ثوب جديد للتلفزيون القديم
ظهرت على قنوات التلفزيون السوري («الأولى، الفضائية، الثانية») بوادر تحديث وتطوير، جرى الإعداد والإعلان عنها قبل مطلع العام. ولا بد من الاعتراف بأن الشكل الذي بدت عليه الحملة الدعائية للبرامج وعدنا بالشيء الكثير. خصوصاً ما بدا واضحاً في السخاء المالي اللافت، في ديكور أهم برنامجين يعرضان على الفضائية، و «القناة الأولى»: «نهار جديد» و «صباح الخير». إضافة إلى التقنية الآلية التي تدار بها الحلقات، بدءاً من حركة الكاميرا وانتهاء بحضور المذيعات. وبدا ذلك خصوصاً في الروح المنطلقة التي يعمل بها فريق «نهار جديد»، من دون أن ينطوي التجديد على شيء أهم أو أكبر من ذلك.
وباعتبار أن هذين البرنامجين يشكلان أطول زمن بث، فقد انتظرنا حداثة ليست على مستوى الشكل فقط، بل المضمون أيضاً من حيث الفائدة والمتعة معاً، لكن الأمر لم يختلف كثيراً عن غالبية البرامج الصباحية المتشابهة التي تظهر في توقيت واحد على الفضائيات العربية، مع فارق أن بعضها لا يزال متطوراً تقنياً ومعرفياً عن هذين البرنامجين.
برامج الحوار السياسي الجديدة منها والمستمرة، بقيت أيضاً على حالها، وعادت إلى لغتها الدعائية، التي لا تعتمد مبدأ الحوار بمقدار ما يبدو التلقين السمة الغالبة عليها. ولا استثناء فيها، اللهم إلا استديو الأخبار الجديد الذي بدا أنه الملمح الوحيد لتغيير ما.
وبالنظر إلى طبيعة البرامج المعروضة، اللافتة للانتباه، بجرأة عناوينها مثل برنامج «خط أحمر»، يبدو أن الحمرة المقصودة في الخدين ليس إلا، فالفرق شاسع بين ما يعرض كمانشيت، وبين ما يناقش في الحلقات تحت العناوين الساخنة، التي تتحول - للأسف - إلى برامج وعظ ديني أو اجتماعي.
وبهذا يقع اسم الحلقة تحت بند الشعاراتية الجاهزة التي تعلق فوق مادة تلفزيونية مختلفة تماماً، بل وتتناقض مع العنوان، لكنها تصف ما هو موجود في عقل أي مشاهد يعيش في مجاهل الصحراء، وينتظر أن يسمعه من فم أستاذ شريعة أو مربية أطفال!
ثم ان الروح الشبابية التي يحاول بعضهم إدخالها إلى هذا التلفزيون مثل برنامج « 50 في المئة شباب» لا تصطدم فقط بجملة معوقات رقابية تتمثل في ما هو مسموح وممنوع، فهذا حديث قديم وذو شجون، لكنه يعود الآن ليصطدم بمحظورات عقائدية. فهؤلاء الشباب المفعمون بالرؤى الجديدة لن يستطيعوا تقديم ما هو مختلف، لأن الآلية التي يعملون بها لا تعمل وفق شروط تتعلق بحرية العمل التلفزيوني، إنما وفق شروط إملائية غير قابلة للنقاش في شكل مطلق!
المشاهد السوري ليس غبياً، ولا يمكن أن يقتنع بالتطور فقط من خلال الإلحاح عليه بالإعلانات الكثيرة هذه الأيام على القنوات الثلاث في شعارات مثل: رؤية الرؤية!
من هنا السؤال: لو أن أحدنا ارتدى ثوباً مزركشاً بالألوان، ولا يزال يشعر أن جلده يحكه تحت الثوب، لماذا لا يفكر أن يكشط جلده بحمام ماء ساخن، قبل أن يرتدي الثوب الجديد؟
سمر يزبك
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد