هل هي طبول الحرب حقاً ؟
نبيه البرجي:
حين يهتز الشرق الأوسط، كما لو أننا عشية الزلزال الكبير الذي لا يعود فيه من أثر لهذه الجمهورية، ينهمك نجوم الخراب عندنا في الصراع حول المداورة أو اللامداورة. أيها السيد الشيطان (يا مولانا الشيطان)، قل لنا أي طراز من البشر هؤلاء؟
شيء ما يشبه قرع الطبول في أرجاء المنطقة. ابان ولاية دونالد ترامب، كانت هناك نظريتان على الطاولة. احداهما لجون بولتون، وكان يعتبر أن آيات الله بـ»الايديولوجيا العدمية التي لا تفرّق بين ثقافة الموت وثقافة الحياة، لم يتخلوا يوماً عن الرهان على تحويل الشرق الأوسط الى مقبرة للشيطان الأكبر».
اتفاق فيينا لم يكن أكثر من استراحة محارب للحد من التدهور الكارثي في المسارين الاقتصادي والاجتماعي «بانتظار اللحظة التي نرى فيها آية الله خامنئي يرفع القنبلة في وجهنا. هذا ما يستدعي عملية جراحية طارئة، ولو كانت الجراحة النووية لاجتثاث تلك الأرواح الشريرة»….
النظرية الأخرى لهنري كيسنجر ويأخذ بها أركان الدولة العميقة. وهي ترى «أن آيات الله بالتمدد الأفقي من الخليج الى المتوسط، وبدفع ايديولوجي عاصف، انما ينفذون نظرية «الفوضى الخلاقة» التي أدت الى اندلاع أزمات وجودية في الدول التي تشكل تهديداً «لاسرائيل»، أي سوريا ولبنان والعراق. الأزمات التي تمكن ادارتها بمنتهى الدقة لتحويل هذه البلدان الى حطام اقتصادي، بذلك الى حطام سياسي، ما يفقدها أي دور يمكن أن تضطلع به!» .
«الحصيلة الأخرى لذلك التمدد، بشقيه الايديولوجي والاستراتيجي، كسر الايقاع الكلاسيكي للصراع، وتوجه الدول المتوجسة من «الخطر الايراني»نحو «اسرائيل»، والى حد التماهي معها في المجالات الأكثر حساسية».
لندع الأميركيين يفكرون مثلما يريدون. ثمة باحثون، وساسة، أوروبيون، طالما عرفوا بتنديدهم بالوصاية الأميركية على القارة العجوز، تلفتهم البراعة الايرانية في ادارة العمليات الديبلوماسية الأكثر تعقيدا.
هؤلاء يعتبرون أن «التشدد المنهجي» للصقور حيال مفاوضات فيينا انما هو لمصلحة الفلسفة التي يتولى عتاة السياسات الأميركية و»الاسرائيلية» تسويقها اذا ما أخذنا بالاعتبار أن جو بايدن أحدث ما يمكن وصفه بالانقلاب في العقل الاستراتيجي الأميركي لدى اعطائه الأولوية، الأولوية المطلقة، للخيار الديبلوماسي.
الباحثون والساسة اياهم لاحظوا كيف أن محمد جواد ظريف أبعد عن الضوء حين دعا الى الحد من تدخل الحرس الثوري في الأداء الديبلوماسي لاعتقاده، هو وحسن روحاني، أن البلاد بحاجة الى سنوات من التعاطي البراغماتي مع البلدان الغربية، لا سيما الولايات المتحدة لاعادة هيكلة البنية الاقتصادية، وحيث الأزمات تضغط بقوة على اليوميات الايرانية.
بالتوازي اعادة هيكلة البنية الأمنية التي تعتريها ثغرات قاتلة، وهذا ما ظهر في اختراق الموساد الأرشيف النووي والاستيلاء على وثائق تمس، في العمق، الأمن الاستراتيجي للبلاد، وصولاً الى اغتيال محسن فخري زاده الذي كان يفترض أن تؤمن له حماية استثنائية بعدما وضع بنيامين نتنياهو اسمه، علناً، على اللائحة السوداء.
المشهد ملبد جداً. نفتالي بينيت يبدو أكثر الحاحاً من زعيم الليكود في تفجير الصراع العسكري لاقتناع أجهزة الاستخبارات بأن التسويف الايراني هو تسويف تكتيكي، ويتوخى الاستمرار في عملية تخصيب اليورانيوم، وتكديس أجهزة الطرد المركزي، الى حد ملامسة القنبلة. من هنا كان تكثيف العمليات الاستخباراتية من أجل تعبئة مراكز القوى في نصف الكرة الغربي ضد ايران.
الكل يلعب على حافة الهاوية (لن نقول على حافة النهاية). الصقور في تلة الكابيتول استأنفوا الدعوة الى اخراج ايران من اللعبة «كي لا يبقى وجودنا هناك رهين أمزجة آيات الله»، وقد لوحظ كيف أن أصواتاً عربية بدأت تعلو، أوركسترالياً، في هذا الاتجاه. لكنه الشرق، أيها السادة، بتعقيداته التاريخية، والايديولوجية، كما أن تصريحات جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، تشي بأن الولايات المتحدة لا تبحث عن جحيم آخر.
لا حرب. من سنوات، وربما لسنوات أخرى، الرقص على حافة الهاوية. ربما ما هو أسوأ من الحرب!!
الديار
إضافة تعليق جديد