البحث عن السكينة في أجواء متوترة
الإرهاق ظاهرة باتت شبه منتشرة في عصرنا الحاضر حيث نعاني من الضغط النفسي أينما اتجهنا وكيفما تحولنا..
فما مظاهر الإرهاق وكيف نواجهه وهل يمكننا التخفيف من حدته?.
منذر أيوب يعمل موظفاً في إحدى الشركات الخاصة بدوام طويل يمتد من الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً ويقول: طبيعة عملي تقتضي وجودي خارج المنزل لساعات طويلة وهذا يؤدي إلى عدم انتظام تناولي الطعام حيث أكتفي في أثناء العمل باحتساء القهوة والشاي والتي قد تتجاوز أحياناً الحد المعقول ,فطبيعة العمل بشركتنا لا تسمح بتناول شيء غير المشروبات وعندما أعود إلى المنزل في المساء أتناول وجبة دسمة وغنية وكبيرة وبعد تناول الطعام وعلى الرغم من التعب والإرهاق الشديدين اللذين أشعر بهما إلا أنني لا أستطيع النوم بسهولة وقد ألجأ في كثير من الأحيان إلى تناول المهدئات.
عبير دالاتي سنة رابعة كلية الحقوق تقول:في أثناء فترة الامتحان كنت أشعر بتعب وإرهاق شديدين بحيث يصبح تركيزي أقل وانتباهي مشتتاً وربما هذا يعود إلى عدم انتظام أي شيء لا النوم ولا الطعام ولا أوقات للراحة.. المهم أنني ظننت أنني مريضة وأنني بحاجة إلى علاج طويل لأنني كنت مشغولة كثيراً كوني على أبواب التخرج فقد أرجأت مشروع الذهاب إلى الطبيب إلى ما بعد الامتحان ولكن فقد تغير كل شيء والآن عدت كما كنت وأفضل وعندما حدثت أخت صديقتي في جلسة ترفيهية عن الأعراض التي لازمتني أثناء الامتحانات أخبرتني بأنها ناتجة عن التعب الشديد والإرهاق.
سوسن مرهج حاصلة على الشهادة الثانوية ولم تجد فرصة عمل مناسبة تقول: تعرضت هذا العام لظروف صعبة حيث توفي والدي الذي كنت أشعر بأنه كل شيء بالحياة بالنسبة لي فهو أبي وأمي وصديقي وكان في كثير من الأحيان يأخذ دور أمي وذلك في الاستماع إلى مشكلاتي باهتمام والمساهمة في حلها مهما كانت صعبة بالنسبة إلي وبفقده أحسست بأنني خسرت كل شيء وبدأت أشعر بتشنجات عصبية مرة في رقبتي ومرة في معدتي وثالثة في منطقة الكولون ولقد خشيت والدتي وكذلك إخوتي عليّ كثيراً وأخذوني إلى الطبيب حيث أجرى لي كل التحاليل وكذلك التصوير ولم ير شيئاً وأخيراً توصل إلى حقيقة مفادها أن الحالة النفسية المرهقة أدت بي إلى ذلك.
علا وجدي في الأربعينات من عمرها تقول: أنا التزم بكل ما أسمع بأنه ينتمي إلى القواعد الصحية حيث أتناول طعامي بأوقات محددة وأحاول اختيار نوعه بحيث يكون صحياً وخالياً من الدسم وأعتمد طريقة الطبخ المسلوق وأذهب إلى سريري في العاشرة مساءً ولو لم أكن أشعر بالنعاس وأعتذر عن أي مشروع ترفيهي قد يتضارب مع برنامجي الذي قررت تنفيذه حتى أن الجميع بات يعرف طبيعتي بالانتظام في كل شيء ومع ذلك بدأت أشعر بانحطاط عام ووهن في جسدي وعندما ذهبت إلى الطبيب وأخبرته عن حساباتي الدقيقة في كل شيء ولكل شيء طلب مني التغيير والتجديد وكسر الروتين الذي أعيشه حيث لم يكتشف أي خلل عضوي لما أشعر به.
نقلنا إلى الاختصاصية النفسية السيدة نيرمين عبد لكي معاناة هؤلاء جميعاً وسألناها رأيها من الناحية النفسية بتلك الحالات فقالت: من المفترض أن يذهب التعب أو الإرهاق لدى خلودنا إلى النوم وتمتعنا بالراحة التامة ولكن لا بد من الإشارة إلى أن هناك فترات عصيبة تمر بالمرء وتولد شعوراً لديه بالتعب الدائم مثل فترة الامتحانات التي يشعر بها الطلبة بالتعب المستمر والسبب يعود إلى الجهد الفكري الكبير والنوم القليل وكذلك فإن من يقوم بجهد متواصل دون الحصول على التغذية اللازمة مع شرب الكثير من القهوة والشاي وهما غنيتان بالكافيين فإنه من الطبيعي أن تظهر لديه مظاهر التعب والإرهاق وعدم المقدرة على النوم بشكل طبيعي أيضاً فإن التمسك بالروتين بشكل زائد عن الحد قد يؤدي إلى ضغط نفسي يظهر على شكل تعب.
لذا فإنه يفضل اتباع ما يلي: احترام ساعة النوم لأنها الوسيلة الأفضل للتخلص من تعب النهار, كما ينبغي للتخلص من تعب النهار عدم مقاومة النعاس وإلا فإنه سيصعب على المرء الإغفاء والتمتع بنوم هانئ وكذلك ينبغي تنويع الأكل والحرص على تناول جميع الفيتامينات والبروتينات والسكريات اللازمة لجسم الإنسان وذلك لتجديد الخلايا والإمداد بالطاقة اللازمة مع كمية قليلة جداً من الدهنيات وكذلك يجب القيام بنشاط رياضي مناسب للجسم لأنه الطريقة المفضلة للتخفيف من الضغط النفسي وهنا أود أن أشير إلى ضرورة اختيار كل شخص لنوع الرياضة المناسبة له ولا بأس من قيام الجميع برياضة المشي اليومية ولو لمدة نصف ساعة حيث تعمل على تحسين الجهاز التنفسي وتنشيط القلب.
أخيراً: الجميع ينصح براحة البال والابتعاد عن المنغصات لتجنب الأمراض حتى العضوية ولكن السؤال كيف يمكن الحصول على الراحة والسكينة في أجواء هي بحد ذاتها متوترة؟!.
ميسون نيال
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد