الـ «إف.بي.آي» الأميركي بدأ بـ 40 موظفا وانتهى بـ 30000 بعد قرن من تأسيسه
تأسس مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية الـ (اف.بي.اي)، الذي أعلنت بريطانيا امس عزمها الى تأسيس جهاز يماثله في أهدافه وطريقة نشاطه، عام 1908 باقتراح من الرئيس ثيودور روزفلت كقسم للتحقيقات تابع لوزارة العدل الأميركية، ومنذ ذلك الحين توسع المكتب في عدد موظفيه من 40 موظفا فقط وقت التأسيس إلى حوالي ثلاثين ألف موظف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وتعود أول زيادة ملموسة في أعداد الموظفين التابعين للمكتب إلى عام 1921 حيث ارتفع العدد إلى 650 موظفا، بينهم 441 محققا بالتزامن مع تزايد نشاط العصابات الإجرامية في الولايات المتحدة الأميركية. وكانت ساحة عمل المكتب تقتصر كليا على الأراضي الأميركية ولا دخل له في أي عمل خارج الولايات المتحدة، حيث أنيط العمل في الخارج بوكالات أمنية أخرى. ونتيحة لتصاعد أعمال المكتب في مطاردة المجرمين ورجال العصابات داخل الأراضي الأميركية، سقط أول قتيل من موظفي المباحث الفيدرالية عام 1925 أثناء أداء عمله وهو إدوين شانهان.
في أغسطس (اب) 1940 أنشأ المكتب فرقة خاصة بالكوارث بعد أن تم استدعاؤه للتحقيق في أسباب تحطم طائرة في فرجينيا. واشتهر الـ (اف.بي.اي) في أوائل الأربعينات، وبالتحديد أثناء الحرب العالمية الثانية بمطاردة المشتبه بتجسسهم للألمان واعتقال النازيين الذين تمكنوا من اختراق الأراضي الأميركية. ومن البرامج الشهيرة التابعة للمكتب «قائمة أخطر المطلوبين»، التي بدأ العمل بها في 1950. وتشمل حاليا عددا كبيرا من العرب، على رأسهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وفي بقية سنوات الخمسينيات، تركز نشاط الـ (اف.بي.اي) في مطاردة الجواسيس السوفيات وتمكن المكتب من اعتقال العديد منهم. أما في الستينات فقد كانت أشهر قضية تولى الـ (اف.بي.اي) مسؤولية التحقيق فيها، جريمة اغتيال الرئيس الأميركي جون كنيدي في 1963، من دون أن يتمكن المكتب من كشف جوانب الغموض في جريمة الاغتيال.
وفي عام 1968 جرى في لندن اعتقال جيمس إيرل راي وسلمه البريطانيون للـ (اف.بي.اي) حيث أدين في وقت لاحق باغتيال داعية الحقوق المدنية الأميركي الدكتور مارتن لوثر كينغ.
وركز الـ (اف.بي.اي) في سنوات السبعيينات من القرن الماضي على الدراسة الأكاديمية والبحث العلمي للاستعانة بهما في كشف الجرائم، حيث أسس المكتب في 1972 كلية للدراسات الأكاديمية تابعة له لتدريب المحققين في قاعدة كوانتكو بولاية فرجينيا، وفي عام 1978 بدأ الـ (اف.بي.اي) في تطوير تكنولوجيا جديدة لكشف المجرمين عن طريق بصماتهم وحفظ سجلاتهم في أرشيف المكتب.
أما استخدام الـ (اف.بي.اي) لأجهزة الكومبيوتر على نطاق واسع في المكتب الرئيسي وفي الميدان فقد بدأ في 1984 وتطور منذ ذلك الحين ليصبح تخزين المعلومات في أجهزة الكومبيوتر من المهام الحيوية الرئيسية.
وفي عام 1988 ارتفع عدد موظفي الـ (اف.بي.اي) إلى 13651 بينهم 9663 محققا. ومن أشهر من تولى إدارة المكتب لويس فرية الذي عينه الرئيس الأميركي بيل كلينتون في المنصب عام 1993 وتم التركيز في سنوات التسعينيات على مكافحة جرائم الخطف ومكافحة تجارة الجنس واساءة معاملة الأطفال أو نشر صورهم عبر الإنترنت. كما كانت قضية تيموثي ماكفي الذي فجر مقر الحكومة الفيدرالية في أوكلاهوما من أشهر القضايا التي شغلت الـ (اف.بي.اي)، حيث تمكن المكتب من إثبات الجرم عليه وإدانته في 1997 وكان الحادث من أسوأ حوادث الإرهاب داخل الأراضي الأميركية قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول). كما شهدت سنوات التسعينات أول نشاط مكثف للمكتب خارج الأراضي الأميركية عقب تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.
وتزايد النشاط الخارجي كذلك عقب تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في ميناء عدن اليمني في أكتوبر (تشرين الأول) 2000. وحدث نوع من التنافس والخلاف بين الـ (اف.بي.اي) ووكالة الاستخبارات الأميركية بسبب تعارض الاختصاصات وامتداد التحقيقات إلى أراضي الدول الأجنبية، وهي الأراضي التي تعتبرها وكالة الاستخبارات المركزية ساحة لها. وفي سبتمبر 2001 كانت نقطة التحول الكبرى في نشاط الـ (اف.بي.اي) حيث تولى المكتب أوسع عملية تحقيق في تاريخه، وهو التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ورأس الـ (اف.بي.اي) منذ ذلك الوقت روبرت موللر، كما زاد الضغط على الـ (اف.بي.اي) في نفس العام بسبب تزايد حالات إرسال الأنثراكس للمكاتب الحكومية في العاصمة واشنطن.
وأعلن مدير المكتب روبرت موللر في ديسمبر (كانون الأول) 2001 إعادة تنظيم المكتب ليتماشى عمله مع التطورات الجديدة في الساحة. من أهم العمليات التي قام بها المكتب خلال السنوات القليلة الماضية، عملية استدراج القيادي الإسلامي اليمني محمد المؤيد لمحاكمته في الولايات المتحدة بتهمة جمع التبرعات لحركة «حماس»، حيث نجح المكتب في إدانة الشيخ المؤيد عن طريق تسجيل اعترافاته بالصوت والصورة في أحد فنادق مدينة فرانكفورت الألمانية. يستعين مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية حاليا بعرب من حملة الجنسية الأميركية أو الإقامة الدائمة في الترجمة وتدريس اللغة العربية حيث يستقطب في مقره الرئيسي في واشــنطن مدرسين متخصصين في اللغة العربية يلقون محاضراتــهم عبر كاميرات تلفزيونية مغلقة منعا للاحتكاك المباشر مع طلابهم. يعتمد الـ (اف.بي.اي) على شبكة الإنترنت بشكل كبير في تلقي البلاغات من المواطنين الأميركيين عن أي نشاطات مشبوهة قد يلاحظونها في الأراضي الأميركية.
الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد