الدراما السورية: موسم الهجرة إلى القاهرة
لفترة طويلة، في زمن ما.. من أواخر القرن العشرين، راجت إشاعة عن عملٍ كوميدي، يجمع الفنانين الكوميديين الأشهر في العالم العربي.
عادل إمام من مصر ودريد لحام من سورية.. وكان ثمة رغبة كبيرة يبديها عادل إمام لهذا العمل المشترك عندما يسأل عنه فيما كان دريد لحام في حواراته، أكثر حذراً وأقل اندفاعاً مجيباً بالتساؤل: ولماذا يجب أن نجتمع معاً في عمل فني مشترك؟!
مع أن دريد لحام، كان قد خاض في سبعينيات القرن الماضي وستينياته، تجارب الأفلام المشتركة مع عدد كبير من الفنانين المصريين واللبنانيين على أثر انتشار موجة الإنتاج المشترك التي انتشرت طوال العقدين، والتي لم يكن لها من مبرر، سوى هذا الانتاج المشترك والعلاقات الشخصية، وكانت النتيجة «شوربة»!!
ففي المسرح ساد، كم هائل من التوليف والإرباك، إذ غالباً ما يكون النص باللهجة المصرية «فيشوم» أي يصبح شامياً وكان أن قدم مسرحاً ليس له هوية واضحة..
في السينما، كان الأمر على نفس الشدة من الوطأة، إن لم يكن أشداً.. فقد ولفت عشرات الأعمال السينمائية الرديئة تكون فيها البنت مصرية، والأم سورية وهكذا الكثير من هذه الحبكات المزيفة والملفقة، وغالباً تكون البطولة النسائية للفنانة المصرية المصرة على الحوار باللهجة المصرية، فيما تكون الفنانة السورية بدور «السنيدة» وكان مطب هذه السينما في هذا الكولاج، وكأن المخرج، أو الكاتب يريد تحقيق الوحدة العربية بفيلم سينمائي على حد وصف الفنانة نبيلة النابلسي في ذات حوار لي معها!!
اليوم ثمة مايشبه هذا «الكولاج» في الدراما التلفزيونية لكنها تختلف في الاتجاهين المصري ـ السوري، وإن كانت تشترك بـ التلفيق»!
في الاتجاه السوري: فقد صدرت الدراما المصرية، أو نحن استوردنا برضانا فنانين من الصف العاشر أو أدنى، دون أية ضرورة إلا ضرورة العلاقات الشخصية، وحتى هؤلاء الفنانون يصرون على اللهجة المصرية في الدراما السورية حتى أنك تشعر أن وجود هؤلاء الفنانين في المسلسل جاء «حشكاً» وحتى لانبقى في التهويم العام، نذكركم بمسلسل «أعيدوا صباحي» الذي عرض في موسم رمضان الدرامي الماضي، إخراج غسان جبري، فقد استقدم فنانان مصريان ـ ممثل وممثلة ـ واللذان جاءت مشاركتهما نافلة، أو هماجيء بهما فقط ليصابا بالإيدز، لدرجة شعرت بالشفقة الشديدة لهذه المشاركة المفتعلة وتساءلت عن الذنب الذي اقترفاه، حتى يعاقبا بهذا المرض ـ ومن ثم بهذا الدور أي بقيت المشاركة المصرية تلفيقاً، ولم تقدم لأي من الدراما: المصرية أو السورية شيئاً ذلك لأن مثل مسلسل (اعيدو صباحي) تكرر في عدد من الأعمال الأخرى، في الوقت الذي تزداد فيه طوابير الفنانين السوريين العاطلين عن العمل!!
في الاتجاه المصري: فإن موسم الهجرة الى القاهرة، أصبح اليوم موضة سورية، لاسيما بعد من توهم من الجانبين أن الدراما السورية قد سحبت البساط من تحت الدراما المصرية، فما كان من القائمين على الدراما المصرية، إلا أن استقدموا «الساحبين» للبساط، على حد زعم الطرفين، ليقعدوا على ذات البساط معاً، لكن ليس دعوتهم كسوريين، أو لأن العمل الدرامي يتطلب وجود شخصية سورية بل الإتيان بهم ليكونوا «مصريين» وتحديداً أن يكونوا من نجوم الدراما السورية، أو من الصف الأول منها، مؤكدين على مقولة درجت طويلاً، ومازالت تدرج «إن المصريين لايقبلونك إلا مصرياً» والنتيجة ان هذه المشاركة لم تقدم شيئاً للدراما المصرية ولم تحقق شيئاً للفنانين السوريين، سوى «اللهم» أن يؤكد المنتج المصري للسوق الخليجية: تريدون النجوم السوريين هاهم فوق بساطنا؟!
أي أن عملية المشاركة، ليست أكثر من مشاركة إعلامية، أو ترويجاً للإنتاج الدرامي المصري في العالم العربي وحسب..!
لا أحد ينكر أبداً الحرفية العالية للشخصية الصعيدية للفنان جمال سليمان، في مسلسل «حدائق الشيطان» وهذا ما أشاد به النقاد في الجانبين المصري والسوري، لكنه في الوقت ذاته لم يكن أكثر من مروج بارع للدراما المصرية، ومثله أيضاً: جمانة مراد، وسلاف فواخرجي، والوسطانية، أي جمانة مراد حتى أنها لم تعد تحكي سوى بالمصري «يخزي العين»!!
أي بقي أمر مشاركات كهذه تلفيقاً، إلا ماندر ربما هنا نستثني مشاركة الفنان سلوم حداد في أحد الأعمال المصرية، التي أدى فيها شخصية تاجر شامي على ما أذكر!!
والحقيقة وهذه وجهة نظر شخصية ورغم الأداء العالي لفنانينا بالمصري، لم أنشد إليهم، ولم يقنعوني، والأمر بدا لي كأنه إثبات للحرفية، والصنعة، وهذا ما لا نشك فيه عند هؤلاء الفنانين لكن الأمر لم يبدو ابداعاً أو فناً بل صنعة وحسب!!
ليس الأمر تعصباً للهجة السورية أو اللهجات السورية لكن هل شاهدتم يوماً ما مطرباً مصرياً يغني بغير اللهجة المصرية أو ممثلاً يؤدي حواراً بغيرها..!!.
علي الراعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد