هل يحتاج خروج الفتاة من المنزل كل هذه المعاملات؟

10-03-2006

هل يحتاج خروج الفتاة من المنزل كل هذه المعاملات؟

 

قد تحرم المرأة من حقها في ممارسة العديد من النشاطات الاجتماعية بقرار أسري يمنعها الخروج من المنزل وكأن الحياة بالنسبة لها سجنا كبيرا.

فإذا ما أرادت واحدة منا الخروج من المنزل فإذا بوابل من الأسئلة تمطر عليها من أعضاء الأسرة كافة الكبير منهم والصغير وبعد هذا وذاك ربما تحصل على قرار يسمح لها بالخروج بعد جهد جهيد وربما تبقى أسيرة المنزل للدراسة والأعمال المنزلية فتحرم من نشاطات اجتماعية عديدة أو بالأحرى من حقها في ممارسة حياتها كأي إنسان وجد على هذه الأرض إما لعدم الثقة بها أو خوفا من المجتمع المحيط بها.

 

ممنوع ومسموح به ولكن بشروط:

فرنا 17 عاما لا يسمح لها بالخروج إلا مع أسرتها وإذا ما رغبت في زيارة صديقتها أوصلها والدها باليد إليها وأعادها وعندما تسأل عن السبب يكون الجواب إنها ما زالت صغيرة فهي تنتظر بشوق يوم الجمعة لتخرج هي والعائلة في نزهة.

 

أما رانيا عاشقة المسرح لم تسمح لها أوقات العرض الليلية التي تبدأ الساعة 8 مساء في أغلبها من مشاهدة المسرحيات كافة وإن قبل أحد من أفراد العائلة ممن يكبرها سنا الذهاب معها حصلت على ما أرادت وتمتعت بمشاهدة المسرحية لكن هذا نادرا ما يحصل فالأخ الأكبر لا يعود من عمله حتى الساعة 9 وأن تخرج مع أحد الأقارب كابن عمها مثلا أو أصدقائها فالأمر مرفوض نهائيا.

 

هذه حال أغلب المراهقات اللواتي لا تختلف حالهن عن الأكبر سنا فساعات المغادرة والعودة من وإلى البيت محددة مسبقا خوفا من الجيران وثرثرة هذا وذاك فبراء 22 عاما بعد انتقال سكنهم من منطقة مزدحمة داخل دمشق إلى منطقة محافظة في ضواحي دمشق أصبحت قضية العودة إلى البيت أكثر صعوبة , الأفلام الأميركية التي كانت تذهب لمشاهدتها في المركز الثقافي الأميركي لتقوية لغتها بما أنها طالبة في الأدب الإنجليزي والتي ينتهي عرضها الساعة 10 مساء أصبح من الصعب مشاهدتها الآن وإلا ستكون براء ضحية ثرثرة أبناء المنطقة المحافظة.

و بالنسبة للمرافق الشخصي فهو دائما في صحبة دانا فإذا ما أرادت الذهاب إلى مكتبة الأسد مثلا لحضور ندوة أو محاضرة كان الأخ الأكبر أو حتى الأصغر بصحبتها فهما المراقبان المثاليان للأم والأب.

 

تناقضات اجتماعية:

التناقض المجتمعي لا بد منه فكثير من الأسر لديها ثقة عمياء ببناتهم لكنهم يخشون المجتمع الذي لم يتقبل لحد الآن أن تخرج الفتاة إلا لأماكن محددة كالجامعة مثلا أو مع أشخاص محددين مسبقا فنورا 23 عاما تسمح لها أسرتها بالخروج إلى أي مكان تريد ولكن المقولة المرددة دائما انتبهي أن يراك أحد من أقربائنا أو معارفنا !!.

 

من صاحب القرار؟

رب الأسرة لا يملك وحده دفة القرار فالمعركة قبل الخروج من المنزل لا بد منها مع أفراد الأسرة جمعاء والقرار يكون بالإجماع أيضا الأمر الذي يكاد لا يذكر إذا ما أراد واحد من الصبية الخروج من المنزل حتى ولو لم يعد إليه إلا لصباح اليوم التالي رغم ذلك يبقى في عيون الأهل الأنقى والأطهر مرددين مقولة الشاب لا يعيبه أي شيء

تشعر رشا بالامتيازات التي يحصل عليها الأخ الأكبر وتتمنى ولو تحولت إلي ذكر كي تتخلص فقط من الأسئلة المملة قبل الخروج من المنزل وبعد العودة إليه فالتمييز بين الجنسين واضح وخاصة في هذه المسألة فله الحق أن يخرج في أي وقت وإلي أي مكان ومع من يشاء وتضيف قائلة أكثر ما يزعجني هو أن أخي الصغير الذي لم ينل الشهادة الثانوية بعد ينهال علي بالأسئلة وكأنه ولي أمري.. ربما من منطق الشعور بالتفوق الذكوري.

