03-06-2006
أنور البني في آخر حوار قبل اعتقاله
الجمل- خاص- كنت على وشك إجراء تحقيق يتناول جمعيات حقوق الإنسان المتكاثرة في سورية وبدأت بالمحامي أنو البني الذي توقف التحقيق عنده فأجهزة الأمن أوقفت التحقيق الصحفي بقيامها بحملة الاعتقالات الأخيرة والتي طالت موقعي إعلان (بيروت- دمشق) أو (دمشق- بيروت)، فبعض الناشطين ممن كنت سأقابلهم أصبحوا رهن الاعتقال الآن ونتمنى ألا يطول غيابهم.
يعترف أنور البني أحيانا بأخطاء يقع فيها المشتغلون بالشأن العام ويبرر في أحيان كثيرة التضاربات والتشابكات بين جمعيات حقوق الإنسان فالمناخ غير السليم ينتج أخطاء كثيرة ...
أسأل البني بداية عن كثرة الجمعيات الحقوقية رغم تشابه أهدافها ونشاطها؟
يجيب البني:
(نحن بحاجة إلى جمعيات أكثر مما هو موجود الآن فمثلا السويد لديها مئات الجمعيات الحقوقية، والمشكلة بالاختصاص غير المحدد لهذه الجمعيات والسبب طغيان هاجس الحريات العامة المنتهكة إلى أبعد الحدود مما جعلها أي الحرية هاجسا أساسيا في عملها).
* الملاحظ أن بعض رؤساء هذه الجمعيات ينشد الزعامة الشخصية وليس خدمة الشأن العام؟
** أنور: موضوع حقوق الإنسان حديث العهد في سورية وفي منطقتنا وباعتبار أن المجتمع يعيش حالة قمع شديد أدى هذا إلى أن أغلب المشتغلين في حقوق الإنسان أو المهتمين بالشأن العام هم معتقلون سابقون أو سياسيون سابقون وبالتالي حملوا أفكارهم وأيديولوجياتهم الخاصة إلى هذه الجمعيات، ومن جهة أخرى غياب الممارسة الديمقراطية نتيجة القمع أدى لبناء مجتمع غابت فيه ثقافة الديمقراطية وثقافة الاختلاف، لذلك يجب البدء بممارسة الديمقراطية وتعلمها خطوة بخطوة فكلنا بحاجة لتعلم هذه الممارسة، وباعتبار أننا لم نعش تجربة ديمقراطية لا أحد يعرف كيف يمارسها، فالديمقراطية ليسن كتابا نقرأه ونطبق ما جاء فيه، إنما هي ممارسة واقعية وبناء ثقافي فعلي، والمهم الآن خلق الآلية التي تحيي الممارسة الديمقراطية ..
* الملفت للانتباه انتشار العوائلية والعشائرية في هذه الجمعيات وأغلب مكاسب الجمعيات من سفرات ودورات تدريب تذهب للأقرباء والأصدقاء فكيف تنتقد هذه الجمعيات السلطة وتمارس نفس الممارسة؟
** من الطبيعي بغياب الاتصال مع المجتمع والاندماج فيه وغياب العمل المؤسساتي لعدم وجود الترخيص أساسا يؤدي إلى أن الإنسان ينظر لمعارفه ودائرته الضيقة ويصبح للعامل الشخصي تأثيرا كبيرا، مثلا تلقينا دعوة لدورة تدريبية في ألمانيا باللغة الإنكليزية فمن سيرشح لهذه الدورة بالتأكيد سيتم البحث ضمن دائرة المعارف والأصدقاء لغياب العمل المؤسساتي .
* كثيرا ما تتهم هذه الجمعيات بتلقي أموال من دول وجهات أجنبية فمن أين يمول نشاط هذه الجمعيات؟
** قصة التمويل زوبعة في فنجان اختلقتها السلطات لتهاجم مؤسسات المجتمع المدني وهذا أولا وثانيا تعاون هيئات المجمع المدني مع بعضها البعض مسألة قائمة في كل دول العالم وكما يتم دعم البلدان النامية بمنح اقتصادية وتقنية واجب على هذه الدول تقديم الدعم والمنح لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وبالتالي ليس معيبا بل مشروعا الدعم المادي، ونعود للقول أن القمع وعدم وجود الصيغ القانونية لعمل الجمعيات يعدم الشفافية، مع قناعتي ومعرفتي بأن الجمعيات لم تتلق أي دعم مادي بالشكل الذي يروج له وإنما تقام ورشات عمل ودورات تدريبية ممولة من قبل مجتمع مدني أوروبي أو منظمات مدنية تشرف على تدريب كوادر ونشطاء وليس إعطائهم أموال ..
* يقال أن أغلب جمعيات حقوق الإنسان في سورية تعمل تحت غطاء أمني وبالتنسيق مع بعض الأجهزة الأمنية؟
** من الطبيعي أن تسعى أجهزة الأمن في سورية لاختراق أي حالة تجمع أو نشاط سياسي أو مدني ومن الطبيعي أن يكون هناك أشخاص يتحملون الضغوط بنسب مختلفة طالما أن الجمعيات أعلنت عن عملها بشكل علني ومشهر الأهداف والوسائل، وهذا يضعف تأثير الأمن من جهة، وبنفس الوقت تؤدي الرؤيا الضبابية حول عمل وأهداف هذه الجمعيات والخلفيات السياسية للمهتمين بها التفاوت في أدائها، فالعامل الشخصي في بعض الأحيان يلعب دورا كبيرا في حالات الانشقاق أو المهاترات هنا وهناك وبغياب الضوابط والمعايير تصبح مثل هذه الظواهر طبيعية ..
* يوجه اتهام لبعض الجمعيات الحقوقية بأنها مذهبية وذات سلوك طائفي يتجلى ذلك في التفاوت بالدفاع عن المعتقلين فبعض المعتقلين يتكرر اسمه عشرات المرات يوميا والبعض الأخر يذكر لماما (كحالة علي العبدالله مثلا وحبيب صالح) ما رأيك؟
** هذا يتبع المواقف السياسية المسبقة لبعض الجمعيات وللمعتقلين أنفسهم، وبالتالي يلعب العامل الشخصي والإيديولوجي دورا مؤثرا في نشاط هذه الجمعيات ويتجلى بشكل أو بآخر في ظاهرة معينة أو انتهاك معين أو مع أشخاص معينين.
* يقتصر نشاط هذه الجمعيات عموما على الاعتقال السياسي بينما لا نجد اهتماما مماثلا في قضايا البيئة والتعليم والفساد ...فلماذا لا يمتد نشاط هذه الجمعيات ليشمل هذه القضايا؟
** مدخل العمل في أي مجتمع هو حرية التعبير والرأي للتعبير عن أي انتهاكات في المجتمع أو إشكالات أو احتقانات أو غيره، وبالتالي المعركة أولا من أجل حرية التعبير والرأي لفتح الباب أمام كل قوى المجتمع الكامنة للتعبير عن مصالحها ومشاكلها مع الأهمية الفائقة للوضع الاقتصادي والثقافي المدمر والفساد والبيئة والتعليم ...
المدخل لكل ذلك هو حرية التعبير وبالتالي يصبح الهاجس في وضع كسورية هو الإقرار بحرية التعبير وإيجاد الوسائل والمنابر اللازمة لممارسة هذه الحرية.
حوار: أحمد خليل
يعترف أنور البني أحيانا بأخطاء يقع فيها المشتغلون بالشأن العام ويبرر في أحيان كثيرة التضاربات والتشابكات بين جمعيات حقوق الإنسان فالمناخ غير السليم ينتج أخطاء كثيرة ...
أسأل البني بداية عن كثرة الجمعيات الحقوقية رغم تشابه أهدافها ونشاطها؟
يجيب البني:
(نحن بحاجة إلى جمعيات أكثر مما هو موجود الآن فمثلا السويد لديها مئات الجمعيات الحقوقية، والمشكلة بالاختصاص غير المحدد لهذه الجمعيات والسبب طغيان هاجس الحريات العامة المنتهكة إلى أبعد الحدود مما جعلها أي الحرية هاجسا أساسيا في عملها).
* الملاحظ أن بعض رؤساء هذه الجمعيات ينشد الزعامة الشخصية وليس خدمة الشأن العام؟
** أنور: موضوع حقوق الإنسان حديث العهد في سورية وفي منطقتنا وباعتبار أن المجتمع يعيش حالة قمع شديد أدى هذا إلى أن أغلب المشتغلين في حقوق الإنسان أو المهتمين بالشأن العام هم معتقلون سابقون أو سياسيون سابقون وبالتالي حملوا أفكارهم وأيديولوجياتهم الخاصة إلى هذه الجمعيات، ومن جهة أخرى غياب الممارسة الديمقراطية نتيجة القمع أدى لبناء مجتمع غابت فيه ثقافة الديمقراطية وثقافة الاختلاف، لذلك يجب البدء بممارسة الديمقراطية وتعلمها خطوة بخطوة فكلنا بحاجة لتعلم هذه الممارسة، وباعتبار أننا لم نعش تجربة ديمقراطية لا أحد يعرف كيف يمارسها، فالديمقراطية ليسن كتابا نقرأه ونطبق ما جاء فيه، إنما هي ممارسة واقعية وبناء ثقافي فعلي، والمهم الآن خلق الآلية التي تحيي الممارسة الديمقراطية ..
* الملفت للانتباه انتشار العوائلية والعشائرية في هذه الجمعيات وأغلب مكاسب الجمعيات من سفرات ودورات تدريب تذهب للأقرباء والأصدقاء فكيف تنتقد هذه الجمعيات السلطة وتمارس نفس الممارسة؟
** من الطبيعي بغياب الاتصال مع المجتمع والاندماج فيه وغياب العمل المؤسساتي لعدم وجود الترخيص أساسا يؤدي إلى أن الإنسان ينظر لمعارفه ودائرته الضيقة ويصبح للعامل الشخصي تأثيرا كبيرا، مثلا تلقينا دعوة لدورة تدريبية في ألمانيا باللغة الإنكليزية فمن سيرشح لهذه الدورة بالتأكيد سيتم البحث ضمن دائرة المعارف والأصدقاء لغياب العمل المؤسساتي .
* كثيرا ما تتهم هذه الجمعيات بتلقي أموال من دول وجهات أجنبية فمن أين يمول نشاط هذه الجمعيات؟
** قصة التمويل زوبعة في فنجان اختلقتها السلطات لتهاجم مؤسسات المجتمع المدني وهذا أولا وثانيا تعاون هيئات المجمع المدني مع بعضها البعض مسألة قائمة في كل دول العالم وكما يتم دعم البلدان النامية بمنح اقتصادية وتقنية واجب على هذه الدول تقديم الدعم والمنح لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وبالتالي ليس معيبا بل مشروعا الدعم المادي، ونعود للقول أن القمع وعدم وجود الصيغ القانونية لعمل الجمعيات يعدم الشفافية، مع قناعتي ومعرفتي بأن الجمعيات لم تتلق أي دعم مادي بالشكل الذي يروج له وإنما تقام ورشات عمل ودورات تدريبية ممولة من قبل مجتمع مدني أوروبي أو منظمات مدنية تشرف على تدريب كوادر ونشطاء وليس إعطائهم أموال ..
* يقال أن أغلب جمعيات حقوق الإنسان في سورية تعمل تحت غطاء أمني وبالتنسيق مع بعض الأجهزة الأمنية؟
** من الطبيعي أن تسعى أجهزة الأمن في سورية لاختراق أي حالة تجمع أو نشاط سياسي أو مدني ومن الطبيعي أن يكون هناك أشخاص يتحملون الضغوط بنسب مختلفة طالما أن الجمعيات أعلنت عن عملها بشكل علني ومشهر الأهداف والوسائل، وهذا يضعف تأثير الأمن من جهة، وبنفس الوقت تؤدي الرؤيا الضبابية حول عمل وأهداف هذه الجمعيات والخلفيات السياسية للمهتمين بها التفاوت في أدائها، فالعامل الشخصي في بعض الأحيان يلعب دورا كبيرا في حالات الانشقاق أو المهاترات هنا وهناك وبغياب الضوابط والمعايير تصبح مثل هذه الظواهر طبيعية ..
* يوجه اتهام لبعض الجمعيات الحقوقية بأنها مذهبية وذات سلوك طائفي يتجلى ذلك في التفاوت بالدفاع عن المعتقلين فبعض المعتقلين يتكرر اسمه عشرات المرات يوميا والبعض الأخر يذكر لماما (كحالة علي العبدالله مثلا وحبيب صالح) ما رأيك؟
** هذا يتبع المواقف السياسية المسبقة لبعض الجمعيات وللمعتقلين أنفسهم، وبالتالي يلعب العامل الشخصي والإيديولوجي دورا مؤثرا في نشاط هذه الجمعيات ويتجلى بشكل أو بآخر في ظاهرة معينة أو انتهاك معين أو مع أشخاص معينين.
* يقتصر نشاط هذه الجمعيات عموما على الاعتقال السياسي بينما لا نجد اهتماما مماثلا في قضايا البيئة والتعليم والفساد ...فلماذا لا يمتد نشاط هذه الجمعيات ليشمل هذه القضايا؟
** مدخل العمل في أي مجتمع هو حرية التعبير والرأي للتعبير عن أي انتهاكات في المجتمع أو إشكالات أو احتقانات أو غيره، وبالتالي المعركة أولا من أجل حرية التعبير والرأي لفتح الباب أمام كل قوى المجتمع الكامنة للتعبير عن مصالحها ومشاكلها مع الأهمية الفائقة للوضع الاقتصادي والثقافي المدمر والفساد والبيئة والتعليم ...
المدخل لكل ذلك هو حرية التعبير وبالتالي يصبح الهاجس في وضع كسورية هو الإقرار بحرية التعبير وإيجاد الوسائل والمنابر اللازمة لممارسة هذه الحرية.
حوار: أحمد خليل
إضافة تعليق جديد