إسرائيل توضح تهديداتها الأخيرةللبنان:تصفيةالجيش وتدميرالبنى التحتية
أثارت تصريحات قائد الجبهة الشمالية الجنرال غادي آيزنكوت حول جاهزية قواته للحرب وبشأن »نظرية الضاحية«، تساؤلات ونقاشات في العديد من الأوساط المتابعة للشأن الأمني في إسرائيل. وثمة من رأى فيها محاولة لاستخلاص العبر من حرب لبنان الثانية وترسيخ قواعد جديدة في نظرية الأمن الإســرائيلية، فيــما رأى فيها البعض مجرد صراخ فارغ.
وأثار المراسل العسكري لصحيفة »هآرتس« عاموس هارئيل تساؤلات حول الحرب المقبلة، في ظل تصريحات آيزنكوت والعديد من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين. وأشار إلى أن الرؤية الواضحة تفيد بأن الحرب المقبلة لن تختلف عن الحرب السابقة. فقد ساد انطباع بعد الحرب بأن الجيش تعلم الدرس وأنه سيعود بسرعة إلى مفاهيم الحركة والمناورة، لكن تصريحات آيزنكوت أكدت استمرار الاعتماد على القوة النارية وخاصة من الجو.
ولاحظ هارئيل أن مقالتين لضابطين كبيرين يشاركان في سياقات التفكير العسكري، تظهران أن الجيش الاسرائيلي سيواصل إعطاء أولوية عليا لاستخدام القوة النارية، برغم أن الاهداف التي ستضرب ستكون مغايرة عن تلك التي استهدفت في الحرب الاخيرة. وأشار هارئيل إلى أن النقاش الدائر ليس نظرياً، فاحتمال تدهور الوضع على الحدود مع لبنان »هو سيناريو محتمل. السيناريو كفيل بأن يتحقق كنتيجة لعملية انتقام لاغتيال كبير حزب الله عماد مغنية أو كعملية وقائية إسرائيلية ضد ما يسمى كـ»خط احمر«، إدخال صواريخ مضادة للطائرات حديثة الى لبنان«. وتحدث آيزنكوت عن »نظرية الضاحية« ليس كتوصية وإنما كخطة عمل مقرة.
ويوسع الصديق المقرب من آيزنكوت، العقيد احتياط غابي سيبوني، في مقالة نشرها في إطار معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الاساس النظري لتصريحات صديقه. وكتب سيبوني »يأخذ في التبلور مفهوم حديث في رد إسرائيل على تهديد الصواريخ والقاذفات الصاروخية من سوريا، لبنان وقطاع غزة«. الحل؟ »ضربة غير متوازنة، تمس باللباب الضعيف للعدو، حيث الجهد الموجه لضرب قدرات إطلاق الصواريخ يكون ثانوياً. فور اندلاع المواجهة سيكون الجيش الاسرائيلي مطالباً بالعمل بسرعة وبقوة عديمة التناسب، مع تهديد العدو وضربه ومعاقبته بحجم يستدعي سياقات إعادة بناء طويلة وباهظة الثمن. ضربة كهذه يجب ان تتحقق في وقت قصير قدر الإمكان، في ظل تفضيل الضرب بالقوة النارية على المطاردة لكل وسيلة إطلاق... مثل هذا الرد كفيل بأن يحافظ على ذاكرة متعددة السنين لدى اصحاب القرارات في سوريا وفي لبنان، مما يعمق الردع«.
غير أن الجنرال غيورا آيلاند، الذي ترأس شعبة التخطيط في هيئة الأركان حتى وقت قريب، يقول في مقال سينشر الأسبوع المقبل في المعهد نفسه إن إسرائيل فشلت في حرب لبنان الثانية وأنها ستفشل في حرب مقبلة لأنها تقاتل ضد العدو غير الصحيح: حزب الله بدلاً من الدولة اللبنانية. وبحسب ما نقلت »هآرتس« عن هذه المقالة، فإنه لا يمكن الانتصار على منظمة عصابات تعمل برعاية دولة محصنة من الرد.
ويكتب ايلاند أن »حزب الله يعمل في ظروف مطلقة من جهته. ثمة في لبنان حكومة شرعية مدعومة من الغرب، ولكنها عملياً خاضعة تماماً لإرادة المنظمة الشيعية«. ويقترح ايلاند خطوة مسبقة: نقل رسالة اسرائيلية قاطعة في معناها الى الحكومة اللبنانية، منذ الآن، مفادها انه في الحرب القادمة ستتم تصفية الجيش اللبناني، وستدمر البنى التحتية المدنية وسيعاني السكان اللبنانيون. وكتب، »في بيروت لن يذهبوا الى البحر في الوقت الذي يجلسون فيه في حيفا في الملاجئ«.
وكتب ران أدليست في »معاريف« امس أن خبراء الأمن في إسرائيل عادوا يكررون أنهم أجروا التدريبات اللازمة واستخلصوا العبر من الحرب. وقال إن »الحسم في الحرب لا يقاس (فقط) بالتدريبات والمناورات وإنما أيضا بروح القتال وباستيعاب أسباب وأهداف والاستعداد للموت. ولكن العنصر الأهم هو شحنة الذاكرة الجمعية للجيش في كل ما يتعلق ببيئة القتال التي يعمل فيها حاليا والتي منها سينطلق لخوض الحرب المقبلة«.
واعتبر أدليست أن »ميدان القتال الحالي قائم في ظروف تناسب قوى أفضل مرات عديدة لمصلحتنا، في كل ما يتعلق بعمليات التعامل مع العنف وليس القتال الفعلي. وإذا كان هناك تفوق شبه سخيف في تعابير »القتال«، فإن أي تدريب في العالم لن يشبه ميدان الحرب. بل العكس صحيح: شحنة ذكريات من هذا النوع تقتل القدرة لبناء روح قتالية من نوع مغاير تماماً. فمن أجل اعتقال طفل في الـ١٢ من العمر في قرية نعلين يتم تفعيل كتيبة تحت قيادة لوائية ويتم إطلاق النار وقتل صبي في الـ١٥ من العمر لأنه ألقى حجارة. وعندما تصل هذه القوات إلى وضع تصطدم فيه بقوة كبيرة وأشد عزماً ولفترة أطول، ويكون عليها واجب الهجوم، لن يكون واضحاً كيف سيتصرف الجنود، خاصة على أرضية مجتمع يطفح بالترف وتحت قيادة موضع استفهام«.
ويرى ادليست في الجيش الإسرائيلي »خادماً للسياسيين وجهاز الامن الداخلي (الشاباك). ودوره تنفيذ التعليمات، بما فيها التعليمات الصادرة عن ضعف المستوى السياسي وانعدام قدرة الشاباك على إدارة صراع استخباراتي من دون المساس الكبير بالسكان. والنتيجة هي المحافظة على الأمن الآن بثمن خلق لا أمن في المستقبل«.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد