السياسة المناخية في الحكومة السورية
ايماناً من سورية بالعمل الدولي المشترك لحماية البيئة العالمية فقد انضمت الى جميع الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف وتوجت سجلها في المجال البيئي الدولي بالمصادقة على بروتوكول كيوتو المنبثق عن الاتفاقية الاطارية حول التغيرات المناخية بموجب مرسوم تشريعي رقم 73 لعام 2005.
وذلك بعد انضمامها للاتفاقية الاطارية عام 1996 حيث تلتزم الدول النامية بموجب الاتفاقية بإعداد بلاغات وطنية حول الانبعاثات من غازات الدفيئة ومصادرها.
في يوم البيئة العالمي لهذا العام تم اختيار موضوع ساخن وهو التغيرات المناخية وقد بذلت سورية جهوداً كبيرة حيال ظاهرة التغيرات المناخية ففي عام 2005 تم البدء بإعداد البلاغ الوطني الأول للتغيرات المناخية حيث تم تشكيل فريق عمل لمشروع إعداد البلاغ الوطني الأول حول تنفيذ اتفاقية التغيرات المناخية الممول من مرفق البيئة العالمي ومن خلال برنامج الأمم المتحدة الانمائي.
ويهدف المشروع الى تقوية القدرات التقنية والمؤسساتية لسورية لمعالجة قضايا التغيرات المناخية مع الأخذ بعين الاعتبار الاتجاهات السائدة للتغيرات المناخية من خلال اعداد الأولويات الوطنية والقطاعية أما الهدف القريب للمشروع فهو تمكين سورية من اتخاذ الاجراءات للنشاطات المحتملة لإعداد البلاغ الوطني الأول للاتفاقية الاطارية للتغيرات المناخية وتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية ويسهم المشروع في تكثيف الجهود العالمية نحو استيعاب أفضل المصادر ومصارف غازات الدفيئة وكذلك التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية واجراءات الاستجابة الفعالة لتحقيق الهدف النهائي للاتفاقية الاطارية للتغيرات المناخية اضافة الى ذلك تعزيز الوعي العام ومعرفة المواضيع المتعلقة بالتغيرات المناخية في سورية.
بينت الاحصاءات السنوية التي أجريت من قبل مركز الأبحاث العلمية والبيئية أن استهلاك الطاقة في سورية يتزايد بمعدل نمو الاقتصاد الوطني وأشارت هذه الاحصاءات إلى أن قطاعي الصناعة والطاقة يتصدران القطاعات الاقتصادية الأخرى في مجال استهلاك الطاقة الأولية وبالتالي في اطلاق غازات الدفيئة ومنذ أن وافقت سورية عام 1996 على اتفاقية التغيرات المناخية شهد قطاع الطاقة تطوراً ملحوظاً في تحويل انتاج الطاقة من الفيول الى الغاز الأمر الذي يخفض من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون كما قامت الحكومة السورية بإعداد خطة وطنية وبتطبيق مجموعة من الاجراءات تتضمن السياسات اللازمة لزيادة كفاءة الطاقة والتي تؤدي الى فوائد بيئية واجتماعية ومن هذه الاجراءات، زيادة كفاءة قطاع النقل وزيادة كفاءة استخدام الطاقة في القطاع المنزلي والتجاري وتشجيع استخدام الغاز في القطاع الصناعي وتحديث المصافي النفطية لانتاج وقود بمواصفات عالية الجودة واستخدام الغاز في توليد الطاقة.
أما الأوزون فيعد من أخطر الملوثات المؤكسدة الناتجة عن التفاعلات الفوتوكيميائية وأحد مكونات الضباب الدخاني وتشكل التراكيز العالية منه مشكلة اضافية في العديد من المدن الكبرى وله تأثير كبير على الصحة العامة.
وقد انضمت سورية الى معاهدة فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال حول المواد المستنفدة لطبقة الأوزون عام 1989 كما انضمت الى الدول الموقعة على تعديلات لندن وكوبنهاجن ومونتريال عام 1999 وأعدت سورية عام 1993 وبمساعدة الأمم المتحدة للبيئة برنامجاً وطنياً خاصاً بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون حيث تم اجراء دراسات احصائية لتلك المواد المستوردة والقطاعات الصناعية المستخدمة لها وتم وضع استراتيجية وخطة عمل للازالة التدريجية لاستخدامها، ولاتنتج سورية أياً من المواد المقيدة بموجب بروتوكول مونتريال.
لاشك أن المنشآت الصناعية مصدر تلوث بيئي وصحي سواء عن طريق حرق الوقود أو عن نواتج العمليات الصناعية أما الانبعاثات الناجمة عن وسائط النقل فهي المسبب الأول لتدهور الهواء.
وتشير المعلومات إلى أن مصادر انتاج الطاقة الكهربائية في سورية ومنها المحطات البخارية هي أكثر المصادر تلويثاً للهواء حيث تطلق صناعة الكهرباء مثلاً 455 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون و/125/ ألف طن من ثاني أكسيد الكبريت و/326/ ألف طن رماد.
كما أن العديد من المدن السورية محوطة بصناعات مختلفة لاتراعي الاعتبارات البيئية كصناعة الاسمنت والمحاجر وغيرها ويوجد في بعض المدن كدمشق وحلب وحمص وطرطوس وبانياس نسبة كبيرة من المصادر الرئيسة لتلوث الهواء التي تنتج من محطات توليد الطاقة والصناعات كصناعة الاسمنت والأسمدة الكيميائية وغيرها.
كما تعد صناعة الأسمدة الكيميائية في حمص من الصناعات التي ينتج عنها انبعاثات أكسيد الكبريت وأكاسيد النتروجين والفلوريا إضافة للعوالق الهوائية، بينما تحوي الانبعاثات الصادرة من ورش صهر الرصاص ومعامل البطاريات على كميات كبيرة من الرصاص الذي ينطلق الى الهواء ويؤدي الى مخاطر صحية بالغة من تسمم أعصاب وكلى واضطرابات عدوانية ونقص في التركيز والانتباه.
وتعد وسائط النقل المصدر الرئيس لتلوث الهواء في المدن، ومما زاد من نسبة هذه الملوثات قدم وسائط النقل وتدني نوعية الوقود المستعمل، كما تعد العوالق الهوائية من أكثر الملوثات التي يصعب التحكم بها ومصادرها الأتربة والطرق والأعمال الانشائية وحرق النفايات وعمليات احتراق الوقود الاحفوري والمصادر الصناعية وبعض العوامل الطبيعية، وطبعاً وسائط التدفئة المنزلية ومحطات توزيع الوقود والمقالع والكسارات والجبالات وغيرها.
ونتيجة لذلك دلت القياسات التي اجريت في المدن الرئيسة على أن هناك تدهوراً في نوعية الهواء، اذ تزيد قيم الانبعاثات الملوثة عن الحدود المسموح بها في المعايير السورية والعالمية.
لاشك أن العالم أجمع يشهد تغيرات مناخية تهدد أمنه الغذائي والمائي ووجوده على سطح الارض لذلك كان شعار يوم البيئة العالمي لهذا العام عن تغير المناخ لما ينجم عنه من مشكلات وتعقيدات بيئية وصحية بالغة الخطورة.
ويعتقد العلماء أنه مع التقدم الصناعي بدأ المناخ يتأثر بالنشاطات البشرية وأصبحت تراكيز غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الأخرى تزداد في الغلاف الجوي مسببة ارتفاعاً في درجة حرارة الأرض.
ونتيجة للدراسات وتوقعات العلماء فإن النتائج لتغير المناخ تكون أولاً من خلال انخفاض كمية الامطار وانخفاض مخزون المياه السطحية والجوفية، ليس بسبب انخفاض كمية الامطار فقط وانما بسبب زيادة التبخر، اضافة الى تدني نوعية المياه بسبب زيادة ملوحتها.
أيضاً هناك تسارع وتيرة ذوبان الجليديات في القطب الشمالي واذا استمرت وتيرة الدفء السائدة فقد يصبح المحيط المتجمد الشمالي خالياً من الجليد أثناء الصيف في نهاية هذا القرن.
وتشير الدراسات إلى أن مستوى سطح البحر والمحيطات سيرتفع بمعدلات قد تصل الى 95 سم في نهاية القرن الحالي نتيجة ذوبان قسم من الجليديات القطبية والجليديات في المحيط، وسيسبب ارتفاع مستوى البحار والمحيطات هجرات جماعية ومشكلات حادة للمدن الساحلية والجزر.
كما سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة الى تغيرات عميقة في الانظمة البيئية ما سينعكس على الكائنات الحية التي تعيش فيها وسيؤدي ذلك الى انقراض انماط من الغابات والنباتات والحيوانات.
كما أن التغيرات البيئية قد تخلق بيئات جديدة ملائمة لكائنات ممرضة ولذلك فإن التغيرات المناخية تنذر بالخطر الشديد وهذا يستدعي تضافر جهود الحكومات والافراد لمواجهة الازمات والكوارث التي ستنجم مستقبلاً.
سناء يعقوب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد