أميركا خذلت الكرد مرات عديدة ويجب أن تكون هذه المرة الأخيرة التي يثق الأكراد بها
رجح رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين – عضو مجلس الشعب عمر أوسي، وجود اتصالات حالياً بين الحكومة السورية وقيادات من «قوات سورية الديمقراطية– قسد» للتصدي للعدوان التركي في شمال البلاد، وأن «الأجواء إيجابية»، مشدداً على ضرورة نبذ الخلافات، «لأن المهمة الأساسية الآن هي التصدي لهذا العدوان»، وعلى أنه «يجب أن تكون هذه المرة الأخيرة التي يتعاون أو يثق فيها الأكراد بأميركا» بعد أن خذلتهم عدة مرات.
وفي تصريح مطول اعتبر أوسي، أن العدوان التركي «خطير جداً، وهو لا يستهدف «قوات سورية الديمقراطية- قسد» و«مجلس سورية الديمقراطي – مسد» و«وحدات حماية الشعب» الكردية و«الإدارات الذاتية» في شرق الفرات، ولا يستهدف المكون الكردي فقط، وإنما يستهدف كل الشعب السوري وكل الديموغرافيا والجغرافيا الوطنية السورية».
وأضاف: «تركيا عينها على احتلال الشمال السوري، من ساحل البحر المتوسط إلى تخوم نهر دجلة على الحدود العراقية بحجة إقامة «منطقة آمنة»، والمشروع الأساسي التركي هو إلحاق هذه المنطقة بما يسمى الميثاق الملي التركي لعام 1920 وضمها لأراضي تركيا، ضمن إطار الأطماع التوسعية الاستعمارية التركية وهذا هو الوصف الدقيق لما يجري الآن في الخاصرة الشمالية الوطنية السورية».
ضوء أخضر أميركي
ورأى أوسي، أن أخطر ما في هذا المشروع، أن الاحتلال التركي سيقوم بأعمال خطيرة جداً لجهة التغيير الديموغرافي لمكونات الشعب السوري في تلك المنطقة وخاصة إفراغ المنطقة من المكون الكردي وإحلال ما يسمى «اللاجئين» السوريين في تركيا مكانهم، لافتاً إلى أن مشروع أردوغان هو إقامة مئات «القرى النموذجية» وعشرات «المدن الحديثة» وتسكين هؤلاء «اللاجئين» الذين يشكلون حاضنة للإرهابيين المنضوين في فصائل المرتزقة التابعة لتركيا لاستخدامهم لاحقاً في الاستحقاقات الوطنية السورية، وأيضاً «تتريك» المنطقة، لافتاً إلى «هذه القرى المزمع إقامتها في تلك المنطقة سيقام فيها جوامع تدرس «الإسلام العثماني الإخواني» عبر «مؤسسة الإمام والخطيب»، التابعة لأردوغان مباشرة، وأيضاً تغيير معالم هذه المنطقة كلياً».
وبعد أن كرر أوسي، أن الوضع في المنطقة «خطير وخطير جداً لأن تركيا «تريد الوصول إلى الخط الواصل بين حلب والجزيرة السورية وهو يبعد عن الحدود التركية عمق 30 كيلومتراً، أوضح أن العدوان جاء بعد أن «حصلت تركيا على الضوء الأخضر من سيدها الأميركي».
خذلان أميركي غير مفاجئ
ورأى أوسي، أنه «يجب ألا يتفاجأ أحد بالخذلان الأميركي للكرد مرة أخرى، فالأميركيون هم السبب في التراجيدية الإنسانية للأكراد، إن كان في كردستان التركية أو كردستان العراقية، فهم من تخلى عن المرحوم ملى مصطفى البرزاني في اتفاق الجزائر عام 1975، وهم من اعتقل بالتعاون مع الموساد «الإسرائيلي» الزعيم عبد اللـه أوجلان وسلموه إلى تركيا في 15 شباط 1999».
وأضاف: «لطالما حذرنا الإخوة في «وحدات الحماية» الكردية وفي «قسد» من أن أميركا لا تملك أجندة سياسية تخص أكراد سورية، فهي تبحث عن شركاء بريين»، لافتاً إلى أن ترامب قال بكل صراحة إن قوات «قسد» صحيح حاربت تنظيم داعش إلى جانب قوات «التحالف الدولي» بدعم من أميركا، ولكن كنا نعطيهم السلاح والمال، «ونحن نقول لترامب إن الدم الكردي أغلى من السلاح والمال الأميركي»، مشدداً على أنه «يجب أن تكون هذه المرة آخر تجربة للكرد مع الأميركيين. ويجب ألا يثق الإخوة في «قسد» وفي «وحدات الحماية» بأي مشروع أميركي في المنطقة، فلو كان الأميركيون جادون وحلفاء للكرد لفرضوا مشاركة حزب «الاتحاد الديمقراطي – با يا دا» و«قسد» في اللجنة الدستورية وهو ما لم يحصل».
مخفر إمبريالي متقدم
وكرر أوسي تشديده على أنه «يجب أن تكون هذه المرة الأخيرة التي يتعاون أو يثق فيها الأكراد بأميركا. فأميركا لن تتخلى عن تركيا التي تعتبر الدول الثانية في حلف «الناتو» من حيث العديد والعتاد العسكري، وهي مخفر إمبريالي متقدم في خاصرة شعوب المنطقة، وهذه حقيقة فعندما تختار أميركا بين الكرد وتركيا فستختار تركيا بشكل اعتيادي».وأضاف: «أنا كبرلماني سوري من أصل كردي لم أتفاجأ بتخلي أميركا عن «قسد» وكنا ننبه الإخوة بأن لا يراهنوا على أميركا وألا يضعوا بيضهم في السلة الأميركية».ولفت أوسي إلى أن «الوضع الآن يهم كل السوريين، وهو خطير جداً، فالثقافة الطورانية العثمانية والذاكرة التاريخية تؤكد أنه عندما اقتطع الأتراك أراضي من دول جوار لم يخرجوا منها، كما حصل في قبرص منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، وكما اغتصبوا لواء اسكندرون السوري عام 1939».
لغرفة عمليات مشتركة
وناشد أوسي «الإخوة في «قسد» و«وحدات الحماية» بالتوجه فوراً إلى دمشق والتنسيق مع الحكومة السورية الشرعية المركزية وإقامة غرفة عمليات عسكرية مشتركة مع الجيش السوري وفتح المجال أمام الجيش للانتشار في تلك المنطقة على طول الحدود مع تركيا ورفع العلم السوري في كل القرى والبلدات ومنطقة الجزيرة ومنطقة شرق الفرات».
ودعا أوسي إلى «مزيد من التكاتف بين كافة مكونات شعبنا في شرق الفرات للتصدي للمشروع التركي والتوحد خلف قيادة الجيش السوري بأسرع وقت ممكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن الوقت بات حرجاً ويستدرك جميع الأطراف».
وطالب أوسي كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية القيام بواجباتها لمنع حدوث كارثة إنسانية حقيقية في المنطقة، لأنه في حال دخول الجيش التركي إلى المنطقة ستدخل معه المرتزقة من الإسلاميين الراديكاليين التابعين لأردوغان وسيعيثون في الأرض فساداً، وستحدث كارثة إنسانية بنزوح الملايين من المنطقة».وشدد أوسي على أننا «على مفترق طرق ويجب ألا يتكرر سيناريو عفرين مرة أخرى في الجزيرة السورية وشرق الفرات، وعلى جميع الأطراف وخاصة الإخوة في «قسد» القيام بواجباتهم التاريخية تجاه بلدهم سورية وشعبهم، فهم جزء من الديموغرافيا والجغرافية الوطنية السورية».
الأولوية لصد العدوان
ودعا أوسي «قسد» إلى إرسال وفد بصلاحيات كاملة إلى دمشق والاجتماع والحوار مع الحكومة المركزية في دمشق للوصول إلى سياسات مشتركة للتصدي للعدوان التركي.وأوضح أوسي أن الرسالة التي وجهها نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد منذ يومين كانت واضحة، بأن الجيش السوري والحكومة السورية ستدافع عن كل الأرض السورية وعن كل المواطنين السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم ما تحت الوطنية، لافتاً إلى أن القوات الأميركية والتركية الموجودة على الجغرافية السورية هي قوات احتلال لأنها لم تدخل الأراضي السورية بموافقة الحكومة الشرعية المركزية في دمشق ومن واجب الحكومة السورية التصدي للعدوان التركي.
ورجح أوسي، بوجود اتصالات بين الحكومة المركزية في دمشق، وبين قيادات من «قسد» وقال: «أرجو تفعيل هذه الاتصالات لترقى إلى مستوى الحوار الجاد في هذه اللحظة التاريخية، فنحن أمام اجتياح تركي كبير، معرباً عن اعتقاده بأن «الأجواء إيجابية بين الطرفين ومساعدة لاستئناف هذا الحوار الذي توقف منذ أشهر والوصول إلى سياسات مشتركة ونبذ الخلافات، «لأن المهمة الأساسية الآن هي التصدي لهذا العدوان».
الحكومة السورية منفتحة لاستيعاب «قسد»
ورأى أوسي، أن «الحكومة السورية ستقوم بواجباتها وهي منفتحة لاستيعاب قيادات «قسد» فهم في النهاية مواطنون سوريون»، مشيراً إلى أن «قسد» ليست مؤلفة من المكون الكردي فقط، وإنما تضم عشائر عربية ومسيحيين سريان وكرد آشور ومواطنين من مختلف مكونات شرق الفرات».
وكرر أوسي التأكيد على أن الأجواء إيجابية، متمنياً أن تتوج الاتصالات باتفاق بين الجانبين للتصدي للخطر التركي ومن ثم بعد زوال الخطر التركي يمكن مناقشة الأمور المختلف عليها، فالوطنية السورية تفرض علينا ذلك»، مؤكداً أن كرد سورية جزء من الديموغرافية الوطنية السورية وعلى «قسد» أن تواجه هذه المرحلة بانفتاح كبير وهناك تصريحات إيجابية من قائد «قسد» مظلوم عبدي ومسؤولين في «الإدارة الذاتية» باتجاه الانفتاح على المشروع الوطني السوري والدولة السورية، وأتمنى أن تكلل هذه الجهود بالنجاح، وإلا فنحن نقف أمام كارثة إنسانية كبيرة وتكرار سيناريو عفرين».
وحول التصريحات المتناقضة للرئيس الأميركي والتي تمثلت أولا بالتخلي عن «قسد» ومن ثم تحذير النظام التركي قال أوسي: «لا أعتقد أن هناك أي تراجع في الموقف الأميركي. أميركا أعطت الضوء الأخضر لأردوغان لاجتياح المنطقة، والقرار بالنهاية هو للرئيس الأميركي، وهو من قرر واتفق مع أردوغان».
وأشار أوسي إلى أن المرحلة الأولى من مخطط أردوغان في هذا العدوان تشمل «المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض، والمرحلة الثانية تشمل منطقة عين العرب وصولاً إلى كل مدن وبلدات الجزيرة السورية حتى الوصول إلى تخوم نهر دجلة».
ورأى أوسي، أن الرئيس ترامب يدلي بهذه التصريحات المتناقضة «لحفظ ماء الوجه»، لافتاً إلى أن أميركا «لطالما باعت حلفاءها في كل المراحل، ونحن الكرد اكتوينا بهذه السياسات الأميركية، والقرار متخذ وتركيا في النهاية مخفر أميركي متقدم في خاصرة المنطقة، وأميركا ليست صادقة وخذلت الجانب الكردي».
الوطن
إضافة تعليق جديد