القذافي أراد التنحي..لكن ؟
كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن محادثات سرية مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، توسطت فيها النروج، كادت تفضي إلى تنحيه، ووقف عملية الناتو.
وذكرت الصحيفة أن الأيام الأولى من الأحداث في ليبيا شهدت مفاوضات في فندق بطرابلس، كادت تسفر عن مسودةٍ تنص على تنحي القذافي عن السلطة وترك السياسة، لكن مع الحفاظ على مؤسَّسات الدولة دون مساس.
وقالت الصحيفة إن المحادثات انهارت في اللحظة الأخيرة، قبل أن تعلن الأمم المتحدة دعم عمليات عسكرية للناتو ضد القذافي.
واتَّهَمَ وزير الخارجية النرويجي آنذاك جوناس ستور، الذي توسَّطَ في المفاوضات، باريس ولندن بمعارضة حلٍّ تفاوضي كان من شأنه إنهاء الأزمة.
وقال ستور إن اثنين من كبار المسؤولين النرويجيين كانا في القصر الرئاسي في طرابلس مع سيف الإسلام عندما صدر قرار الأمم المتحدة في نيويورك.
كان لابد من توصيلهما بسرعةٍ عبر الحدود إلى تونس من أجل سلامتهما، مع اقتراب الضربات الجوية الأولى لحلف الناتو.
وطلب رئيس وزرائها آنذاك ينس ستولتنبرغ، الذي يشغل حالياً منصب الأمين العام لحلف الناتو، من وزير الخارجية ستور مواصلة المحادثات السرية للغاية، واستضافتها في النرويج.
بعد أسابيع من المحادثات، نظَّم ستور أول لقاءٍ وجهاً لوجه بين كبار مسؤولي القذافي والمعارضة في غرفةٍ في فندوق في أوسلو في 27 نيسان.
كان محمد إسماعيل، الساعد الأيمن لسيف الإسلام القذافي، يمثِّل الموالين للقذافي. أما المتمرِّدون، فكان يمثِّلهم علي زيدان، الشخصية البارزة في المجلس الوطني الانتقالي المعارض، الذي أصبح لاحقاً رئيساً للوزراء في ليبيا ما بعد القذافي.
راح الدبلوماسيون النرويجيون ذهاباً وإياباً، ووضعوا في النهاية "خطةً شاملة" لإنهاء الأزمة. وجاء في السطر الأول: "العقيد القذافي يقرِّر التنحي عن السلطة وإنهاء المرحلة الأولى من الثورة".
حتى إن ستور تحدَّث إلى سيف الإسلام عبر الهاتف لتأكيد أن هذه الخطة تحظى بدعمٍ من أعلى المستويات في ليبيا.
لكن ما سيحدث لمعمر القذافي ظلَّ نقطة شائكة رئيسية. كان الزعيم غريب الأطوار يرفض مغادرة ليبيا، في حين جرت المفاوضات حول ما إذا كان بإمكانه البقاء في البلاد لكن مع تركه السياسة.
قال ستور إن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، كانت حريصةً على ذلك، لكن الدولتين الأخريين لم تهتما بالأمر.
وأضاف ستور: "لو كانت هناك إرادةٌ للقيام بذلك… كان بإمكان المرء أن يتخيَّل نوعاً من وقف إطلاق النار في الحملة العسكرية من أجل السماح للدبلوماسيين بأخذ خطوة".
وتابع: "لكن العملية العسكرية استمرَّت بالفعل لمدة ثمانية أسابيع، والديناميات على الأرض كانت تتغيَّر، وبصراحة لم تكن هناك رغبةٌ في التعبئة وراء مثل هذه العملية (الدبلوماسية)".
إضافة تعليق جديد