«ليل ورجال» أول مسلسل تلفزيوني سوري يواجه الشعوذة
أم محمود وأم علي وأم ميشيل نجمات أو بصارات سوريات يعشن حالاً من الغضب لعرض المسلسل «ليل ورجال» على شاشة الفضائية السورية وقنوات أخرى. يزيد غضب أم محمود وصديقاتها إن فناجين الزبائن لم تعد تصل بشركات النقل كما كان يحصل سابقاً. كان هؤلاء يرسلون فناجينهم وفي داخلها 300 ليرة أو ما يعادل ستة دولارات قبل أن يتصلوا بها لمعرفة ماذا ظهر بالفنجان. تلقي أم محمود وزميلاتها اللوم في ذلك على مسلسل «ليل ورجال» الذي نفّر الناس من أعمال التنجيم أو التبصير كما يقولون عنها بالعامية السورية. وهو الأمر الذي يؤكده عامل البيتون احمد عمران الذي رأى بأن المسلسل أظهر «لنا نحن الناس البسطاء بأن التنجيم وغيره ما هو إلا ضحك على اللحى، أو مسخرة».
يدين المسلسل ظاهرة الشعوذة الواسعة الانتشار في سورية. إذ لا يكاد يمر أسبوع من دون السماع بقصة سلب ونهب يقوم بها أشخاص يقدمون أنفسهم على أنهم متدينين ومنجمين بهدف الحصول على مكاسب مادية. ووصل الأمر في بعض المناطق إلى قيام مشعوذين بالاعتداء على زبائنهن من النساء. ويتميز «ليل ورجال» بأنه تخطى الفوضى والعنف وارتفاع معدلات الكوارث الطبيعية والحروب والأمراض التي يتسم بها هذا الزمن، ليكون أول مسلسل تلفزيوني سوري يتطرق إلى هذه الظاهرة ويدق ناقوس الخطر منها. لكن ميزته أنه يكشف أيضاً عن ابرز الأسباب الكامنة وراء انتشارها بهذا الشكل الواسع. وفي هذا السياق يقول مخرج العمل سمير حسين «غياب الوعي الاجتماعي عند الناس إضافة إلى حالة اليأس المتشكّلة نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ يدفعان المجتمع إلى حال من التردي، تتجلى أحد مظاهرها في اللجوء الى هذا الطقس المُدان اجتماعياً ودينياً وثقافياً».
- ولعل من إيجابيات هذه العمل إلقاء الضوء على كيفية تعاطي الأرياف مع الشعوذة بعيداً من الأحكام المسبقة التي يطلقها عليهم أهل المدن مثل الحكم عليهم بأنهم أقل وعياً بالغيبيات. ما يجعلهم أكثر تعرضاً لمكائد المشعوذين الذين لا يترددون في إرجاع قدرتهم المزعومة إلى «نعمة إلهية». غير أن المسلسل يظهر على حق أن الفروق ليست واضحة في أسلوب التعاطي مع المشعوذين بين الريف والمدينة على حد تعبير علياء سمعان.
وفي ما يتعلق بالناحية الفنية فقد أتقنت كاميرا المسلسل في متابعة حركات الفنانين في شكل دقيق كما هو عليه الحال في شخصية صفاء سلطان التي تمثل دور أمينة. هنا تظهر الكاميرا براعتها في متابعة حركة اليدين وتراقص الشفتين ونداءات العينين في شكل عكس حيوية هذه المرأة التي حرمها سلوك زوجها من الحب والتمتع بجسدها. لكن المشكلة كانت في بيئة التصوير التي تم تجميلها في شكل أظهر تنافراً بين عفوية الفنانين وهذه البيئة المصطنعة.
يبقى السؤال يطرح نفسه هل نجح «ليل ورجال» في توجيه رسائل توعية إلى مختلف شرائح المجتمع السوري؟ يعتقد عامر ذهبي أحد المتابعين للمسلسل بأن الرسالة وصلت ولكن في شكل ضعيف. ويعود السبب في رأيه إلى سطحية المعالجة في بعض المقاطع، إضافة إلى عدم تشريح البيئة التي تساعد على انتشار الشعوذة حتى في صفوف أبناء الطبقات الوسطى التي حظيت بقسط لا بأس به من التعليم والتأهيل.
عفراء محمد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد