«لورنس العرب» برؤية سورية جديدة
بدأ قبل أيام تصوير مسلسل «لورنس العرب» الذي كتب نصه هوزان عكو، ويخرجه ثائر موسى، وتنتجه شركة «ستار تي في فيلم» السورية، بالاشتراك مع المنتج الأردني طارق زعيتر.
يتناول العمل السنوات التي قضاها لورنس العرب (1888 - 1935) في المنطقة العربية، ويغطي زمنياً الفترة الواقعة بين 1914 و1918، وهي فترة حفلت بالأحداث السياسية وبالتطورات الدراماتيكية، ففيها نشبت الحرب العالمية الأولى، وكانت الإمبراطورية العثمانية؛ إمبراطورية «الرجل المريض» تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتفقد قلاعها في المنطقة العربية، وصدر في العام 1917 وعد بلفور المشؤوم، وأعلنت في السنة ذاتها عن اتفاقية «سايكس - بيكو» التي قسّمت المنطقة العربية.
على خلفية هذه الأحداث السياسية تجري وقائع المسلسل الذي يقدم رؤية درامية جديدة لحياة الضابط، والمستشرق البريطاني؛ المثير للجدل، توماس إدوارد لورنس، الذي عرف بـ «لورنس العرب» لمناصرته، آنذاك، القضايا والمصالح والطموحات العربية. يبدأ المسلسل من عام 1914 حين كان لورنس يعمل مساعداً في عمليات التنقيب عن الآثار، في منطقة كركميش شمال سورية، ويعكف، في الآن ذاته، على تعليم اللغة العربية. يُكلف لورنس، بعد ذلك، بمهمة إجراء مسح عسكري شامل في سيناء، فتتوطد مكانته، وعلاقته بالمنطقة العربية وبزعمائها، إذ يلتقي في حزيران (يونيو) 1916 بالشريف حسين، وبعد مرور ثلاثة أشهر على اندلاع الثورة العربية الكبرى، ستبدأ من هناك الأحداث التي تعد أكثر أهمية في حياة لورنس.
تأسيساً على ذلك، يتناول المسلسل، كما يقول كاتبه هوزان عكو، «طبيعة الصراعات التي كانت دائرة بين قوى التحالف (بريطانيا وفرنسا)، وبين السلطة العثمانية، وتطلع القوى الكبرى إلى تقاسم تركة «الرجل المريض»، ودور لورنس، كضابط استخبارات انكليزي، في استنهاض القوى لقيام الثورة العربية التي انطلقت من الحجاز عام 1916 بقيادة الشريف حسين وأبنائه، خصوصاً الملك فيصل بن الحسين. ويرصد العمل تطور حركة هذه الثورة، واتساع رقعتها والظروف الإقليمية التي رافقتها، ودخول القوات البريطانية والعربية دمشق حيث ستنكشف، عندئذ، الخطط والألاعيب التي كانت تخطط لها قوى التحالف للسيطرة على المنطقة، ودور لورنس العرب كصلة وصل بين بريطانيا والثورة العربية، وتهرّب بريطانيا من الوعود التي أغدقت بها على العرب. ويصل المسلسل إلى الأيام الأخيرة التي قضاها لورنس في دمشق، بعد انكشاف الخديعة التي تعرّض لها العرب من جانب البريطانيين، إذ يجد لورنس نفسه وحيداً منبوذاً من حلفائه العرب ومخذولاً من حكومته.
فضلاً عن هذه الخيوط الدرامية الرئيسة، سعى عكو، كما يوضح إلى «إثراء العمل بجوانب اجتماعية عبر التركيز على تفاصيل الحياة اليومية، وطبيعة العلاقات الاجتماعية، ومكانة المرأة واهتماماتها، ودور القبائل العربية في الصراعات القائمة، والبوادر الأولى لقيام إسرائيل إثر صدور وعد بلفور».
وعن المراجع والمصادر التي استند إليها لكتابة هذا العمل، يقول عكو: «اعتمدت بصورة رئيسة على كتاب لورنس العرب «أعمدة الحكمة السبعة»، فضلاً عن مصادر عربية وانكليزية في الأرشيفات البريطانية والأردنية تؤرخ للأحداث التي وقعت آنذاك». ويشير عكو إلى انه عانى من «ندرة المراجع التي تتحدث عن طبيعة العلاقات الإنسانية خارج النزاعات السياسية، وعن ملامح الحياة الاجتماعية التي كانت سائدة في تلك المرحلة، ما اضطره إلى الاعتماد على الخيال، «فحتى كتاب لورنس، المشار إليه، لم يكن يحوي أية شخصية نسائية، مثلاً».
يستعين فريق العمل بالمصور الفرنسي فرانسوا كوبي، وبخبرة إيرانية في المكياج، ويجسد دور لورنس العرب الفنان جهاد سعد، ويشاركه في تجسيد الأدوار الأخرى عدد من الفنانين بينهم مرح جبر، رنا ابيض، زهير رمضان، وعبد الحكيم قطيفان وسواهم... ويُقدم المسلسل بلهجات عدة مثل اللهجة البدوية، والشامية، إضافة الى بعض الحوارات باللهجة العراقية والمصرية. وكذلك هناك بعض الحوارات باللغتين الإنكليزية والتركية، وهو «عمل ضخم إنتاجياً»، كما يعبر عكو، ومن المنتظر أن يعرض في رمضان المقبل.
إبراهيم حاج عبدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد