التطور الطبيعي لأفلام البورنو... في القاهرة
التعرف على العالم الخفى للمرأة هو حلم الرجال فى كل وقت.. وتلمس عالم الجنس بغموضه وإثارته وتابوهاته كان وسيظل هاجس الشباب دائما.. والفيلم الإباحى مثل أى كائن حى آخر يمر بأطوار نمو مختلفة.. فيبدأ من العدم ليدخل إلى الطفولة فالصبيانية فالشباب، فالنضوج.. ومثل أى كائن حى تحتاج هذه المراحل إلى وقت لتتم.. التالى هو مجرد نظرة على التطور الطبيعى للفيلم «السكس»، المصدر المعتمد الوحيد للمعلومات الجنسية لدى الشباب.
يوميا فى حمام المدرسة يتم التبادل المعروف.. فلكى تخطو خطواتك الأولى نحو معرفة جسد المرأة عليك أن تدفع الثمن.. جنيها للصورة وخمسة - فى عين العدو - للبوستر - ولو كانت الصورة تحمل شيئا من الخبرات على وجهها الآخر فالسعر حتما سيزيد.. هذه هى التسعيرة يا شقيق ولا فصال فى السكس.. ودائما كان هناك أولئك الشباب أصحاب العقول الاستثمارية (ترى فيم يعملون الآن؟) الذين يزيدون من خبراتك الحياتية ويزيدون من ثرواتهم فى نفس الوقت.. فيشترون المجلات إياها من أماكن غامضة جدا، ثم يقطعونها بصبر شديد طوال الليل، لكى تتحول إلى رأس مالهم الذى سيجرى فى السوق، ومعه يخطو وعى الشاب خطواته الأولى نحو هذه العوالم العجيبة، التى لايعرف عنها سوى أساطير وحكاوى غامضة.. i
والفيلم الهندى الذى تظنه مثيرا كان سببا فى كراهية أجيال عديدة للهند.. ولعل تعبير «انت فاكرنى هندى؟» لم يظهر للوجود إلا من عقل شاب كان قد أعد العدة وانتظر الفتح والفرج على يد أحد الأفلام الهندية.. لكن ما يفعله هذا الفيلم بالضبط هو التلويح بكوب الماء لشخص ظمآن ثم منع الشرب عنه، فالهنود غالبا لديهم رقيب يتدخل فى هذه الأفلام.. وهكذا تتحول تجربة المشاهدة إلى شىء أقرب للتعذيب تخرج منها لاعنا نفسك ولاعنا الهند وأفلامها ورقيبها اليقظ. i
فى فترة ما اشتهر مهرجان القاهرة السينمائى بأنه المكان الوحيد الذى تستطيع فيه أن تشاهد أفلاما نجت من مقص الرقيب (المصرى المره دى مش الهندى).. وكلنا طبعا نذكر مشهد (قصة ولامناظر) من فيلم «المنسى».. لكن الأكثر إثارة كانت حكاية سمعتها من أحد النقاد السينمائيين.. وتقول أن جمهور الشباب كان يسير وراء البكر الخاص بفيلم «غريزة أساسية» (تحفة شارون ستون الخالدة) من سينما إلى سينما طوال الليل، ليطمئن على أنه سيشاهد متعة مضمونة، بدلا من أن يجد نفسه محاصرا فى صالة عرض تقدم فيلما عن معاناة مزارعى البن فى البرازيل مثلا!! i
والفيلم الثقافى كما تعرف حضرتك هو شريط فيديو عزيز.. ومع هذا الشريط يأتى التناقض التاريخى: لو توفر الفيلم يتعذر المكان.. ولو عثرت على المكان المناسب اختفى الفيلم فورا.. وتظل تتأرجح داخل هذه الازدواجية الخالدة حتى تسنح لك الفرصة أخيرا وتفقد عذريتك الفيلمية!! بعد الفيلم الثقافى لايعود الإنسان كما كان.. طبعا لا.. الآن أنت رجل (محترم) وملو هدومك.. تنظر بتعال وكبرياء إلى الآخرين الذين لم يسعدهم الحظ مثلك، وتدرك أنك واحد من النخبة، ولم تعد أبدا فردا فى القطيع. عموما هذه الشرائط سماتها معروفة.. فقد انهكتها كثرة المشاهدة والنسخ المستمر حتى فسدت صورتها، وصارت وسيلة مضمونة لتلويث الهيد فى الفيديو المسكين الذى سيعرض الفيلم.. لكن من قال أن الحياة تقدم حقائقها مجانا؟ ومتى يدفع الفتى إن لم يدفع لكى يصبح مثقفا؟
يبدو أن الجماعة فى (IBM) ومعهم الحاج بيل جيتس كانوا يشعرون بمعاناة الشباب المصرى عبر المحيطات، ولذلك قدموا له هذه الهدية القيمة: الكمبيوتر، وكالعادة فى مصر تم توجيه هذا الاختراع، الحديث إلى وجهات معينة تناسب احتياجات المواطنين.. فتزامن ظهوره مع ظهور وسيط جديد (الديسكات) التى بدأت تحل محل الصور.. وأفلس التجار الذين لم يستطيعوا أن يحاكوا تطور العصر وظلوا على بضاعتهم القديمة.. فالجنس فى عصر أشباه الموصلات والمعالجات الفائقة يختلف عنه فى العصور القديمة.. ورب ديسك صغير تنقله بمنتهى السهولة يجمع محتوى عشرات المجلات.. وبدأت الحياة تبتسم للشباب وأصابعهم تداعب أزرار الكمبيوتر بكل لهفة، بينما آباؤهم سعداء بأن أبناءهم قد استطاعوا اللحاق بلغة العصر.
الآن برح الخفاء يا ولدى وصار كل شىء مباحاً.. ولو استيقظ أجدادنا الأقدمون وعرفوا مدى الترف الذى نتمتع به الآن لحسدونا على أننا من أبناء الألفية الثالثة.. فبكبسة زر يستطيع أى صبى صغير مازالت أسنانه تسقط أن يصل إلى ما كان يحتاج منهم إلى مهر ومأذون واثنين من الشهود.. والجميل أن البضاعة الآن صارت مرتبة ومبوبة ومصنفة وعلى كل لون.. لم يعد هناك شىء خارج عن المألوف مهما بدا شاذا وغريبا، هو هدف آلاف المواقع المختلفة.. أليس الزبون دائما على حق؟ هذه يا سادة هى ثورة الاتصالات الحقة: لن تدفع خمسة جنيهات فى البوستر بعد الآن أبدا، فالبوستر بنفسه سيأتيك طائرا عبر الأثير.
يحق للعرب الآن أن يفخروا بعقول أبنائهم التى لا تهدأ أبدا خاصة إذا كانت تعمل فى خدمة جزء آخر من الجسد. الحكاية فى الستالايت.. خاصة درة التاج فيه.. القمر الأوربى.. فالقمر الأوروبى المبارك ملىء عن آخره بما لذ وطاب من القنوات التى تجعل من أهيف شاب خبيرا فى الـ Sex وهو جالس على كرسيه.. المشكلة أن الأجانب الأوغاد لايصنعون خيرا ويرمونه البحر أبدا، فالقنوات - للأسف
لكن من قال أن هناك عقبة تستطيع أن تقف فى وجه غرائز الشباب؟ هذه القنوات تغير تشفيراتها ودوريا يفكها الشباب.. حتى أن باب اللوق وشارع عبدالعزيز امتلآ بشباب زى الورد سيرمق الريسيفر الذى تملكه بحنكة ويحك ذقنه ثم يقول: «آه.. ده عادى دراجون» أو «كارت الـ Fun هيفتح المالتى فيجين بس، لكن Spice عايزه كارت تانى» أو «لو جبت Humex 5400 المعدل هيكون الهسباسات كله تحت رجليك». هكذا ينتصر الشباب يوميا على الأوغاد الغربيين، ويصلون إلى الكنز الملتهب، المخفى وراء أسوار الأرقام.
النهاية السعيدة: عندما يتزوج البطل البطلة على شاشة التليفون المحمول
تقول إيه فى العين الفارغة؟.. وكأن الكمبيوتر الجبار وإنترنته الذى لاتغرب عنه الشمس والريسيفر بقنواته التى لاتنتهى لم تعجب الشباب بما فيه الكفاية فادخلوا المحمول أيضا إلى الحلبة.. وصارت الموضة الآن هى الأفلام الجنسية القصيرة على الموبايلات.. وميزة هذه الأفلام - والحق يقال - أنها خاصة جدا وبلهجات بلدانها المحلية.. ولذلك ستشعر بالاندماج معها أكثر خاصة وأنت ترى معالم بلدك الشهيرة فى خلفية الصورة.
هذه هى رحلة البحث عن حقائق الحياة.. ولأسباب اقتصادية معروفة سيكون هذا هو أقرب ما يصل إلى ملايين الشباب لعالم المرأة السحرى.. فلضيق ذات اليد لن يحلم أبدا بأن يحتضن زوجته فى يوم من الأيام، بل كل أحلامه ستكون فيلما جديدا، أو موقعا مفيدا، أو ملفا صغيرا يأتيه عبر البلوتوث.
ملـحـوظـة: يـابــابـــا، ده مش أنــا.. ده مـجــــرد تشابه أسماء.
حسام محفوظ
المصدر: روز اليوسف
إضافة تعليق جديد