نيويورك تايمز : النظام المصري محشش
أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تفجيرات سيناء الأخيرة أصابت الحكومة المصرية بالصدمة مما أفقدها التوازن وجعلها تضرب في كل الاتجاهات لمنع نمو حالة الغضب لدي الشعب المصري نتيجة لتدهور الأداء الاقتصادي والتراجع عن الإصلاحات السياسية التي وعد بها الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي .
واعتبرت الصحيفة أنه كما كان متوقعا فإن الرئيس مبارك حصل على موافقة مجلس الشعب المصري على تجديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين رغم معارضة جماعات حقوق الإنسان وعدد كبير من أعضاء مجلس الشعب. ولفتت الصحيفة إلى أن هذا القانون يعطي الحكومة الحق في الاعتقالات على نطاق واسع بدون محاكمات لكن الحكومة تبرر مد العمل بهذا القانون لحاجتها إليه في مكافحة الإرهاب.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن عددا كبيرا من المصريين يقارنون هذه الأيام التي تعيشها مصر بالأيام الأخيرة في حكم الرئيس السادات ، والتي عرفت بأيلول الأسود أو سبتمبر الأسود ، حين اعتقل السادات وقتها أكثر من 1500 من الشخصيات السياسية المعارضة بالإضافة إلى رجال دين وأساتذة جامعات وصحفيين.
ونقلت الصحيفة عن نجاد البرعي مدير مجموعة تنمية الديمقراطية قوله إن نظام الرئيس مبارك نجح في صنع أعداء له من كافة القوي السياسية كالقضاة والصحفيين والمنظمات غير الحكومية وصغار رجال الأعمال ، بالإضافة لغضب المسلمين والمسيحيين وفوق هذا وذاك جيش من العاطلين عن العمل ، أي أن الشعب المصري يعيش أيام غير سعيدة كأيام السادات الأخيرة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى ما نشرته الصحف المصرية مؤخرا بأن مصر حبلي بشيء ما وأن الشعب المصري ينتظر مفاجأة .
وعلقت "نيويورك تايمز " على ذلك ، بالقول " إن الرئيس مبارك كمن يمشي الآن على الحبل فهو من ناحية يريد أن يوازن بين مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي تدفع من أجلها 2 مليار دولار سنويا منذ توقيع اتفاقية السلام عام 1979 ، وبين مواقفه العربية التي لا تلقي في كل الأحوال قبولا من أمريكا.
ولفتت إلى أن أمريكا ردت على بعض مواقف القاهرة وعدم استجابتها للإصلاح السياسي بأن علقت اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا والتي كان ينتظرها الاقتصاد المصري . واعتبرت "نيويورك تايمز" أن خوف الحكومة المصرية على صناعة السياحة جعلها توجه الاتهامات في الهجمات الأخيرة إلى بدو سيناء ولا توجهها إلى القاعدة أو إلى أي منظمات إرهابية دولية.
وتعليقا على ما ذكرته الصحيفة ، اعتبر الدكتور عبد الحليم قنديل المتحدث الرسمي للحركة المصرية من أجل التغيير كفاية أن لجوء النظام للقمع الجماعي يؤكد تآكل شرعيته وقاعدة الرضا التي يستند إليها أي نظام وهو يدرك هذا جيدا مما جعله يحول قلب العاصمة إلى مساحة للقتال وشن حملة اعتقالات على القوي السياسية مشيرا إلى أن النظام يدرك أنه ذاهب طبقا لمعاني التاريخ فأراد بهذه السياسات القمعية مصادرة التاريخ.
ولفت قنديل إلى أن ما أزعج النظام هو التقاء روافد حركة القضاة المطالبة بالإصلاح مع حركة المجتمع المدني السلمي التي تطالب بنفس المطالب ، مشددا على أنه يعيش مأزقا حقيقيا ، فهناك تراجع اقتصادي رهيب يتمثل في تزايد معدلات البطالة والفقر وكذلك تراجع سياسي يتمثل في تأكل نسب المشاركين في الانتخابات المختلفة لافتا إلى أن خروج 20 ألف مواطن وليس 100 ألف في ظاهرة كفيل بإسقاط نظام دخل في عداء مع كافة فئات الشعب من قوي وأحزاب سياسية وأساتذة جامعات ونقابات وقضاة وعمال وفلاحين وطلاب على حد تعبيره.
من جانبه ، أكد السفير أمين يسري المحلل السياسي المعروف أن البلاد على أبواب تغيير كبير وجذري ، مشيرا إلى أن هذه الأحداث تشبه إلى حد كبير نهاية عصر الرئيس الراحل أنور السادات من حملة اعتقالات وسجن قوي المعارضة واعتداء على كافة طبقات وفئات الشعب المصري .
لكن أمين اعتبر أنه من الصعب التنبوء بموعد هذا التغيير القادم لا محالة ولكن المؤكد أن الشعب المصري قادر على إحداثه ، والذي يتابع تزايد الكتل التظاهرية أمام نقابات المحامين والصحفيين ودار القضاء العالي تضامنا مع القضاة يدرك بالطبع قدرة هذا الشعب على النهوض من كبوته مواجهة قوي الظلم والبطش.
وشدد الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية على أن البلاد تتجه للدخول في كهف من القهر السياسي والاستبداد وأننا نعيش لحظات فاصلة كما هو الحال في نهاية عصر السادات ، لافتا إلى أنه لم يحدث انهيار لنظام السادات الذي استكمله مبارك فهو نظام مليء وحافل بالمتناقضات ولا يملك أن يعيش طويلا في ظل هذه السياسية المتناقضة.
وأوضح سعيد أن مصر تعيش أيضا مرحلة تفجر في الصراع ولا يمكن تنبؤ موعد نهاية النظام الحالي ، مطالبا كافة القوي السياسية والوطنية بالتكاتف لأحداث التغيير المطلوب.
وعن مدي قدرة القوى والأحزاب السياسية الموجودة على إحداث هذا التغير ، يري د. سعيد أنها قادرة من الناحية النظرية وتملك الرغبة لذلك ولكن هناك عدم تكافؤ في موازين القوي وما لم ينضم الشعب المصري إلى هذه القوى لمؤازرتها فإن حدوث التغيير صعب .
وأشار إلى أن هذا التغيير يحتاج إلى نضال من كافة فئات الشعب مشيرا إلى أن توريث السلطة لنجل الرئيس هو سر ما يحدث من أحداث وما يتخذه النظام من قرارات ، على رأسها تمديد العمل بقانون الطوارئ ومن قبله تأجيل انتخابات المجالس المحلية لمدة عامين.
المصدر : الوطن
إضافة تعليق جديد