حول زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو

15-03-2023

حول زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو

مجد جبيلي:
تعتبر الزيارة أكبر و أهم زيارة عمل للدولة السورية منذ عام 2011 ، و يشمل الوفد المرافق للرئيس الأسد على كافة الاختصاصات الأمنية و العسكرية و الاقتصادية و السياسية.
عسكرياً ، لطالما كانت العقيدة العسكرية الروسية هي المرجع العسكري للجيش العربي السوري ، و بعد 12 سنة من الحرب ، يأتي أحد أهم بنود الاجتماع اليوم هو إعادة ترميم المؤسسة العسكرية السورية ، و تعزيز قدراتها الدفاعية و الهجومية بشكل كافٍ يمكنها من خلق قواعد اشتباك جديدة مع أعدائها جنوباً و شمالاً.
كما من المتوقع أن يدرس الخبراء من البلدين زيادة الحضور العسكري الروسي على الأرض السورية بشكل كبير ، و تحديداً شرق الفرات ، و الحديث يدور عن تحويل مطار القامشلي لقاعدة عسكرية متطورة تضاهي قاعدة حميميم كمقدمة لتحجيم و طرد الاحتلال الاميركي.
كما من المتوقع أن ترفع موسكو القيود عن الصفقة الموقعة مع الجانب السوري منذ عام 2008 ، و التي تتضمن تزويد الجيش السوري بمقاتلات Mig-35 و صواريخ Iskander و بطاريات S300 ، و ذلك بعد تجميدها بضغوط إسرائيلية يبدو أن موسكو اليوم مستعدة لتجاوزها على خلفية عدم التزام إسرائيل بالحياد و دعمها لأوكرانيا ضد روسيا.
اقتصادياً ، يجري الحديث عن اتفاقيات كُبرى غير مسبوقة تتفوق حتى على الاتفاقيات التي تمت بالعهد الذهبي للاتحاد السوفييتي التي ساعدت سوريا ببناء السدود و محطات الكهرباء و المصانع الثقيلة بذلك الوقت.
حيث سيتم التوقيع على فتح خط إئتماني روسي على شكل جسر بحري يومي ، يؤمن حاجة سوريا من الطاقة بشكل كامل ، و يكون بداية النهوض الاقتصادي و الخدمي للبلاد ، مع شحنات متتالية من القمح و ما تحتاجه سوريا من مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار.
من الجانب الآخر ، يجري الحديث عن حاجة روسيا لليد العاملة السورية عالية المردود منخفضة التكلفة ، بظل توجه الاتحاد الروسي نحو النهوض بصناعاته العسكرية و الخدمية لتلبية احتياجات الواقع العسكري المتغير بالصراع مع الناتو ، و هذا ما سيفتح الباب أمام السوريين للعمل في روسيا بتسهيلات كبيرة قد تبصر النور قريبا.
سياسياً ، تشكل الرحلة السورية مناسبة مهمة لمناقشة ملف المصالحة السوري - التركي ، حيث رفضت سوريا بشكل قطعي عقد اجتماع على مستوى الرئاسة ، كما ماطلت بعقد اجتماع وزراء الخارجية الذي تم إلغاؤه اليوم ، و يجري الحديث الان عن محاولة الروس و الايرانيين إقناع دمشق بعقد اجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية ، وسط إصرار دمشق على تعهد تركي مكتوب بانسحابه من كامل الاراضي السورية خلال جدول زمني محدد و وقف دعم الارهاب و تقديمه تسهيلات اقتصادية كبيرة تعويضاً عن أعماله التخريبية طوال العقد المنصرم و إعطاء سوريا حصتها من مياه دجلة و الفرات بشكل كامل ، و ذلك قبل القبول بأي عملية تطبيع قادمة.
كما تلعب روسيا دوراً محورياً في مد جسور التواصل بين سوريا و محيطها العربي ، في وقت تبدو فيه زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق أمر حتمي بانتظار نضوج حل سياسي في اليمن تلعب فيه دمشق دور الوسيط.
الدولة السورية دخلت مرحلة التفاوض السياسي مع محيطها بشكل قوي و غير متوقع ، حيث حاول الغرب كسر انتصارها العسكري عبر تركيعها اقتصادياً لكي تقبل بأي صلح يُعرض عليها دون شروط ، و هو ما يبدو أنه لم يتحقق على الإطلاق.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...