الموت في العراق
لم تكن ام سعدون وام عدي هما الوحيدتان اللتان كانتا تنتظران جثة ولديهما بعد ان تعرضا للقتل ومجموعة من زملائهما في منطقة الزعفرانية، فمنذ اسبوعين والجثث تقطن في مشرحة باب المعظم ببغداد وكلما خرج ذووهم لتسلم الجثث تبعتهم سيارة يستقلها مسلحون في محاولة لاحباط محاولة تسلم الجثث.
يقول والد عدي المنكوب بمقتل ولده الشاب لـ«الشرق الأوسط» ان «الشخص الذي جعلنا نستدل على جثث الشهداء الذين قتلوا من قبل جهة مسلحة لا نعرف انتماءها قتل ايضا في محاولة منه لايصال بقية الاهالي الى جثث ابنائهم فقد قتل ذلك الشخص في الطريق ليعود البقية دون ان يتسلموا ثلاث جثث اخرى».
ويقول احد الباعة امام دائرة الطب العدلي ببغداد ان عدة مواجهات قد حصلت اثناء تسلم عدد من الاهالي لجثث ابنائها، مشيرا الى ان تلك المواجهات ادت الى مقتل عدد من المشيعين الذين نكبوا بمقتل اولادهم. وقال مصدر في دائرة الطب العدلي رفض الكشف عن اسمه «ان عددا من الموظفين قد تركوا عملهم لهذه الاسباب وقد قدموا اجازات هي في حقيقتها ترك للعمل ولان الاوضاع الأمنية غير مستقرة ابتداء من بوابة الطب العدلي وحتى شوارع بغداد جميعها»، موضحا ان المواجهات قد حصلت في اماكن امام الطب العدلي وان عددا من القتلى قد بقي في الدائرة لعدم تمكن اهاليهم من تسلمها.
من جهته، اوضح احد متعهدي دفن الجثث انه قد دفن خلال اسبوع واحد اكثر من مائة جثة. واوضح انه بدأ بالعمل كمتعهد قبل عام وان عمله اصبح يدر عليه ربحا كبيرا بعد ان استدل ذوو الضحايا على مكانه لكن قال لنا بحزن عميق ان كل الذين قام بدفنهم هم تحت سن الثلاثين وقد بانت عليهم آثار التعذيب.
وكان عضو مجلس النواب عن جبهة التوافق العراقية طه اللهيبي بان تكون حماية دائرة الطب العدلي من واجبات السلطة التنفيذية وليس من سلطة المليشيات. وقال في جلسة مجلس النواب الثلاثاء الماضي ان المواطن العراقي لا يستطيع الذهاب الى الطب العدلي اذا كان لديه متوف او مقتول لانه سيقتل من قبل هذه المليشيات. واضاف اللهيبي «ان المسألة الاخرى التي من الضروري ان نضع لها حدا هي عملية الاعتقال التي يتعرض لها المواطن بدون اي دليل ملموس من قبل القوات الاميركية وهذا العمل يخالف ما نصت عليه مبادئ حقوق الانسان».
وقال عدد من ذوي الضحايا امام دائرة الطب العدلي إنهم يتواجدون منذ الصباح ومنذ ثلاثة ايام لتسلم الجثث للصعوبة في الاستدلال لكثرة الضحايا في الفترة الاخيرة واشار بعض ذوي الضحايا الى انهم استدلوا على قتل اولادهم من الصور التي تخزن في اجهزة الكومبيوتر داخل دائرة الطب العدلي ولكن المشكلة في كثرة الضحايا وان تجاوز العدد للحد الذي تسمح به ثلاجات الدائرة سيؤي الى دفنهم من قبل متعهد وهنا تبدأ المرحلة الجديدة للبحث عن الجثث.
المصدر: الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد