فنانون مثّلوا بالجملة.. ولكن ماذا عن الملل التلفزيوني وقد وقع؟
يوماً ما، سيكون واحداً من أكثر المطالب الجماهيرية الملحة، وجود لجنة لمكافحة الملل التلفزيوني، بعد أن شهدنا هذا العام مشاركات فنية »بالجملة«، أي أن نجماً واحداً حضر أحياناً في أكثر من أربعة مسلسلات، لا بل أحياناً ثمانية، كما هي الحال مع الفنانة لورا أبو أسعد والفنانة شكران مرتجى التي اعتبرت في حوار صحافي معها أنَّ تقديمها لهذا الكمِّ من المسلسلات هو اعترافٌ من المخرجين بإمكاناتها.
يكاد الأمر يكون مقبولاً إذا ما قيس بمساحة أدوار الممثلين وعدد مشاهدهم المحدودة نسبياً في كلِّ مسلسل، إلا أنَّ المـثير أن نجــد نجوماً من الصف الأول في لعبة »الجملة« هذه، كما كان الحال مع الفنانة كاريس بشــار، والتي لا نناقش هنا قدرتها على تنويع أدوارها، ولكننا نستغرب، بلا حسد، كيف استطاعت تقديم أدوار رئيسة في مسلسلات »أهل الراية« و»حارة عالهوا« و»ليس سراباً« و»زهرة النرجس«؛ حيث من المفترض أنَّ تصوير تلك المسلسلات جرى في وقت واحد تقريباً من السنة، الأمر الذي يثير بدوره شهوة أسئلة تبدأ مع: كيف يستطيع فنان التوفيق بين هذه الأعمال؟ وكيف يمكنه حفظ الشخصيات والعمل عليها؟ والأهم هل المسألة مسألة ظهور أم حضور؟
في السياقات العامة، سيبدو مغرياً للممثل أن يقدِّم شخصيات تمثيلية متنوعة ومتناقضة، فذلك هو المجال الأرحب لإبراز قدراته التمثيلية، ولكن ثمة سؤال أخلاقي يتعلَّق بالفنان بوصفه قيمة اجتماعية تملك تأثيرها على المشاهد، وإلا كيف لشخصية »حنان« التي تؤدِّيها الفنانة كاريس بشار في مسلسل »ليس سراباً« أن تشيع فكراً تنويرياً عند الساعة التاسعة مساء لتعود بعد ساعتين على القناة ذاتها في مسلسل »أهل الراية« بشخصية دلال المرأة التي تقطر حقداً وشراً؟
في مسلسلات البيئة والموروث الشعبي، بدت المشكلة أشدّ وطأة على المشاهد الذي كان مجبراً على بذل جهد مضاعف لفضِّ التشابك بين المسلسلات، بعد أن تكرَّرت الوجوه التمثيلية فيها، وتشابهت في حدود كثيـرة، فالفــنانة شكران مرتجى أدت دوراً واحداً تقريباً في مسلسلين اثنين هما »أهل الراية«، و»الحوت«.. ففي الأول هي زوجة تعاني من أخت زوجها، وفي الثاني هي أخت تعاني من زوجة أخيها.. فإذا ما أضفنا دورها في »باب الحارة« واكتفينا بالصورة وحسب، فسيصبح من الصعب الفصل بين المسلسلات الثلاثة. بدوره، ظهر الفنان ناجي جبر في ثلاثة أعمال تنتمي إلى دراما البيئة الشامية هي: »بيت جدي« و»أهل الراية« و»أولاد القيمرية« من خلال ثلاث شخصيات متشابهة إلى حدٍّ كبــير، ومــثله أطلّتُ الفنانة هدى شعراوي في مسلسلات »باب الحارة« و»بيت جدي« و»أهل الراية«. وفي هذه المسلسلات أيضاً سيظهر الفـنانون؛ رفيق سبيعي، خالد تاجا، عبد الرحمن آل راشي، وفاء موصللي، أيمن رضا، أناهيد فياض، منى واصف، سليم كلاس... وكثيرون غيرهم في عملين على الأقل، والمشكلة هنا تبدأ من أن الأعمال جميعها تتــناول الفترة الزمنية ذاتها، أي أن التشابه لن يقتصر على وجوه الممثلين، بل على لغتهم وملابسهم والبيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها! وللمشاهد ان يتدبر أمره للتفريق بين مسلسل وآخر.
ولعل الفضيلة الوحيدة التي تحسب لطفرة »التمثيل بالجملة« هذه، أنها أسقطت اليافطات العريضة التي لطالما رفعها الممثلون واستطردوا في شرحها، عن كيفية اشتغالهم على أدوارهم التمثيلية، وكيف بحثوا عن ظلال تلك الشخصيات في الشوارع وعايشوها.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد