معرض الإعلامي في بلاد المجاعة الإعلامية

09-05-2006

معرض الإعلامي في بلاد المجاعة الإعلامية

مفرح حقاً هذا الخبر الذي تناقلته الصحف حول المعرض الدولي للإعلام الذي سيقام في دمشق و سيتزامن مع افتتاح المدينة الحرة الإعلامية في نهاية العام، و بالمقدار ذاته هو خبر مقلق و محزن!
فهذا المعرض الذي لا تغيب عن فحوى خبره الغايات التسويقية لا يترك للقارئ أي مجال سوى أن يترقب و أن يغالي في ترقبه إلى ما ستؤول قضية الإعلام المرئي و المسموع في سورية في ظل غياب قانون ناظم لها و بالتأكيد ما سيؤول إليه حال الإعلام السوري كله في ظل قانون الصحافة السائد حالياً و الذي لم يسر أحداً و لم يترك أي بصيص أمل لقيام صحافة رسمية أو خاصة حرة تنفصل عن التوجهات و الإملاءات الحكومية، مشكلة السوريين الحقيقة تكمن في كونهم شعب متفائل بطبعه، و هم أيضاً شعب شغيل يريد أن يتطور طالما أنه لم يعتبر نفسه منسياً في قارة مفقودة، و لكن هذه الصفات التي تجعل من أي إعلامي سوري يغادر قارته المفقودة الحالية، شخصاً مرموقاً و عالماً و متقناً لعمله في القارات الأخرى تتحول إلى نقمة حقيقة حين تصبح هي نقوده في قارته ذاتها!
فكم من إعلامي يعيش الضيق و الكآبة في سورية و كم من صحفي يتلمس حريته في الكتابة عبر المجهر الذي يجعله يمحص في المسموح و الممنوع كي يلد بيضته الثمينة؟
و في الانتقال إلى عالم المرئي و المسموع يصبح السؤال: كم من مشروع تلفزيوني يلتمس الحرية الإعلامية قد نام في إدراج المؤسسات المعنية دون أن تلوح بارقة أمل لإنجازه تقول الأخبار التي صرح بها المدير العام للمناطق الحرة أن عدد طلبات الترخيص للمحطات التلفزيونية الخاصة قد بلغ 17 طلباً! و لكن الجملة المقطوعة و المبتورة تكمل و ماذا حدث لهذه الطلبات؟ يجيب العارفون إنها تدرس و تمحص و تنتظر القرار.
ولكن متى سيأتي القرار ؟
نتساءل ببراءة و نعلم أن لا جواب سوى لدى صاحب الجواب.
تعثر مشروع قناة شام الفضائية طويلاً رغم أنها تبث من دبي و تضع كلمة " بث تجريبي " في أعلى كادرها المرئي، و رغم أنها قد بدأت بالتجهيز الفني و التقني والتدريبي للعاملين
فيها من سوريا، و ليس من دبي إلا أنها مازالت تعمل دون ترخيص رسمي رغم أن كل الحيثيات تقول بضرورة دعم مشروعها كمشروع استثماري قبل أي شيء، ورغم أنها كخطوة أولى في سماء الإعلام المرئي الخاص في سوريا لابد  أنها تحتاج لدعم كبير .
إلا أنها تواجه عراقيل متعددة ليس اقلها أن مشروعها يسبق مشروع المدينة الإعلامية الحرة بأشهر و ليس بأيام!
و في حيثيات علاقة محطة شام الفضائية بهذه المدينة يقول السيد أكرم الجندي صاحب المشروع في تصريحات صحفية:" بالنسبة للمنطقة الحرة لا تشكل حتى الآن أداة جذب لأي إنسان طامح لإطلاق قناة لأن أسعار الإيجار المعتمدة و الشروط المطلوبة غير مناسبة للمستثمرين لذلك يجب إعادة النظر بشكل كامل في القانون الذي صدر و تلافي الثغرات، فقضية الإيجار تشكل عبئاً كبيراً على المستثمر فكلفة إيجار المتر الواحد 80 دولاراً  تضاف إليه قيمة أي بناء جديد و بذلك فإن أي مستثمر يدفع ما يعادل قيمة الأرض لمدة عشر سنوات.
و في هذا المناخ الاستثماري العظيم يأتي مشروع المعرض الإعلامي العتيد و قد وضع نصب عينيه شعاراً يركز على " تشكيل هيئات وجمعيات تعنى بوسائل الإعلام والاتصال ودعم دور الإعلام العام. إضافة إلى تداول الخبرات ووجهات النظر حول فرص تطوير الأعمال،واستكشاف مجالات الاستثمارات المتاحة في المنطقة إعلامياً "
و بينما ستشارك في هذا المعرض و بحسب الخبر ذاته "   وزارات الإعلام ووكالات الأنباء والهيئات الإعلامية والمديرون في قطاعات الإعلام المطبوع والالكتروني والمرئي والمسموع، إضافة إلى شركات تجهيز المحطات التلفزيونية والإذاعية وما يتعلق بالبث والاستقبال والعرض السينمائي والتلفزيوني. " يبقى السؤال و بالنظر للواقع الحالي، ماذا تفعلون أيها السادة ؟ و على من تسوقون هذه الحكاية طالما أنكم مازلتم خارج الدائرة التي لن تدخلوها إلا بشق الأنفس و بعد الغرق الكامل في التمحيص و التدقيق و الإمعان مجدداً فيهما؟
و دون جوابكم على السؤال سأقول لصديقي الذي يرمي بمشاريعه الإعلامية إلى مساحة المستقبل! من قال لك أن معادلة المستقبل تعيش في عالم الإعلام و الميديا ؟ لقد دخل أغلب الإعلام العربي والعالمي مساحة المستقبل من عقود ولت إلى الدرجة التي أمسى فيها الحديث عن مستقبل يعاش كالحاضر مزحة ثقيلة الظل، فبالله عليكم ماذا انتم فاعلون ؟

الجمل ـ علي سفر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...