من هي نيكي هايلي التي أعلنت ترشحها لرئاسة أمريكا ؟
أعلنت نيكي هايلي ترشحها لرئاسة الولايات المتحدة، فمن هي؟ وما فرصها في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري على حساب دونالد ترامب أو باقي المرشحين المحتملين؟
هايلي، التي شغلت في السابق منصب حاكمة ولاية ساوث كارولينا، وكانت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة خلال إدارة الرئيس السابق ترامب، قالت عبر تويتر: “الآن ليس الوقت المناسب للتراجع. الآن هو الوقت المناسب لأمريكا قوية وفخورة”، وأرفقت تغريدتها برابط الفيديو الخاص بإعلانها الترشح في الانتخابات المقررة العام القادم 2024.
وبهذا أصبحت هايلي المرشح الثاني، إذ كان ترامب قد دشن، الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حملته الهادفة إلى استعادة الرئاسة في عام 2024، من خلال فعالية أقامها في منزله في مارالاجو في فلوريدا، وقال أمام حشد من أفراد أسرته والمتبرعين الرئيسيين لحملته: “من أجل جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، أُعلن الليلة ترشيحي لمنصب رئيس الولايات المتحدة”.
مَن هي نيكي هايلي؟
وُلدت نيمراتا نيكي رانداوا (نيكي هايلي) يوم 20 يناير/كانون الثاني 1972، في ولاية ساوث كارولاينا الأمريكية، وأبواها هنديان من طائفة السيخ، وترتيب هايلي الثالثة بين أربعة أبناء، ولها أخ وأخت أكبر منها، وأخ أصغر. أبوها أجيت سنغ رانداوا، من مواليد ولاية البنجاب في الهند، وانتقل إلى كندا للحصول على الدكتوراه من جامعة بريتيش كولومبيا، بحسب تقرير لمجلة Politico الأمريكية.
هاجر والداها إلى كندا أولاً عام 1969، ثم انتقلت الأسرة إلى ولاية ساوث كارولاينا الأمريكية، حيث وُلدت نيكي، ثم شقيقها الأصغر، بينما كان شقيقها الأكبر قد وُلد في الهند، وولدت أختها الأكبر في كندا.
وبعد أن أتمت دراستها الثانوية، التحقت هايلي بجامعة كليمسون في الولاية نفسها، حيث درست إدارة المنسوجات بمنحة دراسية، وتخرجت عام 1994 بشهادة في المحاسبة. وفي اليوم الأول لدراستها الجامعية، التقت بشاب يدعى بيل هايلي، الذي تزوجته لاحقاً، وجعلته يغير اسمه إلى مايكل، لأنها لم تحب اسمه “بيل”.
وقالت رفيقة دراسة لها في الجامعة لمجلة بوليتيكو، إن “نيكي عنيدة للغاية، وإذا ما قررت أن تفعل أي شيء فمن المستحيل إقناعها بالعدول عن رأيها”. وكان أبواها يريدان لها أن تتزوج شاباً من الخلفية الثقافية والدينية نفسها، أي هندي من طائفة السيخ، إلا أنها تمسكت ببيل أو مايكل وكان لها ما أرادت، حيث تزوجا عام 1996. وأنجبت نيكي ابنتها رينا عام 1998، ثم أنجبت ابنها نالين عام 2001.
كانت نيكي تتولى حسابات مشروع تجاري تمتلكه والدتها منذ أن كانت في الرابعة عشرة من عمرها، وبعد تخرجها في الجامعة عملت لمدة عامين مشرفة حسابات في شركة إعادة تدوير في تشارلوت، ثم عادت إلى مسقط رأسها لتعمل لدى مشروع والدتها التجاري، الذي كان قد أصبح متجراً ضخماً.
هيلاري كلينتون “الملهمة”
ونظراً لشخصيتها القوية واهتمامها بالشأن العام، قررت نيكي الترشح لمقعد في مجلس نواب ولاية ساوث كارولاينا عام 2004، ونجحت بالفعل، لتبدأ مسيرتها السياسية الناجحة للغاية حتى الآن.
وفي مقابلة لها مع صحيفة نيويورك تايمز، قالت نيكي: “هيلاري كلينتون هي السبب الرئيسي الذي جعلني أترشح لمنصب عام. كان الجميع يخبرونني بأنني لا يجب أن أترشح، فقد كنت صغيرة جداً ولديّ طفلان صغيران، لكنني ذهبت إلى محاضرة في جامعة برمنغهام، كانت تلقيها هيلاري كلينتون، وقالت فيها إن ترشح النساء للمناصب العامة يُواجَه دائماً بنصائح في الاتجاه المعاكس، فعندما يحدث ذلك، على مَن تشعر أنها مؤهلة ألَّا تستمع لأحد وتترشح على الفور”.
وهكذا بدأت مسيرة نيكي هايلي في العمل العام الأمريكي، ورغم أن هيلاري كلينتون تنتمي للحزب الديمقراطي، فإن هايلي تنتمي للحزب الجمهوري. وتقول أيضاً إن مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة تُعتبر قدوة لها أيضاً، إضافة إلى والدتها.
وفي عام 2010، أصبحت نيكي هايلي أصغر حاكمة ولاية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث انتُخبت حاكمةً لولاية ساوث كارولاينا، لتصبح أيضاً أول سيدة تتولى منصب حاكم تلك الولاية على الإطلاق، وأيضاً هي ثاني حاكم ولاية من أصل هندي في تاريخ أمريكا.
وفي عام 2012، أعلن المرشح الرئاسي السابق، ميت رومني، نيته باختيار نيكي هايلي مرشحة له لمنصب نائب الرئيس، لكنها رفضت، وفضلت الاستمرار في منصبها كحاكم لساوث كارولاينا، لكن عندما رشَّحها ترامب لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة وافقت، وتولت المنصب بالفعل أواخر عام 2016.
وفي ذلك العام اختارتها مجلة Time الأمريكية عام 2016 كإحدى الشخصيات المؤثرة، وأعلنت هايلي استقالتها من منصبها سفيرةً لدى الأمم المتحدة عام 2018، معللةً ذلك برغبتها في الحصول على قسطٍ من الراحة.
ما فرصها في “تحدي” ترامب؟
كانت حاكمة ساوث كارولاينا السابقة، البالغة من العمر 51 عاماً، قد قالت عام 2021 إنها لن “تتحدى” ترامب في البيت الأبيض، لكنها غيَّرت موقفها خلال الأشهر الأخيرة، مشيرةً إلى الحاجة إلى “تغيير الأجيال”.
وبإعلان ترشحها رسمياً، أصبحت هايلي المرشح الثاني عن الحزب الجمهوري الساعي إلى الفوز بترشيح الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن ساحة التنافس الجمهورية لا تزال في انتظار مرشحين آخرين، أبرزهم رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، ومايك بنس، النائب السابق لترامب، ومحتمل أيضاً أن يعلن مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب السابق، دخوله الحلبة.
الجدير بالذكر هنا هو أن هايلي لم تخسر أبداً أي انتخابات خاضتها من قبل، لكن الانتخابات الرئاسية أمر مختلف بطبيعة الحال. وكان ترامب قد فاز بالرئاسة عام 2016 على حساب هيلاري كلينتون، “ملهمة” نيكي هايلي.
وكانت العلاقات بين هايلي وترامب قد ساءت إلى حد ما، بعد أن انتقدت سلوك الرئيس السابق، الرافض لخسارته الانتخابات أمام الرئيس الحالي بايدن، حتى أحداث اقتحام الكونغرس، يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، من قبل أنصار ترامب. وفي اليوم التالي لأعمال الشغب، قالت في خطاب إن “أفعاله (ترامب) منذ يوم الانتخابات سيحكم عليها التاريخ بقسوة”.
لكن تُظهر معظم استطلاعات الرأي المبكرة تقدم ترامب بفارق مريح في ساوث كارولاينا، الولاية التي فاز في انتخاباتها التمهيدية في طريقه إلى الرئاسة في عام 2016، وهو مؤشر على مدى حدة المعركة التي ستخوضها السفيرة السابقة، حتى على أرض ولايتها نفسها.
وأظهر استطلاع رأي، أجرته رويترز/إبسوس، الثلاثاء 14 فبراير/شباط، أن ترامب يتصدر قائمة الساعين للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لسباق الرئاسة في عام 2024، في حين جاءت نيكي هايلي في المركز الرابع.
وبلغت نسبة التأييد لترامب من الجمهوريين المسجلين في الاستطلاع الجديد، الذي تم إجراؤه في الفترة بين 6 و13 فبراير/شباط الجاري، 43%، بينما قال 31% إنهم يؤيدون حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، و4% فقط اختاروا حاكمة ساوث كارولاينا السابقة نيكي هايلي.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يترشح ديسانتيس للرئاسة، لكنه لم يعلن عن نيته القيام بذلك، كما حصل نائب الرئيس السابق مايك بنس، الذي يدرس أيضاً الترشح، على 7% من دعم الجمهوريين في الاستطلاع. وشارك في استطلاع رويترز/إبسوس 1465 من الناخبين الجمهوريين المسجلين.
حملة ترامب كانت سريعة للغاية في إصدار رد فعل على إعلان نيكي هايلي ترشّحها، حيث أصدرت بياناً سخرت فيه منها، وصفها بأنها “تحترف السياسة”، وهو مصطلح يستخدمه ترامب للتقليل من شأن السياسيين الذين لا يؤيدونه، باعتبارهم “يستغلون السياسة لتحقيق مصالح شخصية”.
“نيكي هايلي مجرد سياسي محترف آخر، بدأت مسيرتها كرافضة لترامب، ثم استسلمت وخدمت في إدارته، واستقالت مبكراً كي تتوجه إلى القطاع الخاص وتغرف الأموال”، بحسب البيان الذي نشرته شبكة Foxnews الأمريكية. وأضاف البيان: “الآن تخبرنا أنها تمثل جيلاً جديداً من السياسيين، لكنها لا تختلف كثيراً عن السياسيين المحترفين الآخرين، الذين لا يمتلكون أي ولاء أو التزام سوى لأنفسهم ومصالحهم”.
هذا البيان بطبيعة الحال مؤشر على مدى شراسة المعركة التي تنتظر هايلي، وأي مرشح آخر يدخل السباق أمام الرئيس السابق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري. لكن هذا لا يعني أن فوز ترامب بترشيح الحزب محسوم، أو أن فرص هايلي معدومة.
فالحاكمة السابقة لولاية ساوث كارولينا لم تخسر أي سباق انتخابي خاضته من قبل، علماً أن القاعدة الانتخابية الأكبر في الولاية، وتحديداً في المقاطعة 116 التي تمثلها هايلي، تنتمي إلى المسيحيين البيض، وهو ما يشير إلى تمتعها بشعبية كبيرة، رغم أنها مهاجرة من أصل هندي.
الخلاصة هنا هي أن الوقت لا يزال مبكراً على إصدار الأحكام بشأن من سيفوز بترشيح الحزب الجمهوري، ناهيك عن الفوز برئاسة أمريكا عام 2024، لكن لا شك أن دخول نيكي هايلي الحلبة قد يخلط الأوراق بالنسبة لترامب وباقي المرشحين المحتملين.
إضافة تعليق جديد