 

و للجوال نصيب في الموضوع :

 

و هنا للهاتف الجوال مكان , نصف ساعة أو أكثر بقليل بعد الخروج من المنزل نسمعه يرن ليكون أداة ووسيلة للتجسس عن مكان التواجد وزمان الوصول وزمان العودة رغم أن هذه المعلومات سبق واتفق عليها , فرشا لا يصمت جوالها أينما ذهبت والمتصل طبعا إما الأب أو الأم ما يدفعها في كثير من الأحيان إلي إطفائه بحجة خارج التغطية.

 

الأسباب :

و إن تعددت الأسباب إلا أنها في أغلبها غير مقنعة اما خوفا على الفتاة من الانزلاق في الخطأ أو خوفا من المجتمع وثرثرته أو لمجرد التمسك بعادات اجتماعية قديمة يجد البعض صعوبة في التخلي عنها.

سامي يخاف على أخواته الإناث من أية مشاكل كالتحرش بهم مثلا في الطريق أو داخل وسائل النقل ويضيف بلهجة عالية : المشاكل تحصل في وضح النهار فما بالك في الليل , بما أن والدي متوفى فالقرار لي وأنا لا أمنعهم من ممارسة حياتهم الاجتماعية ولكن فكرة العودة بعد الساعة التاسعة مساء مرفوضة نهائيا.

أما أبو سمر فهو لا يمنح ثقته لبنته أبدا رغم أنها تجاوزت 24 عاما ليس لعدم الثقة بها شخصيا ولكن برأيه أن الفتاة مهما كبرت وأصبحت واعية فهي عاطفية جدا ومن الممكن أن يجرها أي شاب قد تتعرف عليه إلى الخطأ لذلك فهو يمنعها من الخروج إلا مع أحد أخواتها.

 

 

 

الكذب وسيلة للممارسة النشاطات الاجتماعية:

ان صدور قرارات أسرية تعسفية بعدم الخروج من المنزل تدفع العديد من الفتيات الى استخدام أساليب ملتوية كالكذب مثلا ليجدن منفذا لهن للخروج من السجن المنزلي.

حيث ترى رشا ( ان هذا لا يسمى كذبا وإنما من الممكن القول أنها كذبة بيضاء , فأنا طالبة في النقد المسرحي , كثيرا ما أذهب لمشاهدة الأفلام وندواتها في المراكز الثقافية وأيضا مشاهدة المسرحيات فاستخدم سلاحي الكذب بأن أقول لوالدي أن أستاذنا الجامعي بصحبتنا).

أما لانا فحجتها دائما الجامعة أينما ذهبت وفي الصيف تقول لوالديها أنها ذاهبة لزيارة صديقتها ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة ففي أحد المرات الكذبة الأخيرة لم تنفع لأن الصديقة

المعنية اتصلت إلى البيت وسألت عن لانا !.

و أيضا قد لا يكون الهدف من دورات اللغة والكمبيوتر الإفادة فقط. تلجأ الكثير من الفتيات إلى الالتحاق بالدورات للتعرف على أصدقاء جدد وممارسة حياتهن الاجتماعية فيجدن فيها فرصة للخروج من المنزل ومنهن من لا تكترث بهذه الدورات كلانا التي تخرج في أوقات الدورة مع أصدقائها الى السينما مثلا بينما يعتقد الأهل أن ابنتهم في صف الدراسة

 

آثار هذه الظاهرة ايجابية في عيون البعض فهي تحمي الفتاة من الوقوع في الخطأ وسلبية في نظر البعض الأخر لما ينتج عنها من ضغوط اجتماعية تعود على المرأة وأسرتها بالضرر وبالتالي بتخلف المجتمع أكثر فأكثر ومنهم من يرى أن خير الأمور أوسطها أي عدم ممارسة الكبت والحرمان لأن هذا يؤدي في النهاية إلى ردة فعل عكسية وعدم إباحة الحرية المطلقة للفتاة لأن الخطأ من الممكن أن يحدث وبالتالي ممارسة المرأة نشاطات اجتماعية عديدة تكسبها القدرة على الاحتكاك بالآخرين ومحاورتهم وتنمي لديها خلفية ثقافية وتجارب حياتية تستفيد منها هي وأسرتها.

 

مايا الشطة

 

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...