سوريات في معاقل الفقر
طريقة جديدة في التعاطي مع الفقر والفقراء ستؤتي ثمارها في سورية، وهي لا تتعاطى مع الأرقام والتصنيفات المعتادة بل تتجه مباشرة الى الواقع، الى قلب الريف الفقير.
والمقاربة هذه ليست مبتكرة فهي موجودة في دول كثيرة، لكنها جديدة على الاداء والتفكير السوريين. والقصة تبدأ من بلدة عين التينة في اقصى جبال اللاذقية (غرب) التي ترتفع 850 متراً عن سطح البحر، عندما قرر «الصندوق السوري لتنمية الريف» (فردوس)، بدعم تقني من «الجمعية الايطالية للمرأة في التنمية» (ايدوس)، وبتمويل جزئي من الاتحاد الاوروبي، اقتحام تلك القرية النائية وجوارها، بواسطة «مركز اعمال المرأة الريفية». والهدف من هذه الخطوة تفعيل دور النساء في سوق العمل بتنفيذهن مشاريع صغيرة، تعاونية أو فردية، فيصبحن قادرات على الاستمرار ذاتياً، عبر تقديم ما يُعرف بـ «القيمة المضافة» على منتجات أو خدمات.
وصباح حسن (48 سنة)، من صاحبات المشاريع التي لاقت تشجيعاً من السيدة اسماء الاسد في عين التينة. امرأة لا تعرف القراءة ولا الكتابة أسست مشروعاً ناجحاً لتصنيع جبنة «موتزيريلا» الايطالية واربعة انواع اخرى، تطلبها الفنادق الكبيرة في اللاذقية، وتلبي طلبات السفير الايطالي في دمشق.
وتشرح حسن أن هذا المشروع غيّر مجرى حياتها، فزوجها متقاعد ولديهما سبعة اولاد. وعلى رغم معارضته الشديدة للعمل، نجحت القيّمات على المشروع في إقناعه. وحصلت صباح على قرض بقيمة 120 الف ليرة سورية (2400 دولار اميركي)، لشراء بقرتين. وساعدها المركز بإحضار خبير ايطالي علمها صنع انواع من الجبن على مدى سنة. وتقول: «استوعب ضعفي وقلة خبرتي، وأصرّ على ان لا يتركني الا بعد أن أنجح في تقديم افضل الانواع، بأشكال جذابة».
مشروع صباح واحد من 22 مشروعاً دعمها المركز، بينها مشاريع لتصنيع الإكسسوارات بخبرات فرنسية وإيطالية وتسويقها، ومشاريع للخياطة النسائية. غير أن المشروع الأطرف تحقق بمنح الشابة مجيرة المهر وشقيقها، مبلغ 250 ألف ليرة (خمسة آلاف دولار أميركي)، لشراء أجهزة صوت واستغلال صوتها الجميل في الغناء في الأعراس والحفلات الفنية. وتقول مجيرة أنها تدربت على حساب المركز في «البيت العربي للموسيقى» على «السولفيج» (قراءة النوتات)، ثم بدأت الغناء بصحبة شقيقها في الحفلات، ولاقى أداؤها حضوراً جيداً، فأصبحا يتلقيان دعوات لإحياء بعض الأفراح. ومجيرة تنتمي الى عائلة مؤلفة من عشرة افراد كلهم عاطلون من العمل. وتوضح ان عملها بدأ يدر عليها ارباحاً تساعد فيها عائلتها الكبيرة.
مشروع حنان الأسعد تركز على انتاج العسل، بعدما حصلت على قرض لشراء خلايا النحل. وتشير الى ان مساعدة المركز تجاوزت القرض والتدريب إلى إنشاء صلات، والإمداد بالمعلومات اللازمة عن إدارة المشروع. ووصل صيت منتجاتها إلى المدينة.
ميادة دلالة من قرية زنبورة، لا تفقه شيئاً بالكومبيوتر، تقدّمت بفكرة انشاء مركز لخدمة الكومبيوتر والانترنت لسكان قريتها. حصلت على التدريب الضروري، وهي الآن تنقل معرفتها الجديدة إلى أبناء المنطقة.
الالتحاق بمركز أعمال المرأة الريفية متاح لمن هن بين 18 و 50 سنة، ويكون للتدرّب، أو الحصول على قرض شرط عدم امتلاك ارض زراعية. ومنذ انطلاقته في 2005، أجرى دورات لأكثر من 90 امرأة.
وأشارت رئيسة قسم العلاقات الخارجية في «فردوس»، نوار الشرع، إلى أن المركز منح قروضاً لإحدى عشرة سيدة بقيمة مليون ليرة سورية. ويستمرّ في تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات التدريبية والاستشارية.
سمر أزمشلي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد