غسان مسعود يتساءل: أين تذهب أموال التلفزيون الوطني
يعود الى خشبة المسرح «بعربة ترام اسمها الرغبة» فثمة نص يكتبه دائماً، ثمة هاجس فكري يجعل هذا الرجل وضاءً و مختلفاً وغسان الذي قال على لسان الشاعر التشيلي «بابلو نيرودا» أما الآن فاتركوني وشأني وافعلوا ما شئتم في غيابي يعود من غيابه الشعري من مئة سوناتة حب لماتيلدا أورتيا الى زمن البروفة، الزمن الحقيقي للفرجة حاملاً معه ذكريات فواز الساجر وسعد الله ونوس وممدوح عدوان ومازال يؤرقه الشكل، وفي جعبته الكثير من الحلول التي لم يستخدمها بعد، هاهو اليوم بيننا يصرخ ويتنفس ويبتسم وهو بهذا الدور ليس ممثلاً أو مخرجاً مسرحياً فحسب إنه المثقف السوري الذي يعي خطورة دوره وفاعليته ومن جديد أكثر قدرة على الحلم ودفاعاً عن بسالة هذا الحلم الذي يصب في وعي الجماعة وشغفها العالي بالتطور.
غسان مسعود بوجه سينمائي وصوت مسرحي واضح ومموسق نتكلم معه في هذا الحوار أكثر عن المسرح الذي عاد إليه بعد غياب دام ثلاث سنوات..
التقينا الفنان الكبير وكان الحوار الآتي:
. نريد أن نعرف منك أستاذ غسان أسباب هذا التوعك في المشهد المسرحي السوري برأيك أين الأزمة؟
هل هي أزمة إدارية؟ أم أزمة نص كمايروج البعض؟
أم أنها أزمة ثقافية لها ارتكاساتها السياسية والاجتماعية؟
.. سؤالك يصب في محور لن يتسع له اللقاء، فإما أن أكون أمام تلخيص فقير لوجوه الأزمة والتساؤلات التي تعبر عن أزمة مافي المسرح فألخصها بشكل فقير ولامعنى له ولايستفيد منه أحد، وإما أن نعود إلى تاريخ هذه الأزمة منذ أن وعينا عليها وحتى الآن لندخل الى أزمة لايتسع لها الحوار أو المساحة المخصصة للقاء اذاً دعني أختصر لأقول:
ان الأزمة بتقديري الشخصي وحسب وعيي ومعرفتي وماأذكر أن عناصر الأزمة هي عناصر الأزمة أنا لست ممن يدفعون بأسباب الأزمة لطرف واحد، لست ممن يقولون إن الدولة وحدها مسؤولة عن الأزمة ولست ممن يقولون أيضاً إن الفنان مسؤول عن الأزمة أو النص هو المسؤول عن الأزمة بشكل منفرد، أنا أقول إن للأزمة وجوهاً عدة لكل منا حصته في هذه الأزمة أو وجه من وجوه الأزمة، يختلف مستوى المسؤوليات من طرف الى آخر وقد يكون مستوى المسؤولية عند جهة ماهو المعطل الفعلي لازدهار هذا الفن الصعب، أيضاً هذا وارد.. ولكن بالمحصلة أنا أرى أن تمظهرات الأزمة في مجتمعنا مازالت على حالها ولم يقترب من محاولة حلها أي معني هناك أحياناً أطروحات سرعان ماتتلاشى وتكتشف أن لامعنى لها لأنها غير مدعومة بقرارات قابلة للعيش قرارات إجرائية قابلة أن تنقذ المسرح من حضانة الموت..
. البعض يقول: إن المسرح السوري عبارة عن مبادرات فردية أو مشاريع أشخاص هل نستطيع القول: إن مشروعك المسرحي قد توقف لانشغالك بالسينما؟
.. هذا ماقلته في مقابلات عدة ولاأريد أن أجيب جواباً أحادي الجانب لأقول: ان الابداع هو حالة استثنائية أولاً وقبل كل شيء وغالباً هذه الحالة كانت مرتبطة بأفراد ومن ثم عممت عبر النظرية، أو عبر شيء آخر، فالإبداع استثنائي والى حد ما فردي وسيبقى كذلك.. في المسرح هناك خصوصية مختلفة عن أشكال الابداع الأخرى أن هذا الابداع الفردي لاينتعش الا مع الجماعة وقد يبدأ من الفرد لكنه يزدهر مع الجماعة وأسباب غياب الجماعة ذكرنا منه أشياء في جوابنا السابق، أما أنا اذا كنت قد غبت عن المسرح لثلاث سنوات فأعتقد أنه ليس غياباً يمكن أن أؤاخذ عليه كثيراً وان أؤخذت عليه فليكن.. لكن دعني أقول: إن كل الأشياء مجتمعة التي ذكرتها مسبقاً جعلتني أعتقد أن المسرح يحتاج الى الجماعة والى قرارات وقوانين تمكنه من النهوض وتمكنه من الديمومة ومن تطوير نفسه بنفسه وأعتقد أن هذه العناصر غير متوفرة. هذا المناخ غير متوفر وله أثر في ابتعادي أنا وغيري في هذه الفترة لكنني ماأزال أصرعلى أنني هنا في المسرح .
السينما دخلت لتملأ فراغاً مافي حياتي وهذا الفراغ سببه الأساسي هو المسرح يعني السبب الرئيس هو غياب المسرح، فالغياب وعدم تمكني من أن أحلم وأن أحقق أحلامي كما أشتهي وفي هذه اللحظات من حياتي الفارغة من الحلم دخلت السينما ولاأقول إن هذا شيء عاطل بالعكس بل قد يكون لمصلحتي لأن السينما أيضاً فن عظيم وفن يستحق أن تحلم به وتشتغل عليه فأنا في النهاية ممثل ينبغي أن أكون موجوداً سواءً في السينما أو التلفزيون و هذا طبيعي.
. هناك اتجاه عالمي اليوم لإدخال الصورة السينمائية على المسرح هل تؤيد ذلك؟
.. هذا الاتجاه لاأعتقده جديداً بإدخال التصوير السينمائي (الفيلمينك) على المسرح فهو موجود منذ ثمانينيات القرن الماضي وليس جديداً على الإطلاق وأنا كنت قد حلمت في التسعينيات بأن أمزج بين صورة السينما وصورة المسرح وأعلمت بذلك طلابي، فقد بنيت بعض المشاهد بأن تكون السينما حاضرة ولكن لم أنفذ هذه الأفكار لأسباب كثيرة لست في وارد ذكرها الآن، فجاء بعض من طلابي لينفذوها بشكل جيد فسعدت أيّما سعادة يعني عندما رأيت ماذا فعلت «رغدا الشعراني» كنت سعيداً جداً وأذكر تماماً الحالة العاطفية التي حضرت بها عرض «شوكولا» لأنها كانت محاولة بتقديري موفقة الآن تقول لي:
ياغسان هل أنت في وارد هذا الشيء سأقول لك أبداً، لأنه ذهب الى رغدا الآن فيما يخصني أنا أعتقد أن الصورة المسرحية تعوضك عن السينمائية في كثير من الأحيان حسب البنية البصرية للعرض كيف تبنيها أعتقد أنها تعوض وتكرس خصوصية المسرح وفرادته كفن هذا ليس هجوماً على الصورة السينمائية وليس دفاعاً عن الصورة المسرحية أنا قلت: إنه في مرحلة ما في عرض ما يقتضي منطق هذا العرض أن تذهب فيه الى السينما كما فعلت رغدا وكان شيئاً جيداً. أما بالنسبة لي فقد سحبت هذه الفكرة من دماغي لأنها استخدمت من قبل جيل رغدا وكان استخداماً جيداً فلماذا أكرره؟.. أعود الى مواقعي،لأنني أعوّل على الصورة المسرحية أولاً وآخراً وأخيراً وكنت قد وضعت في عرضي الجديد الذي أشتغل عليه «عربة ترام اسمها الرغبة» كنت قد وضعت على الورق في كذا مشهد تصورات سينمائية لاستخدام السينما في العرض وقد سحبت هذه التصورات عندما شاهدت عرض رغدا «شوكولا» سحبتها ووضعت بدائل مسرحية عوضاً عنها وهذا الكلام أقوله للمرة الأولى في الصحافة.
. ماذا تقصد بفرادة المسرح كفن؟..
.. لأن المسرح ليس حالة منتهية أما صورة السينما فهي حالة منتهية بمعنى أنك تصورتها عشتها علبتها على شريط وأتيت بها الى الناس في وقت راهن، يعني صنعته في مناخ آخر وفي وقت آخر وبتقنيات أخرى وأتيت به كخلاصة لتقدمها أمام الناس الآن، هذا في السينما أما المسرح ومختلف تماماً فالصور المسرحية تحدث الآن راهناً وفي هذه اللحظة تخلق مع الناس ويتأثر بها الناس فيعطونها الشرعية أولا يعطونها الشرعية الآن من هنا جاءت فرادة المسرح لأنه فن حاضر بامتياز فن حي ميت بمعنى أنه حي الى لحظة انتهاء العرض ويموت بعد انتهاء العرض فوراً وبالتالي هذه الفرادة لاتشبه فناً في الدنيا ولذلك كان المسرح فناً عظيماً ولم يمت على الرغم من كل الأزمات التي تعرض لها بالرغم من وسائل الاتصال المجنونة التي كان يعول عليها الكثير بأن تكون بديلاً عن المسرح كحالة فرجة فلم تستطع أي فرجة في الكون أن تغنيك عن فرجة المسرح الحي والمباشر الذي يقدم لك نفسه ليموت بعد ساعة ونصف أي زمن العرض المسرحي.
. في المسرح أديت دور جنكيز خان هذا الطاغية ولعبت دور الشاعر بابلو نيرودا، كيف حققت ذلك؟
.. بين الحين والآخر أود أن أشتغل عكسي أن أشتغل ضدي ولأن أدوار المسرح ارتبطت عند البعض بالشخصيات الإيجابية عموماً فأحياناً أنا كممثل من حقي أن أشتغل ضدي كي أختبر أدوات أخرى ربما تقنيات أخرى وعواطف أخرى... أيضاً أحياناً أنت تقدم الموت لتكشف قيمة الحياة بمعنى تقدم الضد عندما أقدم الضد فأنا فعلياً أقدم الأبيض من الأسود والأسود من الأبيض هذا له علاقة بفلسفة الفن وهذا ضروري لأي ممثل أن يقدم مثل هذه التجارب وهذا مادفعني الى أن أشتغل «جنكيز خان» وكنا في وارد أن أشتغل «ريتشارد الثالث» مع جواد الأسدي في الوقت نفسه الذي اشتغلت فيه «بابلو نيرودا» والملك في سكان الكهف وإيفان في العنبر.
.اليوم بعد رحيل فواز الساجر وسعد الله ونوس وممدوح عدوان هؤلاء الذين كان غسان مسعود يعمل معهم هل تشعر أن ذلك ترك فراغاً على الحياة الثقافية السورية المسرحية خاصة ؟..
.. نحن نفتقد كل من يشكل حماية أخلاقية أحياناً وحافزاً أخلاقياً، إن غياب هؤلاء الكبار أدى الى غياب الحماية الروحية والأخلاقية ربما وأدى أيضاً الى ضعف في الحافز الأخلاقي والروحي لأن وجود فواز وسعد الله وممدوح في يوم ما كان يجعلنا نشتغل مثل المجانين لأننا كنا نراهم كيف يعملون فالمثل مهم جداً الآن أخشى ما أخشاه أننا بحاجة الى صناعة الكبار،أحياناً، الكبير عندما يذهب يترك وراءه فراغاً لاحظت أن في زماننا قلقاًعلى القيم برمتها وبكل المعاني وليس فقط الاجتماعية والأخلاقية بل الروحية والسياسية، هناك قلق على مفاهيم وقيم معينة ولاأرى أن هناك من استطاع أن يحتل هذه الفراغات التي حدثت في حياتنا الثقافية عموماً وليس في المسرح فقط، هذه الفراغات الكبرى أدت الى هزة في الحافز الأخلاقي والإبداعي والروحي أيضاً.
.قلت يوماً:ان المسرح شيء شخصي كالحب، كالشرف، هل مازلت تعتبره كذلك؟
.. وسأبقى على كل حال، هذه المقولة أردت أن أعاكس فيها مقولة سائدة وبشكل غير ذكي بل بشكل غبي ومفاد هذه المقولة أن المسرح فن جماعي نقطة آخر السطر! المسرح ليس فناً جماعياً يعني إذا جلبت عشرة أغبياء هل يؤدي ذلك الى مسرح؟!
أولاً الابداع الفردي الشخصي دائماً الابداع يبدأ من الفرد كنا نتحدث قبل قليل أن الابداع حالة استثنائية إذاً هناك مبدع ما.. هناك مجنون ما ..هناك حالم كبير يكتب بشكل مختلف يخرج أو يمثل بشكل مختلف أو يدرس بشكل مختلف فمن الشخص تبدأ العدوى الى الجماعة وهذا الشخص هو الاستثنائي والموهوب الذي يحمل مشروعاً وأحلاماً فتبدأ العدوى الى الثاني فالثالث والخامس وهكذا الى أن يذهب الى خشبة المسرح أو صالة البروفة فتحدث العملية الجمعية.. أسألك لماذا يشتغل الممثلون مع مخرج دون سواه؟ لماذا يتباهى الممثل أنه يعمل مع المخرج الفلاني؟ اذاً الصيغة الجماعية تحدث انطلاقاً من الفرد.
. برأيك متى تتحول هذه الآحاد الى فعل الجماعة الخلاقة؟
.. عندما يقرر رب العملية المسرحية وربما كان المخرج أن هذا المناخ سيساعد أن أظهر في هذه المسرحية مع هذه الجماعة الجيدة فيدعو الجماعة وأساساً ليس من حقه أن يدعوها إلا إذا كان هناك مشروع يعوّل على نجاحه أولا،ً فالفعل الجمعي لاينبغي أن يحدث إلا اذا كان هذا الشرط متوفراً وهذا مايجعل أفراد هذه المجموعة في حالة غياب المشروع يشعرون بالملل، بالهزيمة والإحباط والخيبة ويهربون، كل على طريقته، فمنهم من يعتكف ومنهم من يعتذر ومنهم من يذهب الى اقتراح آخر ومنهم أيضاً من يكفر بالعملية المسرحية برمتها لأنهم لايقبلون بأرباع الحلول إنهم يريدون حلولاً عادلة وهذه الحلول قضوا عمرهم ينتظرونها ولم تحدث وعندما لاتحدث سيقولون لك: السلام عليكم دعونا نذهب الى ملعب آخر..
. الفنان أيمن زيدان قام بإعادة عرضه «سوبر ماركت» وكذلك فعل الفنان فايز قزق عندما أعاد « وعكته العابرة» مارأيك بفكرة إعادة العروض المسرحية؟
.. أنا لست ميالاً لفكرة الإعادات، ومعروف أني لاأعيد ولطالما طالبني الممثلون والجمهور بالإعادة فعرض «كسور» جاء في طلبات حتى من جهات رسمية لإعادتها لأنها فعلت شيئاً جميلاً في المجتمع الدمشقي وكذلك عرض «الدبلوماسيون» لكنني لم أعد أياً من هذه العروض لأنه لابد من أن يكون هناك شيء ما آخر فما دمنا نعيش لابد من أن يكون هناك شيء آخر جديد، أما بخصوص إعادة الفنان أيمن زيدان لمسرحية «سوبر ماركت» وكذلك الفنان فايز قزق لـ «وعكة عابرة» بالنسبة لزيدان فهو يشتغل نوعاً من المسرح قابلاً أن يكون في المجتمع والذي أحب أن يسميه في يوم من الأيام بالمسرح الشعبي والذي يقف بين المسرح الطبيعي والمسرح الخاص ولن أقول التجاري لأنني أحب أن يكون المسرح كله تجارياً، فأيمن يقف في منطقة خاصة والكثير من المخرجين يقفون في هذه المنطقة وهي منطقة ليست بالسهلة والعمل ليس سهلاً فيها على الإطلاق فأيمن يشتغل بشكل جيد من خلال المسرح العائلي البسيط ونحن بحاجته فضمن هذه المقاييس أتعامل مع هذا النوع من الشغل بمنطقه وبالتالي لاأظلم راغبيه لكنني لاأعرف كيف أشتغله فهذا المسرح له مخرجوه له أيمن وذاك له جهاد سعد وآخر له فايز قزق وهذا ضروري جداً باعتقادي..
. أشيع عنك أنك ربما تكون مخرجاً ديكتاتورياً؟
..أنا ديكتاتور مع الممثل الغبي، الممثل الذكي أنا لست ديكتاتوراً معه فالممثل الغبي لايكفي أن تكون ديكتاتوراً معه بل يجب أن «تعملو قتلة ... ضاحكاً)..
. في البروفة هل تمارس شيئاً من الإملاءات على ممثليك؟
.. تقصد أن أجعل الممثل يمثل مثلي؟ أبداً انظر الى عروضي هل هناك من يمثل مثلي؟! أنظر أنا أحياناً أدفع الممثل الذي يعرف ماينبغي عليه فعله ويعرف ماذا يريد وأكون قد أوصلت إليه ماأريد على مستوى الرؤيا أدفع موهبته ومعرفته في قراءة الدور وطريقته وحدسه في التمثيل، أدخل معه بعض التفاصيل التي لايستطيع رؤيتها طالما هو على الخشبة وكوني ممثلاً قبل أن أكون مخرجاً قد أوصل له بعض الاقتراحات التي أشتهيها فيما له كنت مكانه ،وهو يتعامل معها من وجهة نظره، فلا يأخذها مني «فوتوكوبي».. أنا أعي أنه ليس هناك ممثل يشبهني هناك البعض اتهموا بعض الممثلين الذين عملوا معي أنهم يمثلون كغسان مسعود وهم نجوم في البلد الآن وهذا ليس صحيحاً انظر إليهم على أي حال إذا كان هناك ممثل يريد أن يقلدني فهذا ليس جيداً لكن بالمقابل أفضل من أن يقلد مخرجاً حماراً أو ممثلاً حماراً «ضاحكاً»..
.لكنك قلت مرة: إننا نقف على أكتاف بعضنا البعض؟
.. هذا جزء من الجواب بمعنى آخر الممثل عندما يبدأ حياته المهنية لابد من أن يكون في حياته مثل أعلى ما، وعندما يشتغل الممثل معي ويعتبر أن غسان مسعود ممثل جيد فهو يذهب الى مراقبتي الى حد ما، هذا يحيلنا إلى أن أي مبدع ـ ليس في التمثيل فقط ـ يبنى على أكتاف أحد ما سبقه ولاتعتقد أن هناك كاتباً مسرحياً جديداً يكتب شيئاً أكثر مما كتبه شكسبير أو تشيخوف.
لكن على شرط ألاتطول هذه المدة أو هذا النوع من الشغل وأن يكون شخصيته بعد قليل حين يتمكن من أدواته ومن معرفته ويجب عندها أن يكون له شخصيته الحرة التي لاتشبه إلا نفسه.
. لكنك اشتغلت في مسرحية «صدى» تحت يد تلميذك «عبد المنعم عمايري» فمن كان يقف على أكتاف الآخر؟..
.. هناك نقطتان تجعلانني أشعر بالراحة في العمل مع عبد المنعم هو أو غيره، أول شيء هو مفهوم الشراكة الإبداعية لدى عبد المنعم منذ أن كان طالباً الى أن أصبح مساعدي ومن ثم مخرجاً، هناك شراكة ابداعية ولغة مشتركة مع المخرج يجب أن تكون موجودة هذا أولا،ً ثانياً وبمنتهى البساطة عندما أعمل تحت يد المخرج لاأصعد الى الخشبة إلا بعد إنهاء مرحلة التنظير على الدور والتنظير على النص كله ومايتبع ذلك من تفكيك النص وتحليله لتأتي مرحلة الصعود الى الخشبة حيث أتخلى عن أي مهمة أخرى سوى مهمة التمثيل فأقول للمخرج: أنا الآن ممثل تحت يدك فماذا تريد ببساطة شديدة أسلم نفسي لفكرة الممثل لفكرة المخرج الشريك .
. صرحت مؤخراً أن قرار القيادة السياسية في سورية بدعم الدراما السورية لم يغير من الفساد في مبنى الإذاعة والتلفزيون كيف ترى الى هذا الفساد ومدى قدرته على التأثير في مستقبل الدراما السورية؟
.. الى الأسوأ بالطبع، ومبادرة القيادة السياسية كانت نوعاً من الحافز للناس لعلهم يعرفون واجباتهم بشكل أفضل لعلهم يحتكمون الى ضميرهم بشكل أفضل ربما ولكن هذه حالة إسعافية.
. أين يتركز هذا الفساد برأيك؟
.. أنا لست من الرقابة والتفتيش لكنه يتركز في الجانب الإنتاجي
. مثلاً؟
.. مثلاً مامعنى أن مليون دولار ينتج عملاً اجتماعياً جيداً في القطاع الخاص والممثلون يأخذون أجورهم حسب الأصول وفي التلفزيون السوري مليون دولار لاتنتج مسلسلاً جيداً ولايتقاضى الممثلون أجورهم كما يجب أن يتقاضوها في القطاع العام إذاً أين تذهب الأموال في التلفزيون السوري؟ أخبرونا؟ لماذا لايشتغل نجوم الصف الأول في التلفزيون السوري؟
هل من يجيب على هذا السؤال؟
بشكل عام القضية ليست شخصية إطلاقاً وعندما نقول هذا الكلام يغضب الإخوة في التلفزيون!! الكلام ليس شخصياً وليس موجهاً ضد فرد محدد أنا أخاطب مؤسسة اذا كانت هذه المؤسسة موجودة فالجواب منوط بها وأريد أن أسأل: لماذا هذا الغياب شبه الكلي لنجوم البلد في سورية عن القطاع العام؟! ولماذا نراهم في دول الخليج ومصر والقطاع الخاص لماذا؟..
أنا تعرضت لفضيحة من إحدى الجهات في سورية في صحف عربية عندما قلت: إن أجري كذا أنا لاأطالبك أن تدفع لي كما تدفع القاهرة وأمريكا، ادفع لي نصف حقي على الأقل.. ويسألوننا: لماذا نذهب الى القاهرة؟ ولماذا نشتغل في القطاع الخاص؟!!! طيب ياأخي أنا لا أدافع عن القطاع الخاص فالقطاع الخاص فيه الكثير من الخنازير لكن التاجر له عقلية تتابع المصالح وتبحث عنها، المسألة عرض وطلب الخ..
لكن بالمقابل قد يخرج الآن علي أحدهم ويقول: أين واجبك تجاه الوطن؟
سأقول له: لاتفتح على نفسك هذا الباب فليقعد مكاني في المسرح عشرين عاماً ليل نهار دون أن يكون في جيبه مصروف الطريق، ومن ثم يزاود علينا ويقدم للوطن كما قدمنا ويعطينا دروساً في الوطنية.
سامر محمد اسماعيل
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد