصرفات الأحادية التي تضرّ بالعلاقات الدولية والتي تعرض الأمن الإقليمي إلى مخاطر كبيرة».
يأتي ذلك فيما واصل الوفد التركي الذي يزور العراق مفاوضاته مع الجانب العراقي. وعلمت «الأخبار» أن المفاوضات انحصرت، حالياً، حول تخفيض عدد القوات التركية إلى نحو فوج، بالإضافة إلى اعداد الآليات والأسلحة الثقيلة، بصيغة يمكن تنظيمها لاحقاً.
مصدر مطلع رجّح، في حديث لـ»الأخبار»، أن يمدد الوفد زيارته من أجل الوصول إلى صيغة حلّ وتفاهم، مشيراً إلى أن «تركيا تريد الإبقاء على قوة قتالية بأي شكل بغض النظر عن عددها، وهو ما جوبه برفض شديد من قبل العبادي».
مساعٍ بين «العمال الكردستاني» و«الحشد الشعبي» لإقامة «تحالف»
وكان مكتب رئيس وزراء التركي أحمد داوود أوغلو قد أعلن، أمس، أن أنقرة قررت خلال محادثات مع مسؤولين عراقيين «إعادة تنظيم» قواتها في معسكر بعشيقة قرب مدينة الموصل في شمال العراق، موضحاً أنه جرى التوصل إلى اتفاق لبدء العمل لوضع آليات لتعزيز التعاون مع الحكومة العراقية، بشأن القضايا الأمنية، من دون ذكر تفاصيل بشأن عملية إعادة تنظيم القوات.
وحاول داوود أوغلو تصدير الأزمة الأخيرة بين بغداد وأنقرة، متهماً «طرفاً ثالثاً» بشن حملة «دعائية» ضد تركيا ومحاولة التحريض بين تركيا والعراق. وقال إن «الجنود الأتراك متواجدون في العراق منذ أكثر من عام، ولم يقم أحد بسؤالنا عن وجودهم، فماذا جرى الآن؟».
في هذه الأثناء، دخلت المرجعية الدينية في النجف على خط الأزمة، محمّلة الحكومة العراقية مسؤولية «حماية» سيادة العراق وعدم السماح لأي طرف بالتجاوز عليها. ممثل المرجعية أحمد الصافي طالب في خطبة صلاة الجمعة في كربلاء «دول جوار العراق، بل جميع الدول، باحترام سيادة العراق»، وأن «تمتنع عن إرسال قواتها إلى الأراضي العراقية، من دون موافقة الحكومة المركزية، وفقاً للقوانين النافذة في البلد».
في موازة ذلك، كشف مصدر مطلع عن مساعٍ تجري بين «حزب العمال الكردستاني» (PKK) و»الحشد الشعبي»، لتشكيل «تحالف» يضم العراق ومناطق في سوريا ضد النفوذ التركي. وأشار المصدر إلى أن اتصالات مكثفة تجري بين فصائل وقيادات بارزة في «الحشد الشعبي» لتنسيق المواقف في العراق وسوريا ضد تركيا و»داعش».
وكان الأمين العام لمنظمة «بدر» والقيادي في «الحشد الشعبي» هادي العامري قد اعتبر، في تموز الماضي، أن «حزب العمال الكردستاني» وأكراد سوريا يشكلون «رأس حربة» في قتال تنظيم «داعش».
من جهته، يرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أن «حظوظ التحالف بين حزب العمال الكردستاني والحشد الشعبي أو فصائل في الحشد الشعبي، أصبحت قوية بعد الأزمة الأخيرة بين بغداد وأنقرة». وأوضح أن «التواصل بين الحشد والعمال الكردستاني موجود»، مضيفاً أن «هناك لقاءات حصلت بينهم، لكنها لم ترتقِ إلى مستوى التنسيق والتحالف حتى الآن».
الشمري لفت الانتباه إلى أن «المفاوضات بين تركيا والعراق دخلت، خلال الساعات القليلة الماضية، مرحلة التعثر والتعرج بسبب تعنّت الموقف التركي والتصعيد العراقي الذي هو تحصيل حاصل»، معتبراً أن «ما يثير علامات استفهام بشكل كبير، هو ضبابية الموقف الأميركي وعدم وضوحه».
من جانبه، ذكر الباحث في الشأن التركي الكردي علي ناجي أن «العبادي طلب من أردوغان فتح صفحة جديدة مع حزب العمال الكردستاني والتفاوض معهم، نظراً إلى الدور الذي يقومون به في قتال داعش»، إلا أن طلب العبادي جوبه برفض شديد من الرئيس التركي.
وأوضح ناجي، في حديث لـ»الأخبار»، أن «العلاقات بين الحشد الشعبي والعمال الكردستاني قد تشهد تصاعداً ومرحلة جديدة، بعد التوغل التركي الأخير في الأراضي العراقية»، لافتاً إلى أن «المرحلة السابقة شهدت عمليات تنسيقية عدة بين الحشد والـPKK في ربيعة في محافظة نينوى ومناطق في سوريا».
ميدانياً، أعلن مسؤول محلي في الرمادي انطلاق عملية تحرير مركز المدينة، بعد السيطرة على غربها وجنوبها. عضو مجلس قضاء الرمادي إبراهيم العوسج رجح أن يجري تحرير كامل المدينة، خلال الأيام المقبلة، بعد التقدم الأخير للقوات العراقية المشتركة.
كذلك، أعلنت وزارة الدفاع مقتل قيادات بارزة في تنظيم «داعش» في قصف جوي على حي نزال في الفلوجة. وذكر بيان رسمي صادر عن الوزارة أن «من بين القتلى وزير الحرب في داعش، المكنى بأبو زياد الحميري، ووالي الأنبار المكنى بأبو أسعد، ومسؤول الاتصال المكنى بأبو زينب والمسؤول الأمني المكنى بأبو فاطمة ومسؤول الانتحاريين أبو نادية».
محمد شفيق
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد