انفجار المغرب رداً على احتفال الملك بولادة أميرة جديدة
قالت مصادر في وزارة الداخلية المغربية، إن الانتحاري الذي فجّر نفسه أمس في مقهى للانترنت بمدينة الدار البيضاء، كان أحد رواد المقهى، وقد نفذ عمليته إثر طلب مالك المقهى منه عدم دخول المواقع المرتبطة بما يسمى "التنظيمات الإرهابية."
وأكد عبد الرحمن عاشور، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية المغربية، أن الإنفجار أدى إلى جرح أربعة أشخاص بينهم أحد مرافقي الانتحاري الذي قتل على الفور بفعل المتفجرات المشدودة إلى جسده.
وكشف عاشور أن التحقيقات ما زالت مستمرة لمعرفة كامل هوية الانتحاري ومرافقه، خاصة وأنهما لم يكونا يحملان أي وثائق رسمية، علماً أن المرافق الجريح قال إن اسمه هو سعيد جوكيا .
وحول تفاصيل الحادث، قالت المصادر إن الانتحاري، دخل برفقة أحد الأشخاص إلى مقهى الانترنت، وحاول دخول إحدى المواقع العائدة لتنظيمات توصف بأنها "إرهابية."
وقد سارع الانتحاري إلى تفجير نفسه عند محاولة ابن صاحب المقهى منعه من ارتياد تلك المواقع، مما أدى إلى إصابة صاحب المقهى وابنه وشخصين آخرين.
وأثارت الحادثة مخاوف أمنية، نظراً لوقوعها في مدينة "سيدي مؤمن"، وهي ذات المنطقة التي أفرزت 13 انتحارياً نفذوا هجمات عام 2003 أودت بحياة 32 شخصاً، وفق المصدر.وأعلنت حالة التأهب الأمنية في المغرب إثر سلسلة من الهجمات التي شهدتها الجارة الجزائر الشهر الماضي.
وقد جاء الحادث عقب ثلاثة أيام من إعلان السلطات الأمنية في المملكة المغربية الجمعة، اعتقال أحد المتهمين المشتبه بتورطه في التفجيرات التي شهدتها مدينة "الدار البيضاء" في العام 2003، والتفجيرات التي وقعت بالعاصمة الأسبانية "مدريد" في العام 2004.
ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء "ماب" الرسمية، عن المصادر الأمنية قولها إن المعتقل مغربي الجنسية، ويدعى سعد الحسيني، وكنيته "مصطفى"، ويبلغ من العمر 38 عاماً، متهم بقيادة الجناح العسكري لجماعة "متشددة"، تطلق على نفسها اسم "الجماعة الإسلامية للمقاتلين المغاربة."
وتنشط هذه الجماعة في شمال أفريقيا وأوروبا، وتم تصنيفها كإحدى الجماعات الإرهابية الأجنبية، من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، كما يعتقد أنها تضم عدداً من المقاتلين السابقين في أفغانستان.
من جانب آخر، ذكرت متحدثة باسم المحكمة الأسبانية، التي تنظر في قضية تفجيرات قطارات مدريد، إن الحسيني ليس ضمن قائمة المتهمين بالقضية، ونفت أن تكون سلطات التحقيق الأسبانية قد طلبت اعتقاله على خلفية هذه القضية.
وقالت المتحدثة إن السلطات الأسبانية ستفتح تحقيقاً جديداً حول مدى تورط المعتقل المغربي في تلك التفجيرات، مشيرة إلى أنها ستطلب فحص الحامض النووي DNA وبصمات أصابع المتهم، لمقارنتها بعينات أخرى لأشخاص مجهولين، تم جمعها من موقع التفجيرات.
وكانت السلطات المغربية قد نشرت بعد خمسة أيام، من التفجيرات التي وقعت بالدار البيضاء، في 16 مايو/ أيار من العام 2003، لائحة تضم تسعة متهمين، من بينهم سعد الحسيني.وتلاحق السلطات المغربية الحسيني، منذ العام 2002، أي قبل وقوع تفجيرات الدار البيضاء، التي خلفت ما يزيد على 33 قتيلاً وعشرات الجرحى، فضلاً عن مقتل 12 من منفذي الاعتداءات.
وكان مدير قوات الأمن الوطني المغربي، الجنرال حميدو العنيكري، قد أشار في وقت سابق، إلى أن زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، قد يكون هو المموّل الرئيسي لهجمات الدار البيضاء.
وأشار المسؤول المغربي، في تصريحات نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إلى وجود رابط بين منفذي عمليات الدار البيضاء، والمجموعة المغربية المشتبه في ضلوعها في الهجمات على شبكة قطارات مدريد، في مارس/ آذار 2004، والتي أسفرت عن مصرع أكثر من 190 شخصاً، فضلاً عن جرح ما يزيد على 1200 آخرين
من جانب آخر ورغم أنّ حصيلة الانفجار، الذي تقول السلطات المغربية إنّه هزّ مقهى للإنترنت الأحد في الدار البيضاء، تختلف تماماً عن حصيلة انفجارات سابقة جرت قبل ثلاث سنوات في نفس المدينة، إلا أنّه وعلى الأقل،ّ فإنّ نقطتي تشابه تجمع بينهما
مسؤول أمني مغربي قال إنّ موقع الانفجار هو شارع الأدارسة، الواقع في حي سيدي مؤمن، الشهير والعريق في الدار البيضاء.كما أضاف المسؤول المغربي، رافضاً الكشف عن هويته، أنّ المنفذين (أحدهما قتل في الانفجار)، هما من سكّان حي سيدي مؤمن.
وقبل ثلاث سنوات، هزّت انفجارات عدة مواقع في مدينة الدار البيضاء، وأسفرت عن عدد من القتلى، وقالت التحقيقات إنّ جميع منفذيها ينحدرون من حي واحد من الأحياء الفقيرة والمهمشة، وهو حي سيدي مؤمن نفسه.
وفيما ظلت عدة تفاصيل متعلقة بالانفجار الذي وقع الأحد، طيّ الغموض، إلا أنّ أكثر ما يلفت النظر فيها، أنها وقعت في ظرف زمني مشابه للانفجارات المتزامنة التي هزّت نفس المدينة قبل ثلاث سنوات، ومن تنفيذ أشخاص ينتمون لنفس الحي.
فقد وقع الانفجار بعد أيام من احتفالات ضخمة شهدتها المملكة المغربية بمختلف مدنها، بمناسبة ولادة الأميرة "للا خديجة"، حيث احتشد العشرات أمام القصر الملكي، وخرج الملك محمد السادس لتحيتهم.وأطلقت المدفعية 21 طلقة احتفالاً بهذا الحدث، كما بث التليفزيون الوطني صوراً يحمل فيها الملك مولودته الصغيرة.
كما تمّ نشر سجلات خاصة بمكاتب الحكومة الإقليمية، كي يتسنى للشعب تهنئة الملك.ووفقاً للشريعة الاسلامية، وحسب وكالة الأنباء المغربية، كانت ذروة الاحتفالات بعد سبعة أيام من الولادة، حيث تمّ ذبح الأغنام وإقامة الولائم، وعزفت الموسيقى في جميع أنحاء المملكة لعدة أيام.
كما أقيمت حفلات فنية ساهرة، شارك فيها نجوم الطرب العربي في مختلف المدن، وتدافعت المنظمات الحكومية وغيرها إلى التهنئة، بما عدّته أوساط "أبرز حدث تعيشه البلاد هذا العام."وحرص الإعلام الرسمي على التأكيد على أنّ "هذا الاستقبال الذي حظيت به الأميرة الصغيرة، يأتي مؤكداً على توجهات والدها الملك محمد الداعمة لحقوق المرأة"، وهو ما سخرت منه أوساط حقوقية، اعتبرت أنّ الأمر لا يعدو أن يكون "بذخاً مألوفاً ولا دلالة سياسية له"، على حد قولهم.وبمناسبة ولادة الأميرة للا خديجة، عفا والدها عن 8836 سجيناً عفواً كلياً بالإفراج عنهم، و24218 سجيناً عفواً جزئياً بتخفيض العقوبة المحكوم عليهم بها، وهو المطلب الذي ناضلت، من دون جدوى، من أجله منظمات حقوقية.
وعوداً على بدء، ذكّرت الاحتفالات بتلك التي شهدتها المغرب قبل ثلاث سنوات عند ولادة ولي العهد الأمير "مولاي الحسن."ففي الثامن من مايو/ أيار 2003، أنجبت الأميرة "للا سلمى"، ولياً للعهد، فأطلقت المدفعية 101 طلقة، واستغرقت الاحتفالات أسبوعاً كاملاً، أثارت، وفقاً لمراقبين، استياءً في الأوساط العامة، بسبب ما حفلت به من مظاهر البذخ.
وبعد نهاية تلك الاحتفالات بيوم واحد، أي في 16 مايو/ أيار 2003، هزت انفجارات متزامنة مدينة الدار البيضاء، ونفذها، حسب ما قالت السلطات إن التحقيقات أثبتت أنهم من أنصار الجماعات الإسلامية المتشددة، وللمفارقة أنهم من سكان حي سيدي مؤمن أيضاً.
ورغم اجماع المراقبين على أن الأسلوب لا يمكن تسميته إلا بـ"الإرهاب"، سواء في الحدث الأول أو الثاني، إلا أنّ محللين يرون فيهما على الأقلّ رسالة قوية إلى القصر.
وكان الملك المغربي الشاب، وبعد توليه الحكم عام 1999، قد ألمح إلى القضاء على مظاهر البذخ في الاحتفالات الرسمية، وحظر الاحتفال بذكرى توليه العرش.غير أنّ ميلاد ولي العهد، ومن بعده شقيقته الأميرة، يعطي انطباعاً بأنّ التقاليد مازالت هي نفسها، في ظرف تتتالى فيه اعتصامات العاطلين عن العمل، وتتزايد فيه مظاهر الفقر والتهميش، بحسب مراقبين.وأياً كانت نسبة الصواب في هذا الرأي، إلا أنّه يشير إلى علاقة ما بين الإرهاب والتهميش، ولاسيما الاجتماعي والاقتصادي منه.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد