هكذا ماتت الديمقراطية: نتنياهو أطاح بالدولة
ناحوم بارنياع:
صباح الخير عليكم يا مواطني إسرائيل. قد لا تشعرون بذلك، قد يكون ما يقال في الأخبار لا يعني حياتكم حاليا، لكنكم تعيشون منذ هذا الصباح في دولة ديمقراطية -سابقًا. للوهلة الأولى يوم عادي: الشمس مشرقة، والأطفال يذهبون إلى المدرسة، والقهوة ساخنة ومشبعة بالبخار، والاختناقات المرورية مزعجة كالمعتاد في الطريق إلى العمل.
هذا خطأ كبير. هناك ديمقراطيات تموت بين ليلة وضحاها، في حمام دم. ديمقراطيتنا تموت ببطء، وتدريجيا، وبرخاوة.
إطاحة غالانت الثانية أسوأ من الأولى. في المرة الأولى قام بإطاحة غالانت لأنه حذر من الانطباع الذي يتركه الانقلاب القضائي لدى أعدائنا. لقد تمت إطاحته لأنه كان على حق. هذه المرة أُقيل لأن رفض إضفاء الشرعية على تهرب اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية خلق تهديدا محتملا لحكم نتنياهو. لقد أصبح بقاء نتنياهو هو المؤشر لكل شيء. وهو (البقاء) أهم من أداء المنظومة العسكرية في خضم الحرب، عشية الهجوم الإيراني؛ هو أهم من سلامة المقاتلين في الجبهة، التي تقف خلفهم حكومة مسؤولة وعقلانية. عندما يكون رئيس الحكومة أهم من الدولة التي يرأسها، فإننا نكون في دولة دكتاتورية.
تحققوا من رومانيا تشاوشيسكو. تحققوا من هنغاريا أوربان. المؤشرات باتت موجودة هنا.
إحداها تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع. كاتس سياسي مخضرم وذو خبرة، يجيد السباحة في مستنقع مركز الليكو، لكن شن الحرب ليست الوظيفة التي تدرب عليها.
إن ادارة الحرب ليست المَهمة التي تم تأهيله لها التي تدرب عليها. ربما يمكن للجيش أن يتدبر أمره من دون وزير دفاع، لكن ماذا سيحدث للاتصالات المعقدة مع وزارة الدفاع الأميركية؟.
إذا افترضنا أن كاتس سيمارس معهم نفس "الحكمة" الدبلوماسية التي جعلته يتشاجر مع كل دولة محتملة في منصبه كوزير للخارجية، فإننا في ورطة.
لكن هذا لا يهمّ نتنياهو. وكلما تبين أن وزير دفاعه غير كفؤ، وعلى أنه سخيف، فاشل، فسيطيب له الأمر.
غالانت ليس رجلاً سهلاً. ادعاء نتنياهو بعدم وجود ثقة بينه وبين غالانت صحيح. ولكن لا توجد ثقة بينه وبين وزير خارجيته الجديد، جدعون ساعر، وهو يتعامل مع ذلك بشكل جيد. الثقة في السياسة هي عادةً أخبار كاذبة، صورة خادعة. هي شيء يظهر في صفحات الرسائل التي تُسمع من أبواق الحكومة. انظروا الى رابين وبيرس؛ نتنياهو واسحاق مردخاي، نتنياهو وغانتس، نتنياهو ومعظم وزراء حكومته. لا يهمه أنهم لا يثقون به طالما أنهم لا يهددون استمرار حكمه، ولكي يشعر بأنه كبير فإنه يريدهم صغارًا.
إن النفوذ الذي يمنحه القانون لرئيس الحكومة بإقالة الوزراء مبرَر تماما. الحكومة ليست ناديًا للنقاش: فالوزير الذي يتصرف بما يتعارض مع سياسة الحكومة يجب أن يطير. لكن الكنيست التي صادقت على هذا القانون لم تأخذ في الاعتبار أنه سيكون هناك ذات يوم رئيس حكومة في البلاد سيُفقده خوفه من فقدان الحكم، عقله. وهو ليس السياسي الأول في العالم الذي انتُخب ديمقراطيا وأصبح ديكتاتوراً.
قال اللورد أكتون: "السلطة مُفسدة". إذا جاز لي أن أضيف، فإن السلطة أيضًا تحول الأشخاص الأذكياء إلى مرضى نفسيين.
كتبتُ في ليلة غالانت الأولى: "خطر واضح وفوري". وهذا ينطبق بشكل أكبر على ليلة غالانت الثانية، في خضّم الحرب.
ربما تكون هناك نقطة إيجابية واحدة في هذا الحدث الصعب: يمكن لغالانت أن يصبح زعيماً لمجموعة واسعة من الإسرائيليين، الذين يقولون: لن نحتمل أكثر من ذلك. وحيث لا يوجد شخص ولا توجد معارضة، قد يصبح غالانت أملاً وخيارًا، بديلاً.
يديعوت أحرونوت
إضافة تعليق جديد